أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

نصرالله والقفز فوق الحرب الأهلية - جوني منيّر

الإثنين 04 حزيران , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,513 زائر

نصرالله والقفز فوق الحرب الأهلية - جوني منيّر

 

ميقاتي يسعى لتحصين حكومته سياسياً وأمنياً ومالياً 

طرح نصرالله محط اهتمام والسعي للقفز فوق الحرب الأهلية



قد يكون رئىس الحكومة نجيب ميقاتي قد فسّر الاشتباكات التي تجددت بعنف في عاصمة الشمال طرابلس ضغطا اضافيا بهدف تطيير الحكومة. 

فثمة احداث متلاحقة تجمعت في الفترة الاخيرة وجاءت نتيجتها لتهز الركائز التي تقف عليها حكومة ميقاتي. 

ورئىس الحكومة الذي كان مطمئنا في المرحلة الماضية الى ثبات وضع حكومته من خلال حاجة الجميع لبقائها واستمرارها، قرأ في تسلسل هذه الاحداث وخلفياتها ما يدفعه الى القلق، لا سيما ذلك «التقارب الحذر» الحاصل بين زعيم المعارضة سعد الحريري «وحزب الله» والذي ظهر بوضوح مع حادثة خطف اللبنانيين في سوريا. 


وصحيح ان الكواليس السياسية شهدت نقاشا حول وجوب وصول حكومة جديدة تحظى بموافقة الجميع، حيث لمس البعض تراجع حماسة «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» لحماية هذه الحكومة، إلا ان العقدة تبقى بأن اي تصور لحكومة جديدة يبقى غير ناضج. 

ولذلك قد يكون الرئىس ميقاتي قد راقب بكثير من التمعن اللقاء الذي جمع رئىس الجمهورية بالرئىس سعد الحريري خلال زيارته الى المملكة العربية السعودية والضغط الداخلي الحاصل باتجاه انهاك الحكومة. 


كما ان العماد ميشال عون قالها صراحة وبشكل علني ما يعكس المشاورات الجارية في الكواليس معه حول الحكومة ومصيرها. 

واذا كان هنالك الكثير من الصحة في كل هذه المعطيات الا ان «عقبة» الاتفاق على شكل الحكومة الجديدة تبقى احد العوامل القليلة التي تبقي هذه الحكومة على قيد الحياة ولو في غرفة العناية الفائقة. 

لذلك سارع الرئىس ميقاتي الى طرابلس جاهدا لنزع الغطاء عن المسلحين والعمل على حصر الاشتباكات ووقفها. وهذا السلوك يتناقض مع سلوكه خلال الاشتباكات الماضية، يومها تحدث «تيار المستقبل» عن مشاركة فاعلة لمسلحين هم من انصار ميقاتي بهدف سحب بساط الشارع من تحت اقدام «تيار المستقبل» وامساكه بذلك الشارع. 

وكان واضحا نداء قائد الجيش يومها بأن يسحب السياسيون مسلحيهم من الشارع. 


وفي حركة حوارية اندفع رئىس الحكومة محاولا اعادة بث الحياة في الجسد الحكومي الهامد، من خلال ايجاد خيارات سريعة تشكل مخرجا مقبولا لملف الانفاق المالي الذي يكاد يجمّد الحركة في كامل الدولة ومؤسساتها على ان يظهر هذا المخرج في الجلسة المقبلة للحكومة. 

ويأمل الرئيس ميقاتي بأن ينجح في محاولته التالية، بإيجاد الحلول المعقولة لملف التعيينات بهدف استعادة الحصانة السياسية لحكومته. 


ورغم الكلام الذي اطلقه الوزير غازي العريضي، الا ان العارفين يؤكدون بأن رئيس الحكومة يدرك جيدا أن النائب وليد جنبلاط متمسك ببقاء الحكومة وانه، وعلى افتراض جرى استبدال الحكومة بأخرى، فإنه يصر على ان يبقى ميقاتي رئىسا لها وبالتالي فإن موقف العريضي نابع عن حساسيات داخل الحكومة ولا يعكس موقف جنبلاط الفعلي. 

وفي وقت تردد ان اشتعال المعارك في طرابلس بدأ من خلال مبادرة مسلحي جبل محسن بإطلاق النار، ذكرت اوساط ديبلوماسية تقوم برصد الوضع الامني في الشمال، أن المجموعات السلفية هي من بادر بفتح النار في اتجاه جبل محسن، حيث كان الرد عنيفا بسبب نوعية الاسلحة اضافة الى عامل الخوف. 

وعملت هذه الاوساط على فك شيفرة هذه الرسالة وهوية مرسلها، خصوصا وان المعروف بأن قطر هي التي تتولى رعاية هذه المجموعات ماليا وسياسيا. بالتالي ما هو المقصود تحديدا بهذه الرسالة الحربية؟ 


هل المقصود هو تسديد المزيد من الضربات باتجاه الحكومة؟ ام ان المقصود طاولة الحوار؟ أم ما هو ابعد؟ 

وتبقى الرسالة مبهمة لا سيما مع تسجيل حركة ناشطة للسفيرة الاميركية، باتجاه «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية» لدفعهما للمشاركة في طاولة الحوار أياً تكن أعذارهما، لأن الأولوية هي لتحصين الوضع الأمني الذي بلغ درجة متقدمة من الخطورة وهو ينذر بأخذ البلد الى حرب أهلية بسبب تأثره مباشرة بالوضع السوري وإمساك قوى غير منضبطة بالشارع. 

وهذا التحرك دفع البعض للاعتقاد بأن «تيار المستقبل» سيشارك من خلال الرئيس فؤاد السنيورة على أقل تقدير، اضافة الى مشاركة القوات ولو على مستوى الكتلة النيابية بذريعة الوضع الأمني الخاص لجعجع، ولو أن هنالك من يعمل على تأجيل موعد الحوار بضعة أيام كمخرج شكلي معقول. 


هذا الحوار الذي طالب أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله أن يكون مجلساً تأسيسياً للبحث في صيغة مستقبلية للبنان. وربما تكون هذه الدعوة قد لامست جوهر الصراع الذي يتجه اليه لبنان. 

صحيح ان السيد نصرالله أعلن رفضه صراحة لصيغة الفدرالية والتقسيم وما شابه، الا ان واقع الأرض يتجه الى مزيد من الفرز وهو ما تنبئ به الأحداث الدامية ان في سوريا او في لبنان. فمثلاً وخلال الأحداث التي حصلت الشهر الماضي في كل من طرابلس وعكار، ظهرت دعوات واضحة لإخراج الجيش وإحلال قوى الأمن الداخلي مكانه. وخلال ذروة اشتباكات الأمس دخلت قوى الأمن الداخلي لوحدها الى منطقة باب التبانة حيث تردد ان بعضها شارك في اطلاق النار. 

وبالتالي فان اعتماد التصنيف المذهبي والطائفي للمؤسسات الأمنية ينذر بمسار تصاعدي في هذا الاتجاه. 

طبعاً، فان هذا «التصنيف» الأمني يأتي بعد لائحة طويلة من التصنيفات في مجال مؤسسات الخدمات، وصولاً الى مطالبة الشارع بعدالة التمثيل النيابي من خلال أن تعمد كل مجموعة طائفية على انتخاب ممثليها. 


والأخطر أن المسار المستقبلي للمواجهات في سوريا وآثارها على لبنان يتجه الى الفرز الكامل جغرافياً وسياسياً وأمنياً بين المجموعات المذهبية والدينية. 

لكن المرعب أن التسويات السياسية بهذا الحجم والتي تطال بنية الدولة، انما تحصل بعد رحلة طويلة وقاسية من المواجهات والدمار والوحول. وهذا ما حصل مثلاً في لبنان مع اتفاق الطائف الذي جاء بعد «التعب» الداخلي للفرقاء وبعد حرب داخلية مدمرة للمسيحيين الذين كانوا يعتبرون وقتها بأنهم الفريق الأقوى داخل المعادلة اللبنانية. 

والواضح أن أمين عام حزب الله يحاول القفز فوق هذه المرحلة والوصول الى النتيجة السياسية (طالما أنها مرسومة وحتمية) من خلال مفاوضات داخلية لألف سبب وسبب من بينها خشيته من الآثار الوسخة للمواجهة الشيعية - السنية، اضافة الى حرصه على عدم الدخول في نزاع غير مضمون النتائج التي قد تؤثر مستقبلاً على حجم حزب الله في المعادلة الداخلية والاقليمية. 

وكان قد سبق هذا الكلام ما تناقلته الأوساط الديبلوماسية المهتمة بلبنان بأن الظروف بدأت تجهز لنقل لبنان الى أزمة داخلية تأتي في نتيجتها التسوية السياسية والتي ستعرف ببدء الجمهورية الثالثة. 

وتضمن هذا الكلام اشارة الى ضرورة تزاوج الازمتين السورية واللبنانية، كي تأتي الحلول فيما بعد مترافقة ما بين تسوية سورية على أساس «طائف سوري» وتسوية لبنانية متقدمة على أساس لامركزية سياسية وادارية فضفاضة وموسّعة. 


لذلك، كان الكلام الغريب في هذه الكواليس بأن هذا المجلس النيابي سيكون آخر مجلس نيابي في الجمهورية الثانية، وان الحكومة الحالية باقية الى ذلك الحين، حتى ولو استقالت، فانها ستبقى في اطار تصريف الاعمال، على ألا ينسحب هذا التمديد على رئيس الجمهورية. هل بدأ تحضير الأجواء وتجهيز الأرض لهذا السيناريو؟ احداث طرابلس تؤكد ذلك.

 

Script executed in 0.16939496994019