وسط التوترات الأمنية الكامنة تحت رماد الانقسامات السياسية الحادة، يبدأ اليوم تطبيق الخطة الأمنية على جميع الأراضي اللبنانية بالتعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية، ومدتها شهر كامل كمرحلة أولى. وعلمت «الأخبار» أن القرار السياسي، الذي اقتضى إجراء الخطة، صدر منذ مدة بضرورة التشدد في معالجة التوترات الأمنية وضبط المخالفات على كل المستويات، بعدما تفاقمت الأعمال المخلة بالأمن وحوادث قطع الطرق والفلتان الأمني. ونتيجة ذلك، أعلن وزير الداخلية مروان شربل عن شهر أمني، مع العلم بأن الإجراءت الأمنية ستتعدى الشهر.
وفي المعلومات أن التدابير الأمنية سيتولاها الجيش بالتنسيق مع قوى الأمن عبر غرفة عمليات مشتركة بين الاثنين. وستكون الخطة شاملة، ولن تقتصر على بيروت فحسب، وسيزيد الجيش الإجراءات المتخذة أصلاً، ونشر الحواجز المكثفة وتسيير دوريات عسكرية، إضافة إلى ملاحقة المطلوبين. وعلمت «الأخبار» أن الجيش ستكون له الأولوية في تأمين الأمن في منطقة الضاحية الجنوبية وليس قوى الأمن. وقد صدرت أوامر مشددة الى القوى العسكرية والأمنية بمنع قطع الطرق منعاً باتاً، لأي سبب من الأسباب السياسية أو الاقتصادية وفي كل المناطق.
وأكد وزير الداخلية مروان شربل لـ«الأخبار» أن العملية لن تقتصر على إقامة حواجز للتفيش، بل ستشمل عمليات دهم لأماكن وجود المطلوبين البارزين. وقال شربل إنه سبق أن التقى نائب الأمين العام لحزب الله الشخ نعيم قاسم، الذي طالبه بتشديد الإجراءات الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، «وأكد لي أن حزب الله لا يغطي أي مكان أو أي شخص في الضاحية، وطالبني بملاحقة جميع المطلوبين في أي مكان كان». وأكد شربل أن ثمة «تركيزاً إعلامياً لأسباب سياسية، على ما يدور في الضاحية، في حين أن ما يجري في هذه المنطقة يجري في كل لبنان».
وفي موازاة التدابير الأمنية المتخذة، بدأت الجهات المعنية سلسلة اتصالات مع سائر الأطراف السياسية والإعلامية من أجل تهدئة الأوضاع ومنع التجيّش الإعلامي، ولا سيما بعد ما تعرضت له محطة «الجديد»، مع العلم بأن بعض الجهات الأمنية كانت قد لفتت قبل أسبوع انتباه المحطة إلى أن بعض تقارير المراسلين والطلاب الإعلامية تثير حساسيات، ومن الأفضل تفاديها. وكذلك فإن ملاحظات أمنية عدة سجلت على أداء بعض المحطات التلفزيونية في مواكبتها لعدد من الحوادث الأمنية الأخيرة وأسلوب تغطيتها لإطلاق الموقوفين في أحداث نهر البارد من سجن رومية. وقد أبدت الجهات الأمنية المشار إليها خشيتها من تفاقم التوتر نتيجة بعض المقابلات التلفزيونية والتقارير التي ساهمت أول من أمس في إثارة النعرات المذهبية، وتجييش الشارع. وكشفت معلومات أمنية لـ«الأخبار» أن الجيش كثف أول من أمس تدابيره الأمنية وكثّف وجوده على الأرض لمنع اتساع دائرة الفتنة، بعد معلومات دقيقة عن محاولة حرق إحدى دور العبادة الإسلامية، الأمر الذي كان يمكن أن يفجر فتنة حقيقية. وقد ساهمت الاتصالات التي أجريت مع المسؤولين الأمنيين في «حزب الله» وحركة «أمل»، واستمرت حتى ساعات الصباح الأولى، في لجم انفلات الشارع. وعلمت «الأخبار» أن الموقوف المشتبه في مشاركته بالاعتداء على مبنى قناة الجديد وسام ع، لم يذكر خلال التحقيق معه سوى اسم شخص واحد من الذين شاركوا في الاعتداء. وأكدت مصادر رئيس مجلس النواب نبيه بري ضرورة ملاحقة المعتدين، وعدم تغطية أي منهم.
الوضع الأمني بين بري وميقاتي
والوضع الأمني والخطة الأمنية عرضهما رئيس المجلس النيابي نبيه بري لوقت طويل مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في عين التينة، إضافة إلى جلسة مجلس النواب يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين وجدول أعمالها. وووصف ميقاتي أجواء اللقاء بـ«الممتازة». وأكد أن «الأمن ليس مواسم، بل يكون دائماً، وبالتالي سيكون هذا الشهر (الأمني) تجربة لكي نتبعها في كل الأوقات». وقالت مصادر الطرفين إن أجواء اللقاء كانت إيجابية جداً، وإن ميقاتي أكد أن المرحلة المقبلة ستشهد تفعيلاً للعمل الحكومي.
من جهة أخرى، يعقد مجلس الوزراء الرابعة بعد ظهر اليوم جلسة في قصر بعبدا، وأبرز ملفاته موضوع استئجار بواخر الكهرباء وتعديل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام. وبحسب مصادر وزارية، فإن اللجنة الوزارية المؤلفة من رئيس الوزراء ووزراء المال والطاقة والبيئة هي التي سترفع تقريرها الى المجلس بشأن استئجار البواخر. ومن غير المتوقع ألا يوافق مجلس الوزراء على التقرير «إلا إذا كان ثمة من يرغب في تعطيل مد اللبنانيين بالكهرباء». وأكد أن استئجار البواخر «هو الحل الأسرع في الوقت الحاضر من أجل تأمين الكهرباء».
أما بالنسبة إلى مشروع سلسلة الرتب والرواتب، والذي يتضمن اقتراح تمويلها من رسوم وضرائب جديدة، فقد توقعت مصادر وزارية أن يتم تأليف لجنة لبحثه، مؤكدة أن معظم مكونات الحكومة ترفض اقتراح وزير المال محمد الصفدي الرامي إلى زيادة الضريبة على القيمة المضافة.
عون: شكراً للمؤامرات الدنيئة
في مجال آخر، علّق رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون على إعلان عضو «جبهة النضال الوطني» النائب أكرم شهيب في حديث صحافي أن النائب وليد جنبلاط ورئيسي الحكومة والجمهورية اتفقوا على عرقلة مشاريع عون ووزير الطاقة جبران باسيل، شاكراً «هؤلاء الذين نتعاون معهم في الوزارة مع زملاء لهم، وهذه المؤامرات الدنيئة التي يقومون بها».
من جهة أخرى، أشار عون بعد اجتماع التكتل إلى أن «السلطان وليد جنبلاط يستقبل بيريز عام 1982، وجبران باسيل طرد السفير الإسرائيلي(في مؤتمر في قبرص) عام 2012».
من جهتها، رأت كتلة «المستقبل» أن التطورات التي شهدتها بيروت مساء أول من أمس «أعادت هواجس الارتباك الأمني وسط حال من الارتباك المسيطر على الدولة وهيبتها»، مشددة على أن «استخدام اللغة والأدوات الطائفية أمر مرفوض ومستنكر من أي جهة أتى».
قباني يعيد التواصل مع كرامي
وبرزت أمس زيارة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني للرئيس عمر كرامي، بعد قطيعة سنوات سببها استقبال المفتي لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، المدان بقتل الرئيس رشيد كرامي. وقال قباني بعد اللقاء: «مهما تباعد اللقاء بين الأخوة، فلا بد من أن يلتقوا، فجميعنا عائلة واحدة، ودولة الرئيس عمر كرامي بيت عريق (...)، وهناك أمور كثيرة وطنية وإسلامية، وخصوصاً في الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان، لا بد من أن نقف فيها على رأي دولة الرئيس عمر كرامي».
ورحب كرامي بزيارة قباني «في بيته، ونحن من الحرصاء على كرامة سماحة المفتي ودار الفتوى التي نعتبرها لجميع المسلمين واللبنانيين». ورأى أنه «من الصعب جداً التوصل الى نجاح على طاولة الحوار، ولكن إجراء الحوار مهما كانت نتائجه أفضل من عدمه»، مشيراً إلى «أن المقاومة التي هزمت إسرائيل للمرة الأولى في تاريخ الحروب بين إسرائيل والبلاد العربية، لا يمكن أن تسلم سلاحها بهذه البساطة». وعرض كرامي الانتخابات الفرعية في الكورة مع رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان.