وفي موازة ذلك، يشهد «حزب الله» ورشة داخلية سياسية وتنظيمية وثقافية من أجل وضع سياسات جديدة لاستيعاب المتغيرات الحاصلة في الدول العربية منذ انطلاقة «موسم الثورات» في تونس ومصر، وصولاً لما تشهده سوريا من أحداث حالياً، كما أن الحزب أعاد انتشار مراكزه ومؤسساته السياسية والإعلامية و«الجهادية» والثقافية بما يتناسب مع ظروف مرحلة ما بعد الحرب، بحيث انتهى عملياً مفهوم «المربع الأمني» في معرض إعادة تأكيد حضوره ضمن اوسع خريطة ممكنة في بيئته السياسية والشعبية في الضاحية الجنوبية لبيروت. وتشير مصادر مطلعة في الحزب الى أن الورشة الداخلية التي يجريها الحزب تتم من دون أية ضجة إعلامية، بحيث يتم استحداث ملفات ومواقع جديدة ويجري توزيع المسؤوليات والمهمات على قيادات وكوادر الحزب لمتابعة كل التطورات والأحداث بما يتلاءم مع المتغيرات الحاصلة والتحديات المستجدة عربياً وإسلامياً ودولياً، إضافة للملفات اللبنانية الداخلية المتزايدة.
كما أن مراكز الدراسات والأبحاث التابعة للحزب أو القريبة منه تعقد لقاءات ومؤتمرات علنية وغير علنية لمناقشة كل الأحداث ووضع أفكار ومشاريع وخطط لمواكبة الأحداث، «وتتميز تلك اللقاءات والأنشطة بارتفاع مستوى الجرأة والنقد والتفكير الصريح حول كل القضايا الفكرية والسياسية والدينية، بعيداً عن المواقف المعلنة التي يتخذها الحزب أحياناً لضرورات سياسية أو استراتيجية»، حسب مصادر حزبية.
وتضيف المصادر أن قيادة الحزب «قررت توسيع دائرة الاهتمام والعلاقات السياسية نحو دول ومناطق عدة عربية وإسلامية ودولية، وخصوصاً الصين وروسيا وباقي دول «البريكس»، بالإضافة الى دول المغرب العربي وبعض دول الخليج واليمن، كما يسعى الحزب الى تعزيز علاقاته مع كل الحركات الإسلامية والتيارات القومية ومؤسسـات المجتمع المدني العربية والدولية».
وتلفت المصادر الانتباه الى حرص قيادة «حزب الله» على بلورة خطاب جديد يستفيد من الملاحظات حول المواقف التي اتخذها الحزب على مدى عمر الأزمة السورية، وتتوقف عند ما أعلنه السيد نصر الله في مقابلته الأخيرة مع مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج عبر التأكيد على الحوار مع المعارضة السورية وضرورة وقف العنف، إضافة للمبادرة الحوارية التي أطلقها النائب نواف الموسوي في جلسة مجلس النواب الأخيرة.
وتشير المصادر الى أن الجولة التي بدأها المستشار السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل والوزير محمد فنيش على القيادات السياسية اللبنانية لبحث موضوع قانون الانتخابات وقضايا أخرى داخلية، إنما تصب في خانة دعم الخيار الحواري ومعالجة الملفات الداخلية بهدوء وبعيداً عن الحسابات المسبقة. وتندرج في الإطار نفسه زيارة الوزير خليل والحاج حسين الخليل للنائب وليد جنبلاط.
كل ذلك يقود للقول إن التطورات العربية والإقليمية والدولية تشكل عناصر مساعدة للحزب في انتهاج أداء جديد، سياسياً وإعلامياً، وكأن الحزب سيحتفي في مطلع أيار بولادة متجددة مع قيام الضاحية من الدمار الذي خلفته حرب تموز 2006، والذي ذكّر الكثيرين بمشاهد لا تشبه إلا الحرب العالمية الثانية.