أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

القبض على باخرة السلاح.. إنجاز محلي أم دولي كبير؟

الثلاثاء 01 أيار , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,718 زائر

القبض على باخرة السلاح.. إنجاز محلي أم دولي كبير؟

 

 لم يكن سيدخل الى المرفأ بشكل قانوني لتخليص المعاملات ولإخراج المستوعبات الثلاثة كما يتم إخراج سائر البضائع، وبالتالي فإنه لن يعمل على نقلها سريعاً ودفعة واحدة الى سوريا، إنما ثمة وسيلة ما (الرشوة على الأرجح) كانت تحضر لتمرير هذه الشحنة بطريقة غير شرعية من المرفأ، وتخزينها في أحد المستودعات في الشمال على الأرجح، ومن ثم يصار الى تمرير كميات الأسلحة تباعاً عبر الحدود اللبنانية ـ السورية سواء في الشمال أو في البقاع. 

ومن البديهي أن تاجراً سورياً أو مجموعة من المعارضين السوريين لن يتمكنوا من القيام بكل هذه المهمات بمفردهم، من دون غطاء سياسي محلي يحميهم ويعاونهم على تحقيق هدفهم في نقل هذه الأسلحة الى الداخل السوري. 

والثابت في التحقيقات أن الباخرة «لطف الله 2» دخلت الى مرفأ طرابلس بعدما طلبت الاذن من غرفة إرشاد السفن على أساس أنها تحمل زيوتاً للمحركات، وأن أحد الوكلاء البحريين ويدعى (ف. ع.) كان يتابع ملفها وقد أوقفته مخابرات الجيش يوم أمس، بعد ورود اسمه في التحقيقات التي يتولاها القضاء العسكري.

وتشير المصادر المطلعة على حركة الملاحة في مرفأ طرابلس الى أن «الجيش اللبناني كان موضوعاً منذ أكثر من شهرين في أجواء وصول كميات كبيرة من الأسلحة الى لبنان عبر البحر آتية من ليبيا عبر مرفأ الاسكندرية، وكان يعمل على ملاحقة خيوط المعلومات التي ترده تباعاً، لكن أحداً لم يكن يعلم ماهية الباخرة التي ستحمل هذه الكميات، خصوصاً أن صاحب الباخرة السوري (محمد خ.) يملك عدداً من البواخر التي تعمل على خط لبنان وتنقل بضائع مختلفة كالخشب والحديد والخردة».

وتطرح هذه المصادر احتمالات عدة حول كيفية كشف «الباخرة لطف الله 2»، أولها، «أن يكون أحد العارفين المحليين بما تحمله قد أوشى بها وقدم المعلومات الى الجيش اللبناني، والثاني، «هو اشتباه الجيش في الباخرة» والثالث هو ضلوع جهات استخباراتية اقليمية ودولية عدة في العملية، بحيث قضى الاخراج الأخير بأن يتولى الجيش اللبناني القاء القبض عليها.

وفيما تستمر التحقيقات التي يشرف عليها مفوض الحكومة لدى المحكمة القاضي صقر صقر، الذي نفت مصادره، نفياً قاطعاً، أن يكون قد سرّب حرفاً واحداً من التحقيقات، وذلك رداً على ما تضمنته «السفير» في صفحتها الأولى، أمس، من معلومات وردت على لسان مصادر قضائية، فإن متابعي ملف «لطف الله 2» يطرحون أسئلة عدة يمكن تبويبها على الشكل الآتي:

- هل الدولة اللبنانية بمؤسساتها الأمنية والعسكرية تمتلك القدرة على تحقيق إنجاز بهذا الحجم في مواجهة دول يشكل لبنان نقطة في بحر قوتها وقدراتها وإمكاناتها التي تمتلكها في شتى المجالات، والتي يفترض أنها تمول المعارضة السورية وتحرضها أم أن العملية حظيت بدعم هذه «الدول» بشكل خفي وفاعل تبعاً لمصالح واعتبارات غير مباشرة؟

- هل الدولة اللبنانية تنظر إلى انجاز الجيش على أنه إنجاز نوعي أم أنه خطوة متهورة من شأنها أن تخضع سياسة النأي بالنفس إلى امتحان صعب في الآتي من الأيام، أم أنها ستتعاطى معه كإنجاز جدي يكسبها جرأة وضع العلاقة اللبنانية السورية في إطار جديد والتعاطي مع العنوان السوري بما يراعي خصوصية العلاقة بين البلدين وظروف الأزمة وتطوراتها؟

- لقد سبق لإسرائيل أن قامت بتوقيف عشرات البواخر المشتبه فيها وخارج مياهها الاقليمية، فكيف صالت وجالت هذه الباخرة بين ليبيا وتركيا وبين الاسكندرية وشمال لبنان من دون أن تلفت انتباه البحرية الاسرائيلية، وكيف أمكن للباخرة أن تحطّ في الموانئ التركية والمصرية من دون أن تلفت انتباه أمن البلدين؟ وأين دور «اليونيفيل» البحرية التي سبق لها وأن اشتبهت ببواخر كانت أقل شبهة من النموذج الحالي؟ 

 

أسئلة شمالية

 

لا ينفي طرح هذه الأسئلة وجود أسئلة شمالية تتعلق بمبدأ قدوم الباخرة الى مرفأ طرابلس، وأبرزها الآتي:

طالما أن الباخرة طلبت إذنا بالدخول الى مرفأ عاصمة الشمال، لتفريغ حمولتها، فمن هي الجهة المسؤولة عنها؟ وكيف كان يمكن أن تعمل على إخراجها من المرفأ في ظل التفتيش الدقيق الذي تخضع له كل البواخر والتدابير الأمنية التي يتخذها الجيش في حرم المرفأ والتي اشتدت أكثر فأكثر في الآونة الأخيرة؟ 

هل من مغامرة غير محسوبة النتائج أقدمت عليها جهة ما باستقدام هذه الباخرة؟ وهل كانت تراهن على حدث أمني ما لتمرير هذه الحمولة؟ وهل هذه الباخرة الأولى التي تحمل أسلحة تصل الى المرفأ وهل هي الباخرة الأخيرة؟ وإذا لم تكن كذلك فهل سيكشف التحقيق كيفية إدخال السلاح والجهات المسؤولة عنه؟ وهل الجرأة في إرسال الباخرة الى مرفأ طرابلس بهذا الشكل هي ضرب من ضروب التمويه لتهريب كميات أكبر من السلاح في مكان آخر أو عبر المعبر، وبالتالي استغلال نشوة الإنجاز الذي تحقق في ضبطها، وما هو «التزامن» بين إلقاء القبض على الباخرة «لطف الله 2» والاشتباك البحري الأول من نوعه بين البحرية العسكرية السورية وبين معارضين للنظام السوري كانوا يخططون لعملية أمنية عبر البحر قبالة اللاذقية؟

هل كانت طرابلس مجرد ممر لهذه الأسلحة، وإذا كانت كذلك فقط، مَن هو الوسيط اللبناني؟ وكيف كانت ستهرب الى سوريا؟ ومن هي الجهة التي ستتولى هذه المهمة؟ وعبر أي طريق، لا سيما أن الجيش يشدد الرقابة على الحدود الشمالية؟

ويذهب البعض إلى السؤال ماذا إذا كان جزء من هذه الأسلحة والذخائر مخصصاً لطرابلس وهل كان من يحضر لعمل أمني ما في المدينة؟ ومن كان سيستهدف؟ وما هي آفاقه؟ وفي أي توقيت؟ ولأي سبب؟ وهل كل ما كان يجري خلال الأيام الماضية من توترات وتحريض وشحن كان يهدف الى إشعال فتنة تهدف بداية الى إشغال الجيش اللبناني بضبط الوضع الأمني لتمرير كميات الأسلحة ومن ثم استخدامها؟ وهل الأسلحة الجديدة التي بدأت تشاهد في أيدي البعض خلال التوترات الأمنية في المدينة مصدرها عمليات تهريب مماثلة نجحت في إدخال كميات من الأسلحة الى طرابلس؟ وهل مستودع الأسلحة الذي انفجر في أبي سمراء خلال المواجهات الأخيرة بين التبانة وجبل محسن في 10 شباط الماضي وصلت كمياته بطريقة مماثلة؟ وأين أصبحت التحقيقات في ما يخص هذا المستودع؟


 

Script executed in 0.21911716461182