في الرابية، ثلاثة «لاءات».. والباقي تفاصيل. ممنوع على ميشال سليمان خوض الانتخابات النيابية بأسلوب المناورة، ممنوع العرقلة (في الحكومة) وممنوع التمديد.
في الوقائع، سبق لعون أن نصح رئيس الجمهورية باللعب فوق الطاولة وليس تحتها «فمن حقك ان تشتغل سياسة وانتخابات، لكن قلها بصراحة واعلن مرشحيك للنيابة من دون مواربة». في بعبدا، لا أحد يتحدث عن رغبة رئاسية بولاية ثانية وتأكيدات متكرّرة «بأن سليمان لا يريد شيئاً لنفسه»، لكن لا يبدو الأمر كافياً لتغيير قناعات العونيين بأن الرئيس «يزاركهم» على كل «الصحون»، من التعيينات وصولاً الى الجلوس للمرة الثانية على الكرسيّ الرئاسي «لإبقاء الموقع الماروني الاول ضعيفاً».
لم يكن «رأي» عون بـ «الرئيس التوافقي» أمراً جديداً. سبق لـ «جنرال الرابية» ان وجّه انتقادات لاذعة الى رئيس الجمهورية وصلت الى حد اشارته الى «من همّ بنص عقل وبيتحكموا فينا»، و«من لا يفعل شيئاً سوى البكاء». جديد «الجنرالين»، شكلاً، كان «الحرب الالكترونية» التي اندلعت بين الرابية وبعبدا، في اشارة الى انفجار النفوس المشحونة، واستطراداً فشل وساطة البطريرك الماروني بشاره الراعي في تقريب المسافات بين الرجلين، ذلك أن لقاء بعبدا الأخير برعاية سيد بكركي انتهى بطريقة درامية أحرجت الراعي وبيّنت أن فرص التقريب بين «الجنرالين» باتت صعبة للغاية.
في المضمون، ما كان يقال همساً في المجالس العونية، بات اتهاماً صريحاً يطلق من فوق المنابر، وهو ما اشار اليه العماد ميشال عون أمس إثر اجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» حين اتهم ميشال سليمان صراحة بـ«التكامل» مع الاقلية النيابية بهدف تعطيل البلد.
ما لم يقله عون، تكفّل أحد نواب «التيار» بتوضيحه «الرئيس الوسطي هو امر مهمة اعطي لميشال سليمان، واليوم انكشف هذا الدور، حيث تمّ «إدخال» شخص الى موقع الرئاسة الاولى تحت شعار الوسطية، لكنه في الواقع هو رئيس طرف مع «تيار المستقبل» ضد مشروعنا السياسي. والمطلوب اليوم من سليمان محاصرتنا حتى موعد الانتخابات النيابية وممارسة هذا الدور التعطيلي الى حين اتضاح الصورة الإقليمية». يضيف النائب نفسه «عملياً، القول لسمير جعجع و«المستقبل»، اما «الفعل» التعطيلي فلميشال سليمان كونه يشكل جزءاً من السلطة التنفيذية».
يوقّع او لا يوقّع رئيس الجمهورية على مرسوم 8900 مليار ليرة. يوافق او لا يوافق على مرشح ميشال عون لمجلس القضاء الأعلى. يعرقل او لا يعرقل الورشة الإصلاحية لوزراء «التيار» في الحكومة. لا تقف الامور عند حدود التفاصيل. باتت المآخذ العونية على «الرئيس التوافقي» أكبر من ان تبلعها الرابية. اولها واهمها «لا تعايـش مع رئيـس جمهـورية لا يحمل صفـة تمثيلية».
«من دأب على مخالفة القانون لا يحق له رفض توقيع مرسوم تحت ذريعة رفض مخالفة الدستور». يستفيض العونيون في سرد لائحة «مخالفات» سليمان. هم لا يجدون اي مبرّر في حديث رئيس الجمهورية «عن ضرورة احترام الأقدمية في تعيين رئيس مجلس القضاء الأعلى في وقت خالف فيه هذا المبدأ في المديرية العامة لرئاسة الجمهورية، وحين غض النظر عن العديد من التعيينات في مجلس الوزراء التي لم تتم فيها مراعاة هذا المبدأ». ويتساءلون «لماذا لم يقف بوجه وليد جنبلاط حين أصرّ الأخير على تعيين العميد ناجي المصري قائداً للشرطة القضائية متجاوزاً ايضاً مبدأ الاقدمية».
يصل العونيون الى «بيت القصيد» حين يذكرون حامل الدستور «وحاميه» «بأنه حين عيّن قائداً للجيش قفز فوق من هم أقدم منه. اما انتخابه رئيساً للجمهورية فتمّ خلافاً للدستور بسبب عدم تعديل المادة 49 منه، ومن قدّم اوراق اعتماده عند الأجهزة العربية في العام 2008، «لا يجوز أن يحكينا اليوم بالقانون والدستور».
من الآن وحتى موعد الانتخابات الرئاسية في صيف 2014، لا البطريرك الراعي ولا «حزب الله» ولا أي صديق مشترك بين «الجنرالين»، سيكون قادراً على إصلاح علاقة لم تغادر اصلا «دائرة الخصومة». هذا كان رأي العونيين من ايام اتفاق الدوحة وصولاً الى ازمة التعيينات والـ 8900 مليار ليرة لبنانية. وعندما يقول عون «باننا لن نسكت على تعطيل سليمان عمل الدولة»، فالترجمة العملية تكون، بتأكيد نائب في «التيار» «بالوصول الى مرحلة التصادم. لان العلاقة غير قابلة للترميم طالما ان الرئيس «الوسطي» ملتزم بـ «مشروع آخر».
في الرابية، ثمة من يردّد «إعفاء الفريق الحريري من المحاسبة بشأن الـ 11 مليار دولار هي مسألة حياة او موت لدى «المستقبل». الرئيس سليمان قرر أن «يبيعها» لسعد الحريري وفؤاد السنيورة نظراً الى حاجته لهما في حال السير بالتمديد. وهذا ما لن نسكت عنه...» تكتمل النقمة العونية على «ساكن بعبدا» حين تعلم الرابية بأن رئيس الجمهورية أبلغ شخصياً النائب محمد رعد بأنه سيعمد الى توقيع مرسوم حكومة ما بعد الانتخابات حتى لو «كانت حكومة 14 آذار»، قائلاً له بالحرف الواحد «كما وقّعت لكم سأوقّع لهم».