لم يُفكّ أسر اللبنانيين المختطفين أمس، كما وُعدت عائلاتهم. «الساعات القليلة» طالت من دون أن يُعلن أي نبأ سار. بدت عملية المفاوضات تراوح مكانها، أو على الأقل كأنها في مراحلها الأولى. وإذ أكّدت مصادر متابعة للملف أن الحكومة التركية دخلت بثقلها للتنسيق مع المجموعات المسلّحة للوصول إلى الجهة الخاطفة، علمت «الأخبار» أنه جرى تحديد الفصيل المسلّح المسؤول عن العملية. وأشارت المعلومات إلى أنه «فصيل منشق لا يتبع للجيش السوري الحر ولا للمجموعات الإسلامية المقاتلة». بمعنى آخر، هو «فصيل مستقل نسبياً يعمل على حسابه». وأكدت مصادر رسمية لبنانية ليلاً أنها تلقت معلومات موثوقة عن اتخاذ قرار بإطلاق سبيل المخطوفين، وأن الأمر بات يقتصر على توفير المستلزمات اللوجستية لعملية إطلاق سراحهم.
وفيما كانت قد ترددت معلومات عن أنّ الرهائن نُقلوا إلى الأراضي التركية، نفت مصادر سورية صحّتها، مشيرة إلى أن الرهائن نقلوا من المكان الذي كانوا فيه إلى مكان أكثر أماناً بعد العملية التي نفّذها الجيش السوري عقب حصول الاختطاف.
وفي هذا السياق، كانت مروحة الاتصالات التي أُجريت مع مختلف المجموعات السورية المعارضة المسلّحة الفاعلة على الأرض في حلب ومحيطها أمس، قد خلُصت إلى نفي أي علاقة بعملية الخطف التي طاولت الزوّار اللبنانيين للعتبات المقدسة أثناء عودتهم من إيران. فمن جهته، نفى الأمين العام لـ«حزب الأحرار السوري» الشيخ إبراهيم الزعبي لـ«الأخبار» المعلومات التي ترددت عن مسؤولية حزبه عن خطف اللبنانيين في حلب. الشيخ الزعبي الذي كان قد تولى سابقاً مفاوضات إطلاق الرهائن الإيرانيين الذين كانوا محتجزين لدى واحدة من مجموعاته، أكّد أنه كان سيقوم فوراً بإعلان العملية وتبنيها لو كان حزبه بالفعل مسؤولاً عنها. ولفت إلى أن «حزب الأحرار السوري» كان سيسلم الرهائن للسلطات الدولية لتبدأ المفاوضات فوراً، موجّهاً أصابع الاتهام إلى مجموعة تابعة للنظام السوري. وفي السياق نفسه، نفى نائب قائد «الجيش السوري الحر» العقيد مالك الكردي في اتصال مع «الأخبار» علاقة أي مجموعة من مجموعات الجيش الحر بعملية الخطف. وأكد الكردي أنه «جرى التواصل مع جميع الفصائل التابعة للجيش الحر، لكن تبين أن لا علاقة لأي فصيل منها بحادثة الاختطاف». وأشار الكردي إلى أنه «يجب أن نبحث عن المستفيد، وأنا أعتقد أن الثورة ليست مستفيدة»، لافتاً إلى أن «الدلائل المتوافرة تدل على أن النظام متورّط، وهو من رتّب قضية الاختطاف لزيادة الاحتقان في لبنان لإحداث شرخ هو موجود أصلاً». وكان قد سبقه قائد «الجيش السوري الحر» العقيد رياض الأسعد الذي أعلن أن «الجيش الحرّ يرفض هذه العمليات التي تُعرّض حياة الناس للخطر مهما كانت جنسيتهم أو طائفتهم»، كاشفاً أن المعلومات المتوافرة لديهم تفيد بأن «مجموعة من المافيات المالية التي تشكلت أخيراً هي التي خطفت اللبنانيين».
موقف «حزب الأحرار السوري» و«الجيش السوري الحر» تقاطع مع ما أدلى به أحد المصادر في مجموعة إسلامية سورية مسلّحة خلال اتصال مع «الأخبار» بواسطة «السكايب». فقد أكد القيادي المذكور أن «أياً من الجماعات الإسلامية المقاتلة لو كانت قد قامت بهذه العملية، لتبنتها فوراً». وأشار إلى أن «ذلك كان سيكون مفخرة لنا، وخصوصاً إذا كان لهؤلاء دور في ما يجري على أرض سوريا»! ولفت القيادي الإسلامي إلى أن «معظم الشعب اللبناني يقف مع الثورة السورية. ونحن من مصلحتنا أن تبقى الأوضاع هادئة في لبنان؛ لأن الأمور تجري على ما يرام بالنسبة إلينا، ولا مصلحة لأحد في توتير العلاقة، وبالتحديد حدودياً».
بموازاة ذلك، أوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي عمار خلال لقاء تضامني مع المخطوفين اللبنانيين في حلب أمس، أن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أخذ عملية خطف اللبنانيين على عاتقه». وقال: «إن الخاطفين عرّفوا عن أنفسهم للزوار بأنهم ما يسمى الجيش السوري الحر»، لافتاً إلى أن «الاتصالات مع المسؤولين الأتراك والملوك والأمراء العرب والبعثات الدبلوماسية الأوروبية وغير الأوروبية وكل من له تأثير على «الجيش السوري الحر» ما زالت مستمرة حتى اللحظة». وإذ أشار النائب عمار إلى أن مختلف القيادات اتصلت لتطمئن على المخطوفين، وجّه تحية إلى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني الذي بذل مساعي في الموضوع، كاشفاً أن المعنيين تبلّغوا أن المخطوفين أحياء وسالمون. يذكر أن وفداً من القوات اللبنانية حضر اللقاء التضامني برئاسة رئيس مصلحة الطلاب فيها شربل عيد.