وفي تقرير أعدته مديرة مكتبها في بيروت آرين بيكر، يؤكد زعيم التنظيم أسامة الشهابي لـ«التايم» مقتل جوهر، الملقب بـ«أبي هاجر»، في مدينة القُصير السورية مساء يوم الجمعة الماضي. ويقول الشهابي، الذي عُيّن أميراً لـ«فتح الإسلام» العام الماضي خلفاً لعبد الرحمن عوض، «إنا لله وإنا إليه راجعون. نحن كمجاهدين القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله الشهادة. وهذا هو طريق الحق».
أما كيف قتل جوهر؟ تجيب «التايم» نقلاً عن لسان «أبو علي»، وهو»رفيق» جوهر بأن «عبد الغني جوهر كان يعدّ عبوة لاستهداف القوات السورية التي كانت تستعد لدخول منطقة قريبة من مدينة حمص يسيطر عليها الثوار، عندما انطلق الصاعق قبل أوانه، فقُتل على الفور».
ووفقاً لـ«أبو علي» ولمقاتل آخر رفض الكشف عن اسمه، وهما تكلما عبر «سكايب» فيما كان يسمع صوت انفجارات، فقد «اضطرا إلى دفن جثة جوهر في حديقة قريبة من موقع الانفجار، إذ كان يستحيل الوصول إلى المقبرة في ظلّ القتال العنيف، كما تعذر إرسال جثته إلى لبنان بعد أن تمزق إرباً جراء الانفجار».
ويوضح «أبو علي» أن «جوهر وصل إلى القصير قبل أسبوعين برفقة مجموعة من 30 مقاتلاً لبنانياً»ً، شارحاً «كيف كان الأخير ينوي تدريب المقاتلين على كيفية إعداد القنابل. ولم يكن قد مضى وقت طويل على وجوده في القُصير حتى تمكن من زرع العشرات من العبوات الناسفة المخصصة لاستهداف القوات السورية. أما هدفه فكان زيارة جميع المناطق السورية لتدريب المقاتلين على كيفية خوض حرب العصابات».
تلفت المجلة الأميركية الانتباه إلى أنها ليست المرة الأولى التي تُحاك فيها شائعات حول مقتل جوهر، إلا أن هذه المرة تأكد الخبر من خلال مصادر عدة في الجانبين السوري واللبناني.
وكانت مصادر في المعارضة السورية قد أكدت وصوله إلى الأراضي السورية مؤخراً حيث يتنقل باسم «عمر»، فيما جزمت بعض الجهات الأمنية اللبنانية بمقتله، مستندة إلى التنصّت على مجموعة من الهواتف الخلوية لمجموعة جوهر.
في هذه الأثناء، أكدت السلطات اللبنانية عبور جوهر الحدود اللبنانية، مشيرة إلى أنها تنبهت لحركاته لكنها لم تكن قادرة على إيقافه، ويلفت مسؤول في الاستخبارات اللبنانية النظر إلى أن جهازه يلقب جوهر بـ«الزئبق» لأنه «كان قادراً على الفرار في كل مرة ( أقله في 34 مطاردة). وفيما تقول بعض المصادر اللبنانية إنها تلقت أنباء عن مقتل مسؤول «فتح الإسلام»، من دون أن تملك أي تفاصيل، تشير في المقابل إلى «الخسارة البالغة لكنز حقيقي من المعلومات، إذا كان قتل فعلاً».
ما سبق لا يسبغ على رواية «التايم» المصداقية الكاملة، إذ ما زالت مدار تشكيك لدى كثيرين ممن يتخوفون من استخدام هذه الواقعة إما لإبعاد اسم جوهر عن دائرة الملاحقة أو لما يحمله مقتله على الأراضي السورية من دلالات تؤثر في مسار الأزمة السورية المحتدمة. «التايم» نفسها لفتت الانتباه إلى هذا الموضوع، وقالت «إن كان جوهر بطلاً وشهيداً بالنسبة لأبي علي، فهو ليس كذلك حتى لدى المعارضين السوريين الذين يطلبون الدعم الدولي إذ سيكون بمثابة مصدر للقلق بالنسبة لهم. «الجيش السوري الحرّ» بدوره لا يحبذ هذه الفكرة، «لا سيما وهو يناضل لإبعاد تهمة التطرف عن مقاتليه، فيما («فتح الإسلام») متهم بالارتباط بـ(«القاعدة»)».
يُذكر أن جوهر متهم بزرع العديد من العبوات الناسفة لاستهداف قوات «اليونيفيل» في لبنان، فضلاً عن العديد من المنشآت اللبنانية التي أدت إلى مقتل العشرات وجرح المئات. ووفقاً للمسؤول اللبناني، فإنه متهم بأكثر من 200 جريمة اغتيال ومحاولة اغتيال وخطف وتفجير، فضلاً عن قتل تاجر مسيحي في طرابلس بسبب بيعه الكحول.
وأكثر من ذلك، فإن جوهر متهم، حسب المجلة الأميركية، باغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني اللواء فرانسوا الحاج، ورئيس القسم الفني في قوى الأمن الداخلي النقيب وسام عيد، واغتيال النائب وليد عيدو. وهو متهم كذلك بأنه قاد (أو شارك في) عملية التفجير التي استهدفت عناصر من الجيش اللبناني في منطقة البحصاص بالقرب من طرابلس العام 2008، وفي تفجيرات أخرى في منطقة الشمال، وإنه زرع عبوة ناسفة على طريق مطار بلدة القليعات لاستهداف قائد الجيش العماد جان قهوجي حيث لم يتمكن من التنفيذ لخطأ في تحديد الموقع بدقة. كذلك فإنه متهم بالمشاركة في الاشتباك المسلّح ضدّ الاستخبارات السورية في دمشق في العام 2008، حيث قتل رفاقه ونجا هو وفرّ عائداً إلى لبنان عن طريق المهرّبين.
وجوهر كان قد درس العلوم المخبرية في طرابلس، وانضم إلى «الجماعة الإسلامية» قبل أن يختلف معها حول «شؤون فقهية» ويتركها للتقرب من قيادات «جند الشام»، إلى أن أصبح عضواً رسمياً في «فتح الإسلام» في العام 2008. وقد ترقى إلى موقع قيادي في العام 2010، بعد مقتل سلفه على يد الجيش اللبناني.
ووفقاً لمصدر استخباراتي لبناني تحدث لـ«التايم» فإن «جوهر كان مجنِّداً رئيسياً لعناصر في التنظيم حتى أنه تمكن من تجنيد بعض عناصر الجيش اللبناني، ونسج شبكة علاقات واسعة في لبنان وسوريا والعراق متهمة باستهداف العديد من القوات الدولية... باختصار إنه قاتل لا يرحم».