فقد استحوذ تحرك المياومين وجباة الإكراء في مؤسسة كهرباء لبنان على حيز كبير من مداولات الجلسة بعدما حمل وزير الكهرباء جبران باسيل معه كتاباً موجهاً إليه من موظفي مؤسسة كهرباء لبنان، وفيه أنهم سيقومون بـ«قطع التيار الكهربائي عن كل لبنان اذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بحمايتهم وحماية المؤسسة من تحرك العمال الذي اتخذ منحى خطيراً».
وسأل باسيل خلال الجلسة عما اذا كان اي من الافرقاء يغطي تصرفات المياومين او ان أحداً داخل الحكومة ضد القرار الذي سبق واتخذ في المجلس لتسوية اوضاعهم، مشيراً الى اجماع الوزراء بأنهم أعطيوا اكثر مما يستحقون وفق القانون، مطالباً بتحرك قضائي امني وعدم الاكتفاء بالالتزام السياسي.
ووصف باسيل موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان بأنه كان اكثر من ممتاز لتوصيفه ما حصل بالسابقة الخطيرة بأن يصار الى احتلال مؤسسة، متحدثاً عن إجماع على موقفه وطريقة تعامله مع القضية. وقد دفعت التطورات المرتبطة بقضية المياومين الوزير مروان شربل الى مغادرة الجلسة للاجتماع باللجنة المنبثقة عنهم.
كما استحوذت قضية اللبنانيين المخطوفين في سوريا على حيز مهم من الجلسة، حيث ابلغ الرئيس نجيب ميقاتي المجلس بتوجهه الى تركيا يرافقه وزيرا الخارجية عدنان منصور والداخلية مروان شربل للبحث في القضية، ورأى الوزير علي حسن خليل ان جولة السفير التركي ولقاءه المسؤولين تعبّر عن جدية اكثر في التعاطي التركي ان كان في المفاوضات او في العمل على حل قضية المخطوفين اللبنانيين، ولذلك ترك مجلس الوزراء لرئيس الحكومة متابعة الأمر.
وعند البدء بمناقشة البنود المتصلة بالإنفاق المالي تجدد التباين في الموقف حول هذه المسألة، مما استدعى مجدداً الاستناد الى المادة 58 من الدستور لتأمين نفقات للجيش اللبناني. وقال الوزير محمد الصفدي لـ«السفير»: «ارتأينا البحث بالإنفاق المالي بسرعة لنعود الى مناقشة الموازنة الا ان هذا الامر أخذ وقتاً مما تعذر علينا البدء الجدي بمناقشة الموازنة».
وعلمت «السفير» أن الصفدي طرح بالتنسيق مع ميقاتي خلال الجلسة تخصيص مبلغ 100 مليون دولار كسلفة خزينة لتمويل مشاريع طرابلس. لكن الطرح قوبل من اعتراض بعض الوزراء لا سيما وزراء «التيار الوطني الحر» الذين طلبوا بإحالة الموضوع من ضمن الموازنة العامة مما أثار جدلاً ورفضاً من قبل ميقاتي والصفدي، على اعتبار ان إحالة الأمر إلى الموازنة تعني إلغاء المشروع لعدم وجود موازنة.
وتم تأجيل البحث إلى الأسبوع المقبل وسط تمسك ميقاتي والصفدي بإقرار المشروع بموجب سلفة وقد وعدهما سليمان بتمرير المشروع في الجلسة المقبلة.
واوضح الوزير سليم جريصاتي «ان لا اعتباطية في مقاربة الانفاق المالي، فالمقاربة جدية ومتماسكة داخل الحكومة، ودرسنا كيفية إعطاء سلف خزينة بصورة شرعية في غياب اعتماد بالموازنة، متحدثاً عن حلول متقدمة لهذه المسألة.
وأكد الوزير غابي ليون ان لا جهة سياسية، وراء ما يقوم به المياومون، وممنوع الاحتلال او الاعتداء على أي مؤسسة او ادارة عامة والقرار هو تطبيق القانون بحق هؤلاء.
سليمان: لم نكن
على قدر التحرير
وتحدّث رئيس الجمهورية عن عيد التحرير في العام 2000، وقال إن هذه الذكرى «مدعاة فخر واعتزاز للبنانيين الذين استطاعوا بتصميمهم وإرادتهم وإرادة شبابهم بصورة خاصة هزيمة أكبر قوة في الشرق الاوسط».
ورأى سليمان ان هذا العيد ينغّصه امران: الاول خطف 11 لبنانياً من قبل مجموعة سورية لا ندري اذا كانت عصابات او معارضة، والثاني، أننا كلبنانيين لم نكن على قدر التحرير. فمن يستطيع تحرير بلاده ويهزم الإرهاب ويبني مغتربات العالم لا يستطيع بناء بلده، وهذا الأمر يدعو الى العجب».
ولفت سليمان الانتباه الى متابعته المتواصلة وبعيداً عن الإعلام في شأن المخطوفين، مشيراً الى الغموض الذي يكتنف هذا الموضوع. وأضاف انه بصدد القيام بجولة خليجية موضوعها الاساسي القرار الصادر بمنع او تحذير سفر الاخوة الخليجيين الى لبنان، مشيراً الى انه سيزور الكويت نهار الاحد المقبل، متمنياً أن يكون قد أخلي سبيل المخطوفين قبل هذه الزيارة، علماً أنه في حال عدم إطلاق سراحهم ستكون قضيتهم على جدول اعمال مباحثاته.
وأشار الى الدعوة التي أطلقها للحوار في 11 حزيران المقبل، مشدداً على أن الحوار هو خارج نطاق السلطات الدستورية التي تقوم بواجباتها، وأن هذا الحوار دون أي شروط مسبقة، هو لإبقاء التواصل دائماً بين الشرائح اللبنانية كافة، والالتفات الى الاهداف الاستراتيجية التي تحمي لبنان مضيفاً انه قد تلقى تشجيعاً على اجراء هذا الحوار من قبل الملك عبد الله في رسالته التي تلقاها منه الاسبوع المنصرم.
ميقاتي
من جهته، اشار ميقاتي إلى أن مشروع الموازنة المعروض على جلسة امس، حيث من المفترض ان ندرسه بمسؤولية كاملة تفرضها الحاجة الى الاسراع في اقراره وإحالته على مجلس النواب من جهة، والحرص على ان نأخذ في الاعتبار الظروف المالية لخزينة الدولة من جهة اخرى لتوفير الحد الادنى من العجز طالما انه من غير الممكن تفاديه.
واضاف: ينبغي ان نضع نصب اعيننا ونحن نناقش مشروع الموازنة، درس الملاحظات التي تجعلنا نتفادى ردود الفعل السلبية التي عبّرت عنها جهات معنية بالشأن الاقتصادي في البلاد وذلك انطلاقاً من الرغبة في تفعيل الشراكة المستدامة بين القطاعين العام والخاص، آخذين في الاعتبار خصوصية الواقع الاقتصادي في لبنان.
وتحدث ميقاتي عن «ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد رشيد كرامي التي تصادف غداً الجمعة، مستذكراً مواقفه الوطنية ودوره الرائد في الحياة السياسية اللبنانية، معتبراً أن التمسك بالمبادئ والثوابت التي كان وفياً لها واستشهد من اجلها، هو خير ما نعبر فيه عن وفائنا والتزامنا بما كان يمثله بالنسبة الى اللبنانيين وهو بات رمزاً من رموز لبنان الذين ناضلوا في سبيل استقلاله ووحدة شعبه وميثاق العيش المشترك بين ابنائه».
وقال «إن المخطط الذي نفّذ باستشهاد كرامي لضرب وحدة لبنان واللبنانيين ومنع التلاقي في ما بينهم، تكرر في السنوات الماضية من خلال استهداف قيادات لبنانية كبيرة، وهو يطل اليوم من جديد بأشكال مختلفة بهدف شق الصف اللبناني وزرع الفوضى على الساحة اللبنانية، وضرب رسالة العيش المشترك».
ودعا ميقاتي اللبنانيين وقياداتهم السياسية الى الادراك بأن مصلحتهم الاساسية تكمن في نبذ الخلافات في ما بينهم وعدم السماح لمريدي الشر لبلدهم بالنفاذ الى الساحة اللبنانية عموماً، والساحة الطرابلسية والشمالية خصوصاً، من أبواب خلافاتهم .
ودعا رئيس الحكومة إلى «التلاقي من جديد في حوار جدي وبناء نعيد من خلاله إحياء الوحدة الوطنية التي كانت الأساس في قيام لبنان وتمتين جبهته الداخلية، والتوافق بالتالي على كل المواضيع الخلافية».
واستعرض مجلس الوزراء قضية المياومين وجباة الأكراء في مؤسسة كهرباء لبنان واعتصامهم الذي «تعدّى حدود حرية التعبير السلمي المتعارف عليها وإشغالهم بصورة غير شرعية لمؤسسة كهرباء لبنان ودوائرها ومكاتبها»، واعتبر المجلس انه ازاء ظاهرة تنامي اقدام بعض الأشخاص بقطع الطرقات الرئيسية لأي سبب كان، «قرر التشدد في الأمن وبسط سلطة الدولة بشكل حاسم ودائم وإعادة هيبة الدولة على مساحة الوطن، وتوقيف من تسوله نفسه التطاول على القانون وتطبيق أقصى العقوبات القانونية بحقه».
كما أكد رئيساً الجمهورية والحكومة والوزراء المختصون أن الحل المقترح من الحكومة هو حل وافٍ وقد أعطى المياومين وجباة الإكراء أكثر من حقوقهم من خلال إفساح التثبيت أمامهم من خلال المباراة المحصورة.
واستعرض المجلس مسألة جسر جل الديب ومختلف الحلول المطروحة وتقدم الدراسات الجارية بشأنه، وأخذ المجلس علماً بأن الدراسات كافة ستنجز بتاريخ أقصاه يوم الاثنين في 4 حزيران على أن يدرج هذا الموضوع في أول جلسة لمجلس الـوزراء (الجلسة المقبلة عصر الأربعاء المقبل في القصر الجمهوري).
وقرّر مجلس الوزراء الموافقــة على إصدار سندات خـــزينة بالعملات الأجنبـــية، الموافـــقة المبدئية على تنفيذ مشاريـــع إنمائية في طرابلس بقيمة 150 مليـــار ليرة لبنانية على أن يُصار إلى تحـــديد مصدر تمويلها في الجلــسة المقبلة، الموافقـــة على فتح اعتماد إضـــافي استنـــاداً للمــادة 85 من الدستــور لتلـبية بعض احتياجات الجيش.