أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

قرار «الداخلية» بوقف الرخص يشلّ قطاع البناء: المخالفات تتفاقم بمعايير غير سليمة

الأربعاء 25 نيسان , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,636 زائر

قرار «الداخلية» بوقف الرخص يشلّ قطاع البناء: المخالفات تتفاقم بمعايير غير سليمة

يجلس العمال السوريون عند التقاطعات أو في الأسواق التجارية لقرى وبلدات بقاعية. المشهد بات مألوفاً في السنوات الأخيرة وتحديداً مع بداية فصل الربيع من كل عام وحتى نهاية الصيف. هؤلاء يقصدون المناطق اللبنانية كافة لطلب الرزق في الأعمال الزراعية على اختلافها، و«العتالة» و«الدهان». إلا أن غالبية العمال السوريين يتقنون العمل في قطاع البناء، ولا سيما نجارة باطون وتشييد أحجار «اللبن» وتصنيعها، وغيرها من الأعمال، لكن القطاع يشهد حالياً انعداماً كاملاً في حركته، بالنظر إلى قرار وزارة الداخلية والبلديات الأخير المتمثل بـ «إيقاف منح الرخص من البلديات»، واقتصار الأمر على رخص التنظيم المدني.


القرار ليس جديداً، فقد سبق أن اتخذ مثله في السنوات السابقة، ولفترات محددة. وكانت «الذريعة»، بحسب متعهد البناء علي حميّة، «التفتيش عن سبل أكثر قانونية لمنح الرخص، ومنها إحالة الرخص التي تصدر عن البلديات إلى مخافر قوى الأمن الداخلي الواقعة ضمن نطاقها الإداري، ومنها إلى قيادة المنطقة لاتخاذ القرار بشأنها، كما حصل خلال الصيف الماضي»، لكن القرار الذي صدر منذ بداية الموسم هذا العام لم يلتفت، كما يقول حميّة، إلى «حاجة الناس إلى البناء وإلى أن هذا القطاع يمثل مصدر رزق لآلاف العائلات من معلمي البناء إلى متعهدي بيع مواد البناء وصولاً إلى العمال السوريين في لبنان». فالموسم الحالي لم ينطلق بعد، في وقت شارف فيه نيسان على الانتهاء. «يعني في خربان بيوت»، يقول مشرف شريف، أحد معلمي نجارة الباطون. يوضح الرجل أن الموسم ينطلق، في العادة، منذ منتصف شهر آذار، بهدف إنجاز ورش عدة قبل بدء رمضان، منتصف شهر تموز المقبل.

يذكر أنّ شهر رمضان يعد مفصلياً في عمل قطاع البناء، لكونه يتوسط أشهر الصيف، ويدفع العمال السوريين الذين يمثّلون العصب الأساسي لهذا القطاع إلى المغادرة منذ بدايته ولفترة أسبوعين بعد انتهائه، ليصبح العمل في فصل الخريف «تحت رحمة أحوال الطقس». من هنا يناشد شريف وزير الداخلية مروان شربل العمل سريعاً على تعليق العمل بالقرار.

وكانت أضرار القرار قد طاولت متعهدي بيع مواد البناء، الذين بدأوا فعلياً يتلمسون بوادر خسائر في مواد البناء التي سعوا إلى توفيرها وتصنيعها استعداداً لانطلاق الموسم.

بدوره، يشير علي الحاج أحمد من شركة الأحمدية لمواد البناء إلى أن «إيقاف العمل برخص البناء يمثّل ضربة قوية لقطاع يعد ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني». ويلفت إلى أن الركود في العمل «فاق 90 % مقارنة بفترة العمل خلال العام الماضي، فمن مبيع ما يقارب 1800 طن من الحديد الخاص بالبناء في العام الماضي، إلى ما لا يزيد على 200 طن منذ منتصف شهر آذار».

وكانت تعهدات توفير مواد البناء من حديد وترابة ورمل وبحص ومعامل تصنيع حجر «اللبن»، التي باشرت استعداداتها لانطلاقة الموسم العمراني، قد اصطدمت بعائق انعدام حركة البناء.

وفي هذا الإطار، يوضح جعفر شداد، متعهد مواد بناء، أن «الخسائر كبيرة ولا يمكن تحملها على صعيد المبيعات، التي تراجعت بصورة لافتة»، ومن دون لحظ الأجور اليومية للعمال السوريين، الذين جرى التواصل معهم واستدعاؤهم بغية التعاقد معهم من أجل العمل.

يذكر أن مشكلة رخص البناء من البلديات باتت عائقاً حقيقياً يؤرّق البقاعيين كل عام، حتى أصبحوا يترقّبونها مثل أسعار الحديد والترابة، في الوقت الذي لا تزال فيه منطقة بعلبك ـــــ الهرمل تعاني منذ عقود طويلة «حكاية إبريق زيت الضم والفرز».

ويرى نائب رئيس بلدية بعلبك عمر صلح أن مشكلة الضم والفرز لا تسمح للمواطن العادي بإنجاز رخصة عقارية قانونية من التنظيم المدني، ولا حتى الحصول على قروض تسنده في مشروعه العمراني، مشيراً إلى أن المشكلة تطاول المستثمرين الذين يحاولون تفادي هذه المشكلة من دون جدوى.

ويلفت صلح إلى أن بلديته تتعرض للضغط من الأهالي، في الوقت «الذي لا نملك فيه معلومات عن الفترة الزمنية التي سيستمر فيها العمل بقرار وقف منح الرخص من البلديات»، ليشير إلى أن المسألة وطريقة معالجتها في ملعب وزير الداخلية والبلديات.

من جهته، يرى رئيس بلدية الهرمل صبحي صقر أن إيقاف مفعول رخص البناء الذي اتخذته وزارة الداخلية أسهم بصورة لافته في رفع نسبة المخالفات في قضاء الهرمل، مشيراً إلى أنّ البعض وأمام حاجته إلى البناء عمد إلى المخالفة وبناء منازل سراً وبمعايير غير سليمة، ستمثّل خطورة على قاطنيها مع السنوات المقبلة. أما في العام الماضي، وخلال فترة منح الرخص، فقد تقيد الأهالي، بحسب صقر، بالشروط المطلوبة من إفادات عقارية وخرائط مساحة وكشف مهندسين من البلدية.

وكان لافتاً إقبال الأهالي على البلدية للاستحصال على الرخص وحتى دفع رسوم تأجيرية. أما اليوم، فعادت الأمور، بحسب صقر، إلى المخالفات، وإذا لم يعد العمل بالرخص، فسوف تتفاقم المخالفات أكثر، كما يقول، ولن تتمكن البلدية ولا القوى الأمنية من ردع هذه المخالفات، التي لا تطاول فقط الملكيات العامة، بل الخاصة أيضاً، في الوقت الذي تحتاج فيه محاضر المخالفات التي تنظم إلى وقت طويل حتى تُبَتّ. وعندها تصبح المعالجة أصعب بكثير، يقول صقر.

ويلفت إلى أنّ مشكلة الضم والفرز ليست الوحيدة في المنطقة، بل هناك مشكلة أكبر، وهي العدد الكبير للورثة لبعض الأراضي، وغياب محاضر الـ2400 سهم.

مضمون القرار

«لا عودة عن قرار إيقاف منح رخص البناء من البلديات»، تقول مصادر وزارة الداخلية. وتوضح أنّ القرار يطلب من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي «السماح لأصحاب التصاريح والتراخيص الممنوحة قبل 27/ 7/ 2011، التي لا تزال سارية الصلاحية بمتابعة أعمال البناء وفقاً لمضمونها، شرط أن تكون هذه التصاريح والتراخيص من ضمن تلك التي أودعت نسخاً عنها لهذه الوزارة، على أن يصار إلى تكليف القطعات المعنية التشدد بالمراقبة، وضبط أي مخالفة لمضمون تلك التصاريح والتراخيص. أما ظروف القرار، بحسب المصادر، فهي أن المباني ترتفع بصورة عشوائية».


Script executed in 0.18374490737915