يوم الجمعة، في الاول من حزيران، يكون قد مرّ ربع قرن من الزمن على استشهاد الرئيس رشيد كرامي. قلوب العائلة السياسية وأنصارها على امتداد طرابلس وجوارها امتدادا الى الضنية لم تبرد بعد. وما زال الكراميون مع كل عام يُطوى يتمسكون أكثر فأكثر بالمقولة الشهيرة التي أطلقها الرئيس عمر كرامي "لم نسامح ولن ننسى".
لم يكن "الأفندي" ونجله فيصل كرامي وسائر أفراد العائلة، يريدون للذكرى الخامسة والعشرين على استشهاد "الرشيد" أن تمر مرور الكرام، بل أرادوها مناسبة للتواصل في مهرجان شعبي كبير يهدف الى تذكير القواعد والانصار بالثوابت الوطنية والعربية والاسلامية التي استشهد من أجلها رشيد كرامي، وللتأكيد "أن الحالة الكرامية لا تزال حاضرة"، وأن طرابلس "ليست في مكان سياسي واحد، بل لا تزال تحافظ على تنوعها السياسي وفق توازنات دقيقة لا يمكن لأحد تجاوزها".
لكن رياح الأحداث الأخيرة التي شهدتها عاصمة الشمال وانتقلت منها الى عكار، وما رافقها من تحريض سياسي عالي النبرة، سارت بعكس ما اشتهت السفينة الكرامية التي وجد ربّانها عمر كرامي أن الإبحار في هكذا أجواء دونه مخاطر عدة، فارتأى أن مهرجاناً جماهيرياً قد يقام في المناسبة في ظل هذه الظروف سيؤدي الى تعريض المشاركين للخطر.
وحسب أوساط كرامي، فان مهرجانا شعبيا من هذا النوع قد يكون مفتوحا على كل الاحتمالات، وأن أي إشكال أمني يقع قد يتطور الى ما لا تحمد عقباه، وهذا ما لا يريده كرامي الذي طلب إلغاء كل النشاطات الشعبية بما في ذلك الرياضية منها.
وستقتصر ذكرى رشيد كرامي في عامها الـ25 على مؤتمر صحافي يعقده "الأفندي" عند العاشرة والنصف من قبل ظهر الجمعة المقبل تنقل وقائعه مباشرة على بعض شاشات التلفزة ويعلن خلاله سلسلة مواقف من المستجدات على الساحة اللبنانية.
ويترافق المؤتمر مع حملة سيتم إطلاقها في المدينة بعنوان: "الله يرحم أيامك" وذلك بهدف التذكير "بأن طرابلس خسرت زعيما كان يعرّض نفسه للخطر للحفاظ على وطنه ومدينته وهو قدّم دماءه سخية على مذبح الوحدة الوطنية والسلم الأهلي"، كما تهدف الحملة بحسب اوساط كرامي الى "متابعة التعبئة العامة ضد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والتأكيد على أنه أقدم على قتل رئيس حكومة لبنان بينما كان يسعى مع سائر الاطراف اللبنانية للوصول الى حل ينهي الحرب اللبنانية، وأن خروجه من السجن لم يكن بسبب براءته وإنما كان بفعل عفو صدر بقرار سياسي".
وبوشرت الاستعدادات في طرابلس لاحياء الذكرى الخامسة والعشرين لاستشهاد كرامي حيث بدأت صور الشهيد واللافتات تغزو شوارع المدينة وتطالب بالعدالة والحقيقة، وتنتقد "سياسة الكيل بمكيالين لدى الساعين والمطالبين اليوم بالحقيقة والعدالة بينما هم أنفسهم يحتضنون قاتل رئيس حكومة لبنان الذي لم يحمل سلاحا ولم يؤسس ميليشيا، بل كان سلاحه الموقف والكلمة الطيبة".
ويبدي وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي تمسكه بشعار "لم نسامح ولن ننسى"، ويؤكد لـ"السفير" أنهم مهما حاولوا أن يغسلوا سمير جعجع، أو يبيضوا صفحته، سيبقى قاتلا لرئيس حكومة لبنان، وسيبقى بنظرنا وبنظر القانون والقضاء مجرما".
ويقول كرامي: إن طرابلس ما زالت بغالبيتها وفيّة للرئيس الشهيد رشيد كرامي، ومؤمنة بمبادئه وبخطه الوطني والعروبي، وهذا يعود لأصالتها مهما حاول البعض إظهار عكس ذلك، ونحن ثابتون على هذا الخط مهما بلغت التضحيات، وقد دفعنا أثمانا باهظة سواء من الأقربين أو من الأبعدين لكننا لم نحيد عن مبادئنا".
ويتابع: أما للقاتل فنقول "إنه مهما طال الزمن، لا بد للحقيقة أن تنجلي، وكل ظالم سيبلى بأظلم".
ولا ينسى فيصل كرامي كل الذين وقفوا الى جانب القضية المحقّة للرئيس الشهيد، مقدرا مواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي إعتبر أن "الرشيد" كان القدوة، وموقف النائب محمد كبارة في رفضه التصويت على قرار العفو في مجلس النواب العام 2005، لافتا الى أن ما جرى في العام 2005 ليس عفوا بل ظلما كبيرا لحق بكل من آمن بفكر رشيد كرامي، ولحق بالوطن ككل.
ويستغرب كرامي كيف تستطيع جهة سياسية ان تطالب ليل نهار بالحقيقة، وأن تصدر عفوا عن قاتل رئيس حكومة لبنان، تحت ذريعة أن الجريمة وقعت في زمن الحرب.
ويسأل كرامي: هل كان رشيد كرامي يحمل السلاح؟ أم أنه قتل لأنه كان يقف ضد تقسيم لبنان، وضد الأيادي الاسرائيلية التي كانت تعيث فسادا في هذا الوطن؟...