قارئ السياسة والفلسفة والإقتصاد والدبلوماسي منذ 35 عاما، يقرأ الوضع اللبناني بعد خمسة اشهر على وجوده في لبنان، من منظار المراقب المحايد. من مقره في اليرزة يؤكد لـ«السفير» أن احترام السيادة اللبنانية أولوية للامم المتحدة، نجاح الجيش اللبناني مهم للإستقرار، الأمم المتحدة مهتمة ألا يكون لبنان ممرا لتدفق الاسلحة الى سوريا، استخراج النفط فرصة أمام لبنان وعلى الدولة اللبنانية اغتنامها.
يكشف بلامبلي أن لدى الأمم المتحدة برنامجا لدعم وزارة الداخلية اللبنانية تقنيا وفنيا من أجل التحضير للإنتخابات النيابية المقبلة، لافتا الانتباه الى أنه «من المهم ان يبت موضوع القانون الانتخابي لضمان نجاح الانتخابات».
انطباعاته عن الحوار الوطني و«إعلان بعبدا»، ولقاءاته مع «حزب الله» وتقييمه للقرار 1701 وتعاون «اليونيفيل» والجيش اللبناني وهواجسه من قلاقل الشمال وطرابلس تحديدا وزيارة كوفي أنان الأخيرة الى لبنان عناوين هذا الحوار مع ديريك بلامبلي.
÷ هل تعتقد أن لبنان تحول الى حلبة صراع لقوى خارجية وهل من رغبة دولية في ذلك؟
} على العكس، إن جميع ممثلي الدول الغربية والعربية الذين أقابلهم لديهم الرغبة والإرادة القويتين في حماية لبنان من آثار الأزمة السورية ويجمعون على تأييد الحوار الوطني الذي انطلق يوم الإثنين الماضي. ما يهمّ حاليا هو ردة فعل اللبنانيين واستعدادهم لحماية لبنان وليس ما تريد القوى الخارجية.
÷ كيف تقرأ الحوادث الأمنية المتنقلة من طرابلس الى عكار وعرسال؟
} يجب النظر الى هذه الحوادث كلّ واحدة على حدة. ربما يحمل بعضها الخلفية ذاتها، إلا ان أسبابها ممكن ان تكون مختلفة. في طرابلس مثلا، لدي انطباع ان المشاكل تقع بين منطقتين وطائفتين معينتين، هناك حاجة الى مجهود من القادة السياسيين لتهدئة القاعدة الشعبية وكذلك الجيش والسلطات المعنية، من دون أن ننسى الخلفية الإقتصادية والمعيشية لهذه الحوادث. كأمم متحدة تهمنا ايضا مسألة الحدود وقد عبّرنا في تقارير عدّة عن قلقنا من الخروق عبرها، خصوصا لجهة الخطف والقتل. طبعا يجب على الناس الذين يقومون بذلك وفي المكان الاول سوريا ان توقف هذه الاعمال.
÷ هل رصدتم من جهتكم تهريبا للسلاح عبر الحدود اللبنانية؟
} يهمنا هذا الموضوع بناء على قرارات الامم المتحدة وليس في مصلحة لبنان ان يكون ممرا لنقل الاسلحة. يبذل الجيش والسلطات الأمنية جهودا لمنع ذلك وهذه مسؤوليتهم.
÷ تلتقي العديد من المسؤولين اللبنانيين ماذا تقدم لهم من نصائح؟
} المواضيع متشعبة، كنا في السابق ننصحهم بالجلوس والتحاور لأن المواضيع مهمة وهذا ما حصل يوم الاثنين ولكن النتائج لا تظهر في اجتماع واحد إنها عملية سياسية طويلة.
÷ هل تثيرون معهم قضايا الحدود والنازحين؟
} تهمنا سيادة لبنان والحفاظ عليها. هذا من أسس قرارات الامم المتحدة. بالنسبة الى موضوع النازحين هناك 26 الف نازح (سوري) في لبنان. إن مفوضية الأمم المتحدة للاجئين مع الهيئة العليا للإغاثة تقدمان من جهتهما اكثر المساعدات للنازحين ومعهم هيئات غير حكومية.
÷ تنشأ مخاوف في لبنان من نوايا لبناء مخيمات للنازحين؟
} لا أعتقد أن أحدا يرغب ببناء مخيمات للنازحين السوريين في لبنان وليس من مشروع في هذا الخصوص. هذا الموضوع إنساني بحت. لا اعتقد ان النازحين بحد ذاتهم مصدر قلق، والقيام بواجبات إنسانية تجاههم ليس شأنا سياسيا بل إنسانيا.
الحوار و«حزب الله» والقرار 1701
÷ بعض اللبنانيين يقول إن الحوار شكلي، كيف ترى هذه المقاربة اللبنانية؟
} هنالك ظاهرة لبنانية تتمثل بالتشكيك الدائم بالأمور وبمصداقيتها، قد يتأتى الأمر من تجارب العهود الفائتة، لكنني لا أرى مفرا من الحوار، والإجتماع بحد ذاته مهم وأيضا المواضيع المطروحة التي حددها رئيس الجمهورية. نحن نرحّب باعلان بعبدا الذي صدر بعد جلسة الحوار الأولى واعتقد انه يمثل خطوة كبرى لتعزيز الهدوء. إن الاجتماع يفتح الباب أمام الحوار ولدي انطباع من خلال لقاءاتي بأن لدى السياسيين نفس الرغبة بحماية لبنان وتحصينه وبالتالي عليهم التوصل الى قواسم مشتركة بالنسبة الى مواضيع مثل موضوع السلاح في المدن.
÷ هل من أفكار دولية معنية بهذا الشأن؟
} هذا حوار لبناني لبناني وليس لنا إلا أن نشجع على الوفاق.
÷ قابلت أخيرا مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» السيد عمّار الموسوي كيف كان لقاؤك معه؟
} كان الاجتماع جيدا. أنا مع الحوار مع جميع الأطراف وحول المواضيع كافة، وبما أنه لدينا اهتمامات بالنسبة للأمن والجنوب والسياسة اللبنانية، من المهم ان نكون منفتحين على الجميع.
÷ كان لـ«حزب الله» ملاحظات على التقرير الأخير حول القرار 1701 واعتبره غير متوازن هل تحدثت مع الموسوي بهذا الموضوع؟
} نحاول أن نكون موضوعيين ونوصّف الأمور التي نراها ولا نحكم على الأمور التي لا نراها. هذا اسلوبنا الأساسي في التقرير، وسيصدر التقرير المقبل في بداية الشهر المقبل. نحن نحاول إنصاف جميع الفرقاء، مثلا الاشارة الى الخروق الجوية والوجود الإسرائيلي في الغجر ونذكر كذلك اهمية معالجة القضايا الاخرى مثل موضوع الاسلحة. كل الحقائق الموجودة ميدانيا مذكورة.
÷ هل من فرق بين التقرير الأول والأخير؟
} إن قراءة هذه التقارير تشير الى أن الوضع الجنوبي مستقر. لا يحصل تقدم في بعض القضايا العالقة لكن الهدوء والاستقرار مستتبان، الفضل في ذلك يعود الى قوات «اليونيفيل» والاطراف المعنية. يجوز ان التغيير الذي سوف نراه في التقرير المقبل يتمثل بنيل مواضيع أخرى حيزا أكبر بالنسبة الى الأمن واستقرار لبنان وآثار الأزمة السورية، وما يهم الأمم المتحدة هو استقرار لبنان.
÷ هل من أسلحة جديدة تصل الى الجنوب؟
و لم يكن لدينا اي براهين على ذلك في الآونة الأخيرة.
÷ هل سيبقى الوضع الأمني في الجنوب مستقرا؟
} أتمنى ذلك، وثمة رغبة لدى الجميع في ذلك ولكي يرسخ الاستقرار ينبغي التوصل الى وقف دائم لإطلاق النار وإيجاد حلول لمسائل أخرى منها مثلاً قرية الغجر.
«اليونيفيل» والجيش اللبناني
÷ هل من مخاوف على أمن «اليونيفيل»؟
ليس من أمر معين في الوقت الراهن لكن ينبغي الحرص على الموضوع الأمني. بالنسبة الى التحقيقات في التفجيرات السابقة التي طالت قوات «اليونيفيل» فهي مستمرة.
÷ هل من تغيير في عمل «اليونيفيل» بعد المراجعة الإستراتيجية؟
} ثمة محاولة دائمة في تقوية دور الجيش اللبناني في التعامل مع «اليونيفيل»، ولكن هذا لا يعني أن «اليونيفيل» ستخفف عملها أو تنسحب من أمكنة ما.
÷تشعبت مهام الجيش اللبناني في الآونة الأخيرة في الشمال والجنوب والبقاع وبيروت هل من قدرة للجيش للقيام بمهام إضافية في الجنوب بسبب ما يحصل من قلاقل؟
} أنا متأكد بأن الجيش يشعر بهذا الثقل وهذا العبء، لكن الحمد لله إنه يقوم بواجبه في الجنوب ومن المهم للجانب اللبناني أن يدعم دور الجيش في الحفاظ على الأمن والحدود في المدن اللبنانية وفي الجنوب كذلك.
÷ هل تحدثت في هذا الموضوع مع قائد الجيش العماد جان قهوجي؟
} تحدثنا عن الجيش ودوره في الجنوب وطرابلس والشمال. كان مهما أن تضبط الأوضاع في طرابلس، لكن ثمة حاجة الى علاج سياسي والى ضبط بعض الناس الذين يقومون بالارتكابات والقتل من جبهة الى جبهة. العلاج ليس أمنيا فحسب بل إن جانبا منه سياسي إقتصادي واجتماعي على المدى الطويل.
÷ هل من جديد بالنسبة الى ترسيم الخط الأزرق ووقف دائم للنار؟
} عند الذهاب لمجلس الأمن الدولي وفي تقرير شخصي قدمته من شهرين وفي الإجابة عن مدى التقدم ذكرت بناء الجدار في كفركلا بالتنسيق الوثيق بين «اليونيفيل» والجيش اللبناني. ثمة قضايا عالقة تنبغي معالجتها. بالنسبة لترسيم الخط الأزرق ووضع علامات الحدود فهي عملية مستمرة. أما بالنسبة الى وقف إطلاق النار، فيحتاج الى مزيد من الوقت والمجهود، لكن الحمد لله الأوضاع مستقرة والاجتماعات الثلاثية في الناقورة مستمرة.
÷ هل من مساهمة للأمم المتحدة في ترسيم الحدود البحرية؟
} إذا رغب الطرفان بالمساعدة في موضوع الحدود البحرية، نحن مستعدون. لدي انطباع أن الطرفين يرغبون بالوصول الى نتائج ملموسة في هذا الموضوع.
زيارة كوفي أنان
÷ ماذا عن زيارة الموفد الدولي والعربي كوفي أنان إلى لبنان الأسبوع الماضي؟
} جاء السيد كوفي أنان لأنه كان يريد البحث في جانب جديد للأزمة السورية وهو موقف دول الجوار مثل لبنان والأردن ولكي يتشاور مع الحكومة اللبنانية بهذا الخصوص، ويرسم صورة عن الوضع في سوريا. وكما أورد في تصريحاته لديه الكثير من القلق بسبب عدم التقدم في تنفيذ مبادرته وركز على الحكومة السورية ومسؤوليتها بالنسبة لتوقف العنف.
÷ ماذا طلب أنان بالتحديد من لبنان؟
} لم يأت بمطالب محددة من لبنان. أتى للتشاور وتقديم ملخص عن الصورة السائدة. بالطبع طرح موضوع الاسلحة، وكما قال السيد أنان في مؤتمره الصحافي فثمة مجهود للحكومة والجيش في مسألة الأسلحة.
÷ هل ترى أن الأزمة السورية قد تتوسع وتؤدي الى حرب بين اللبنانيين؟
} إحساسي أنه لا أحد يرغب باللإستقرار في لبنان، لكن ما أثار قلقي أخيرا التدهور في الأوضاع وخصوصا في ما يتعلق بالإشكالات الطائفية وخصوصا ما حصل أخيرا في الشمال من أفعال وردود فعل بين مواطنين من مذاهب مختلفة، هذا أمر يثير القلق ويجب على جميع اللبنانيين أن يفكروا فيه مرتين وثلاث مرات، وفي الأشهر الخمسة الأخيرة التي أمضيتها في لبنان، شعرت أن الجميع يريدون تجنب ذلك وعلى هذه الحوادث أن تكون بمثابة إنذار.