ضم وفد المجتمع المدني كلاً من: رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر غزال، نقيب المهندسين بشير ذوق، نقيبة أطباء الأسنان الدكتورة راحيل الدويهي، نقيبة موظفي المصارف مهى المقدم، نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، توفيق دبوسي ممثلاً غرفة التجارة والصناعة والزراعة، ممثل الهيئة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور حميد حكم.
وتضمنت المذكرة صرخة باسم طرابلس التي تدفع اليوم أثماناً باهظة من أمنها، واستقرارها، ودماء أبنائها الفقراء، واقتصادها، بفعل التجاذبات السياسية التي تترجم مواجهات مسلحة في التبانة والقبة والمنكوبين وجبل محسن.
وأكدت المذكرة على رفض الاقتتال العبثي والفتنة المذهبية، وعلى رفض أن تكون طرابلس صاعق تفجير لحرب أهلية، أو طائفية، أو مذهبية في لبنان، وطالبت أركان طاولة الحوار بالعمل على حماية العاصمة الثانية، ووقف ما تعانيه من حرب استنزاف وضرب لنسيجها الاجتماعي الوطني. وتضمنت المذكرة الآتي:
أولاً، إن طرابلس تحتاج الى سلسلة من المشاريع التنموية ترفع مستواها الاجتماعي والمعيشي، لا الى لعبة حديد ونار جديدة تقضي على البقية الباقية فيها.
ثانياً، رفض كل المحاولات التي تسعى لإثارة الفتن في المدينة، من خلال المعارك وإلقاء قنابل مجهولة المصدر أو حرقِ ممتلكات وخطف مواطنين من هنا وهناك.
ثالثاً، التمني على الوسائل الإعلامية أن تكون سنداً في الحفاظ على أمن المدينة واستقرارها.
رابعاً، التأكيد على الثقة العالية بالقوى الأمنية، وفي مقدّمتها الجيش اللبناني الباسل وقوى الأمن الداخلي، والتشديد على ضرورة استكمال كل الإجراءات والتدابير الأمنية وعدم التهاون بعد اليوم مع أي مخلّ بالأمن، وممارسة قرار رفع الغطاء السياسي عن المسلحين قولاً، وفعلاً، وواقعاً ملموساً.
خامساً، التشديد على ضرورة القيام بمصالحة حقيقية ودائمة بكل تفاصيلها، بين التبانة وجبل محسن، والتعبير عن الخلاف بطرق ديموقراطية لا بمنطق القوة وغلبة السلاح.
سادساً، رفض كل تشويه يمسّ بصورة المدينة، والتأكيد على أن كل ما ألصق بها من اتهامات مرتبطة بالإرهاب، والأصولية، والسلفية، إنما هو استهداف مذموم، لا يعبر عن واقع المدينة.
سابعاً، المطالبة بتطبيق القانون على الجميع، وبإرساء العدالة لجميع المواطنين، ومنها معالجة ملف الموقوفين بشكل عادل وسريع.
ثامناً، مطالبة الدولة بإنشاء صندوق إغاثي، يساهم في التعويض عن الخسائر، في الأرواح والممتلكات.
تاسعاً، تثمين الخطوة التي قامت بها الحكومة عبر تخصيص مئة مليون دولار لمشاريع تنموية في المدينة، والتمني بأن يتم تخصيص هذه الأموال للمشاريع المقترحة في الخطة الاستراتيجية لاتحاد مدن الفيحاء.
عاشراً، التنويه باقتراح الرئيس نبيه بري بتخصيص جلسة حوار لطرابلس، ما يؤكد أن همّ طرابلس قد أصبح هماً وطنياً جامعاً.
واعتبرت المذكرة أن ما يجري في طرابلس ومنطقة عكار لم يعد يهدد أمن المدينة والمنطقة فحسب، بل بات يهدد أمن الوطن من شماله الى جنوبه، خصوصاً أن ثمة في الأفق مؤشرات خطيرة تدعو إلى القلق وضرورة المبادرة لوضع حلول عملية لما آلت إليه الأوضاع الأمنية قبل فوات الآوان، وخلصت المذكرة الى مناشدة رئيس الجمهورية وعبره أركان طاولة الحوار «التدخل السريع ووضع حد لما يحصل وإنقاذ ما يمكن إنقاذه والمضي بالمدينة وبالبلاد نحو التطور والسلام والعيش الرغيد».
سلطان
من جهته، يقول توفيق سلطان لـ«السفير»: «هناك مؤامرة مستمرة على طرابلس كي تكون ساحة صراع غير ديموقراطي تستخدم فيها أدوات محلية، ونحن نعلم أن ثمة انقساماً لبنانياً في الموضوع الاقليمي، حيث أن قسماً يؤيد النظام في سوريا، وقسماً ثانياً يؤيد الشعب السوري في طموحه لتجديد الحياة السياسية، وهذا الانقسام يعم كل المناطق، ففي جبل لبنان مثلاً هناك طرفان يختلفان على هذا الموضوع يتمثلان بـ«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، ومع ذلك هناك الخلاف منظم ولم تحصل ضربة كف على خلفيته، ومن باب أولى أن يكون عندنا الأمر ذاته لأن الاقتتال مرفوض ولن يؤدي الى أي نتيجة».
ويضيف سلطان إن طرابلس يجب أن تعود الى أصالتها، «فهي تملك تراثاً سياسياً ومواقف قومية، وكل حياتها كانت مركز ثقل في الحياة السياسية اللبنانية والعربية، لكن المؤامرة اليوم تهدف الى إلباسها ثوباً لا يناسبها، وعلى القيادة السياسية الممثلة لطرابلس أن تعمل جاهدة على تصحيح الوضع وازالة هذه الصورة البشعة التي انطبعت فيها طرابلس خلال الفترة الظلامية وتمثلت بنسف تمثال الزعيم عبد الحميد كرامي، فتماثيل الرؤساء بشارة الخوري وحبيب أبي شهلا ورياض الصلح كلها عادت الى مكانها، فلماذا لا يعود تمثال كرامي الى مكانه؟ وكل المناطق تتطور نحو الأفضل إلا طرابلس تسلك طريقاً انحدارياً، وكل المناطق تستعد للاصطياف وللمهرجانات السياحية في حين تستعد طرابلس لمسلسل الرعب والتقاتل، نحن لسنا بحاجة الى بيانات ومؤتمرات والى رفع غطاء سياسي، بل نحتاج الى أفعال على أرض الواقع».
وأمل سلطان أن يكون إقرار مبلغ المئة مليون دولار لطرابلس بداية لتصحيح الوضع الانمائي، ومدخلاً كي تأخذ طرابلس حصتها من السياحة والاستثمارات و«إعطاء صورة حضارية عنها حتى يتشجع أبناء الجوار والمستثمرون الذين هم في صلب الحركة الاقتصادية لطرابلس، والتي كانت على مدار التاريخ ناشطة بدءاً من المصانع عند مدخلها الجنوبي وصولاً الى معمل السكر في العبدة والتي جميعها نسف وتعطل وتوقف عن العمل وهذا جزء أساسي من المؤامرة».
وختم سلطان أن مبلغ المئة مليون دولار «ليس منّة من أحد، وهذا المبلغ يجب أن يصرف في المكان المناسب، ونحن سنراقب بكل دقة ولن ندع هذا المال يصرف في غير محله».