أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

ما هو مسار الازمة السورية بعد وقف العمليات العسكرية ؟ (العميد أمين حطيط)

الجمعة 13 نيسان , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,919 زائر

ما هو مسار الازمة السورية بعد وقف العمليات العسكرية ؟ (العميد أمين حطيط)

عندما اطلقت مهمة انان في سوريا كان انقسام دولي بين من  راهن عليها لتثبيت انتصاره  و بين من  رأى  فيها هدنة تمكنه من حفظ ماء الوجه و كسب الوقت لاستيعاب النتائج و معالجتها ، و فئة رات فيها كارثة على امالها و احلامها باستلام سريع للسلطة و الحاق سوريا بفضائها الحيوي .

 اما سوريا فقد تعاملت مع مهمة  انان على اساس انها فرصة تختصر المعاناة و تؤدي الى استعادة البلاد امنها و تخرجها  من ازمة دُفعت اليها الى الحد الذي جعل الارض السورية ميداناً  لحرب كونية.


 و الان و قد وصلت مهمة انان الى منعطف حساس بعد ان حققت ايجابيات لم يكن يريدها الفريق المعتدي على سوريا  من قبيل الاقرار الدولي الضمني بمرجعية الدولة السورية و اجهزتها ، و الاقرار الدولي بوجود جماعات مسلحة في سوريا و ان ليس فيها ثورة بمقدار ما فيها عنف مسلح ، و هذا ما فضح الاعلام المعادي لسوريا ، و احرج الفريق الافليمي الداعي لتسليح المعارضة خلافا لمهمة انان السلمية ، كما ان المهمة  اعادت رسم التوزانات الاقليمية و الدولية في الخريطة السياسية المعنية بالازمة االسورية عبر التأكيد على الدور المؤثر لكا من  ايران و روسيا  و الصين .  

أ‌.   رغم هذه الايجابيات  فان مهمة انان  اثارت قلقا  و مخاوف لا يمكن تجاوزها  حيث انها : 


1) اكدت تدويل الازمة و مكنت مجلس الامن الذي اغلق بابه بالفيتو المزودوج الصيني – الروسي و لمرتين متتالتين و منع من استعادة الحالة الليبية في سوريا ، مكنت هذا المجلس من التسلسل عبر البياتات االرئاسية  (غير ملزمة و لا تتعدى التمنيات ) التي باتت تصدر بشكل شبه اسبوعي ، و يجتهد الرئيس خاصة الاميركي حالياً بان يعمم البيان بظروف اعلامية تقود البعض للتعامل معه و كانه قرار . و مع هذا الوضع عادت قوى دولية لتتحدث عن مهل و شبه انذارات توجه الى سوريا باسم مجلس الامن وهو ما انعش امال "المعارضة السورية"  بتدخل اجنبي تريده ، كما سيجعل البسطاء من المعنيين بالشأن السوري يتوهمون بان احتمال التدخل الدولي تزداد حظوظه  . 


2) منحت الفرصة لتركيا و من خلال مخيمات اللاجئين السوريين اليها ان تعود بعد خمود طويل الى الاطلالة على الملف السوري و الظهور بمظهر الفاعل و القادر على التأثير ، كما اعطتها الفرصة لرفع الصوت و العودة الى لهجة التهديد . و رغم ان العارف ببواطن الامور يدرك ان تهديدات تركيا بالعمل العسكري ضد سوريا منفردة او ضمن عمل دولي مشترك هي تهديدات فارغة لا طائل منها لاسباب موضوعية و ذاتية تتعلق بالواقع التركي و محيطه . 


3) منحت لفرنسا و اميركا هدنة تحتاجانها خلال هذه الفترة من المعركة الانتخابية ، لاخفاء الاخفاق و الظهور بمظهر المستمر في السيطرة على الوضع الدولي . هي هدنة يعولان عليها للمراجعة و اعادة الانطلاق في اسلوب مواجهة جديد بعد الفراغ من الانتخابات .  

ب‌. ظواهر تبدو و الى حد ما   مثيرة   للخشية من احتمال  وجود خديعة  ما يجري اعداها  و يكون انان  المخرج لها  خاصة و اننا نسجل نوع من توزع الادوار في المعسكر المعتدي على سوريا نلحظ فيه مواقف ثلاثة  متابعدة ظاهريا و قد تكون منسقة ضمنياً ففيها   :


1) التزام سعودي قطري بتسليح المعارضة السورية و دعمها مع الاستمرار بالدور الاجرامي الذي يقوم به اعلام هاتين الدولتين خاصة فضائيتي  الجزيرة و العربية ، و تلفيق الاكاذيب للتحريض على القتل و الفوضى في سوريا ، و رغم كل الاتصالات و المساعي لم يتبدل موقف هاتين الدولتين بشكل يوحي بالثقة بانهما عادتا الى جادة الحق و الصواب في التعامل مع الازمة السورية .

2) تطوير في الموقف التركي الى حد  دعوة حلف الناتو للقيام بمسؤولياته في الدفاع عن الحدود التركية مع سورية ، و طبعا فاننا نسخر من التبرير التركي للدعوة  و نهزأ من الاسباب التي ارتكزت اليها تركيا للتوجيها ( عدة رشقات نارية سوريا اطلقت في ملاحقة ارهابيين تسللوا من تركيا الى سوريا ) فان في هذا السلوك دلالات لا يمكن تجاهلها .  

3) الدعم الاميركي و الاروبي لمهمة انان مع رفض تسليح المعارضة و التناغم مع موقف انان الداعي الى تجنب عسكرة الازمة السورية لان في ذلك كارثة على المنطقة على حد قوله . 

ج.   لكل هذه الاسباب يكون عل المتابع ان يحذر من الخديعة تلك و التي قد تكون عبر  : 


1) الارتقاء في دور مجلس الامن و تدخله في الازمة السورية وصولاً الى ادخال سوريا تحت الفصل السابع كما طالب الامين العام للجامعة العربية في مؤتمر استنبول ، او اقحام الاطلسي في القضية . و رغم ان الواقع الدولي القائم ينسف هذه الفرضية بشقيها كليا و لا نرى حالياً امكانية واقعية للسير بها  ، فان ابقاءها في الذهن على سبيل الاحتياط يكون واجباً  . 

2) احراج الدولة السورية في عملياتها الامنية الميدانية تحت ذريعة وقف اطلاق النار ، و الضغط عليها للالتزام به في الوقت الذي لا يجد المسلحون من يضغط عليهم او يطيعوه اصلاً و هنا يخشى ان تتكرر مشهدية ما تلا مهمة المراقبين العرب .

3) وقف العملية السياسية الاصلاحية التي انطلقت عبر اصدار القوانين و صولا الى الدستور مع التحضير للانتخابات النيابية ، بذريعة وجوب انتظار الحوار الوطني ، و هو حوار لا يبدو انه سيتم في صيغة انان مع امكانية اجرائه في صيغة سورية داخلية لكنها مرفوضة من الخارج . 

د. و رغم هذه المحاذير و المخاوف  فقد استمرت سوريا الطامحة الى حل سلمي للازمة في التعامل ايجابيا مع مبادرة انان و قدمت على حد قول وزير الخارجية الروسية  اقصى ما يمكن القيام به لانجاح المهمة  وصولا الى اعلانها وقف العمليات القتالية على كامل الاراضي السورية بدءا من صباح 1242012 ، و هو قرار نرى فيه شجاعة و بعد نظر لانه اكد القدرة السورية على القرار و سد الذرائع و سحب البساط من تحت اقدام المتآمرين خاصة و انه :


1) يؤكد الحرص السوري على وقف العنف المسلح ، فسوريا تريد امنا و سلاما و لا تريد عنفا و قتالاً .

2) انه لم يكن نتيجة اتفاق او توقيع او التزام بخطوط تماس مع المجموعات المسلحة , بل انه قرار سيادي اتخذ  بعد ان لمست القيادة العسكرية امكانية اعتماده نتيجة نجاحها في معالجة الحالات الارهابية و الاجرامية .

3) انه يؤكد على استمرار القوى المسلحة السورية على الجهوزية التامة لمعاجة اي اعتداء على المواطنين و على مؤسسات الدولة ، ما يؤكد على جوهر مفهوم مهمة انان لجهة مرجعية الدولة حصريا في حفظ الامن و النظام على اراضيها . 

4) وجه رسالة قوية لمن تمنيهم انفسهم خداع سوريا ، حيث ان القوى العسكرية السورية  لن تخلي الميدان كما يشتهون بل انها ستبقى جاهزة لمعالجة اي طارئ  فهو سد الذرائع التي يتمسكون بها ، و لكنه  لم يفتح البلاد على المجهول .


هـ. و الان ما هي احتمالات المستقبل ؟ 

على ضوء المعطيات المتوفرة ، فاننا نرى  فشلاً يرتقب  الخديعة  الغربية بعد ان ابدت سوريا و محورها  يقظة و حذاقة في ادارة الملف  فضلاً عن انها  لم تنظر الى مهمة انان على انها الطريق الوحيد للخروج من الازمة و ترمي اوراقها الاخرى لهذا نرى ان المستقبل سيكون محكوما باحد امرين  و كلاهما سيعتبران نصرا لسوريا :

1) الاحتمال الاول : نجاح انان في مهمته ( رغم كل العوائق التي تعترضها ) و التزام الجماعات المسلحة بمقتضيات هذه المهمة السلمية عبر التوقف عن اطلاق النار ، ثم تسليم اسلحتها للدولة ، و الدخول في حوار داخلي مع ما  يحفظ لسوريا سيادتها و قرارها المستقل بعيدا عن الاملاء الاجنبي .

2) الاحتمال الثاني : فشل مهمة انان ، و عدم توقف الجماعات المسلحة عن اطلاق النار و الاعتداء وهنا يكون لسوريا  ان تواصل عملياتها العسكرية دون ان يكون لاحد ان يلومها ، و مع العمل العسكري   تتواصل  العملية الاصلاحية التي بدأت   ،و عندها لا  يبقى للمعتدين الا  التخبط  في عملياتهم الارهابية البائسة ، التي قد  تمكنهم  من الاستمرار في عمليات القتل بضعة اسابيع او اشهر ، لكنها تبقى من غير اثر على مسار الازمة و نهايتها التي باتت في صورة محسومة تؤكد فشل العدوان على سوريا .


Script executed in 0.2051088809967