باختصار شديد، بدأت الانتخابات النيابية في زحلة والبقاع الأوسط، وأخذت الأعين تراقب هذه الدائرة الانتخابية، وتعيد وضعها تحت مجهر المتابعة. إنها من جديد «بيضة» قبان الانتخابات النيابية المقبلة، على حد قول أنصار 14 آذار. وهؤلاء، وفي مقدمتهم تيار المستقبل والقوات اللبنانية، أطلقوا ماكيناتهم الانتخابية. أنصار 8 آذار لا يخالفون خصومهم الرأي، لكنهم مشغولون اليوم بالسعي إلى ترتيب البيت الداخلي، واعادة وصل ما انقطع وترطيب الأجواء في ما بينهم.
وفي هذا السياق كشف مصدر لـ «الأخبار» أن اتصالات تجري لإعادة نسج علاقات تحالفية بين التيار الوطني الحر وتيار الكتلة الشعبية، التي يتزعمها الياس سكاف، يعمل عليها قادة من حزب الله وأصدقاء مشتركون بين الطرفين. وتضيف المعلومات إن الاتصالات الأخيرة لم تفض الى نتيجة تذكر، إذ يتمسك كل طرف بشروطه التي يبدو أنها تتجه نحو مزيد من التعقيد.
وأوضح المصدر أن سكاف يملك وجهة نظر تقول إن إعادة التحالف الانتخابي وفق سيناريو انتخابات 2009 «شبه مستحيلة ودونها صعوبات»، موضحاً أن للوزير الزحلي السابق قراءة خاصة للفوز في انتخابات 2013 و«قد أبلغ بها الحلفاء والأصدقاء وهي مقنعة نسبياً». وتشير المعلومات الى أن سكاف «يحبذ لائحة تكون رافعتها العائلات مدعومة من الأحزاب»، وأن فكرته هذه تلقى دعماً وتأييداً من أقطاب وشخصيات في تحالف 8 آذار، وعند أصدقاء مستقلين عادوا للوقوف خلف سكاف، بعدما ابتعدوا عنه في انتخابات 2009.
وقال سكاف في دردشة مع «الأخبار» إن الاتصالات السياسية مع حلفائه مستمرة وقائمة ولم تنقطع، موضحاً أن الحديث بينهم يتركز على الانتخابات النيابية في زحلة والبقاع الأوسط. يرفض الكشف عن الأفكار المطروحة لشكل التحالف الممكن في زحلة، مؤكداً أن علاقته مع التيار الوطني الحر «ممتازة»، «لكن علينا اعادة قراءة ما جرى في انتخابات 2009 وتقويمه والاستفادة من الأخطاء». وأعرب عن اعتقاده بأن الانتخابات المقبلة ستكون قاسية أيضاً، «لذا يجب أن ندرس خطواتنا بهدوء وبعيداً عن الفوضى والغرور، لأننا نريد أن نأكل عنباً لا أن نقتل الناطور»، رافضاً الحديث عن نتائج الحوارات المفتوحة مع الحلفاء والأصدقاء والمستقلين في لبنان وزحلة ومنطقتها.
دعوة سكاف إلى التأني في رسم مشهد التحالفات في الانتخابات المقبلة و«بعد بكير»، تقابلها حماوة في الاستعداد للمنازلة المقبلة على أرض زحلة والبقاع الأوسط، حيث إنّ آخر الاستطلاعات الانتخابية، التي أُجريت لصالح قوى حزبية وفاعليات ومرشحين محتملين، أظهرت أن القوى الانتخابية الفاعلة اليوم في مدينة زحلة، التي تملك قدرات تجييرية بنسب متفاوتة، جاءت وفق الترتيب الآتي: القوات اللبنانية ثم تيار الياس سكاف فالتيار الوطني الحر ورابعاً حزب الكتائب وخامساً المطران عصام درويش، وفي آخر السلم الوزير نقولا فتوش. ويقول بعض المتابعين للشأن الانتخابي في المدينة إن اعادة نسخ تحالف 2009 لن تغير في المعادلة نهائياً حتى بانضمام النائب نقولا فتوش إلى فريق سكاف ـــــ عون. ويوضحون أن سكاف أبلغ من يعنيهم الأمر أن تحالفاً كهذا سيعطي النتائج نفسها، «لذا لا بد من ابتداع صيغة تحالفية جديدة تضمن الفوز المؤكد». ويلفتون الى أن القاعدة السكافية التي انقلبت على رئيسها في انتخابات 2009، واقترعت لـ14 آذار استعادها الرجل، «لكن لها شروطها». ويكشف هؤلاء المتابعون أن نجاح سكاف في استعادة ما خسره من قاعدته الشعبية و«خصوصاً في الوسطين الماروني والسنّي»، لا يمكنه أن يجيره لتحالف منسوخ عن تحالف 2009، وبالتالي فإن الرجل سيخسر ما استعاده. ويرى هؤلاء أن ضمان فوز 8 آذار في انتخابات زحلة 2013 يجب أن يكون من خلال ترشيح وجوه تلقى صدى إيجابياً عند الكتلة الانتخابية المبتعدة عن 14 آذار، وتلك التي استعادها سكاف.
حوارات زحلة الانتخابية التي تتقدم خطوة الى الأمام وتتراجع خطوتين الى الوراء داخل 8 آذار، تخضع لمراقبة تيار المستقبل وحلفائه في القوات اللبنانية عن بعد، مع بدء نشاط ماكينتهما الانتخابية، وإجراء دراسات وإحصاءات محلية. يؤكد مستقلون هم أقرب الى 8 آذار من 14 آذار أن «بيضة» القبان الانتخابية في فريق 8 آذار هو الياس سكاف وتياره «لا النائب نقولا فتوش كما يشيع البعض». ويقول أحد الناشطين على خط صناعة خيار انتخابي مغاير لما صنع في 2009 «إن حزب الله والتيار الوطني الحر والنائب نقولا فتوش لا يمكنهم خوض معركة انتخابية من دون سكاف. وإذا تحالف سكاف مع عون وفتوش فسيخسر مجدداً، واذا ألّف وحده لائحة مكونة من شخصيات من 8 و14 آذار، فإن الخسارة واقعة حكماً على جميع مكونات 8 آذار». ويختم ناصحاً: «على العقلاء في 8 آذار أن يدرسوا الأرض الانتخابية في زحلة جيداً قبل أن يقتلهم غرورهم مرة ثانية».