لا يهم كيف ماتت ولا في أي ساعة نامت. إنها 3 أشهر فقط من الحياة لم تكن كافية لصناعة حواسها أو لتنطق اسم قاتلها. ليس من مسؤول واحد عن إهمال عظيم كهذا. بعد التحقيقات، يتبينّ أن الجميع قد يكون متورطاً كما درجت العادة في الفضائح «الطبيّة» هنا: الأقارب والمستشفيات والدولة والإعلام. كل يخطئ على ليلاه وفي النهاية نامت طفلة. غنى هذه لن تذهب إلى المدرسة ولن تكبر. عظامها المكسورة كُسرت إلى الأبد، والآن لا تنفع القصص. الجديد أن والدها الذي كان مشتبهاً فيه رئيسيّاً بقتلها «سيخرج بريئاً اليوم».
يتوقع شقيق المشتبه فيه عمر أن يصدر اليوم حكم البراءة لوالد غنى وأمها. وعلى ذمته، فإن «أعمال المحكمة أُجّلت أمس، ما أدى إلى تأخر صدور القرار». وفي العائلة ينتظرون قرار تبرئة الوالد بفارغ الصبر.«سمعتهم شوّهت» بفعل تداول القصة إعلاميّاً «قبل انتهاء التحقيقات». هل هذا أهم من فناء الفراشة؟ عمر يبدو واثقاً من «إصدار المحكمة قراراً يخرج فيه شقيقي بريئاً». وإلى ذلك، يعتزم الوالد والأقرباء رفع دعوى قضائيّة على آخر مستشفى استقبل الطفلة، وهو مستشفى «سان تيريز» في الحدث، علماً بأن الرجل لا ينفي الواقعة: الموت وصل إلى غنى قبل وصول الطفلة نفسها إلى القديسة تيريزا. لقد غادرت روحها إلى السماء في زحمة السير من «السان جورج» إلى «السان تيريز». هذا ما يقوله عمر نفسه. في الطريق بين مشافي القديسين، ماتت الرضيعة في الزحمة.
من نهاية القصة، يبدأ عمر سرد «قصته» للواقعة، المناقضة لتقرير الطبيب الشرعي. قصة «غريبة» وعلى نسق مشهدي قد لا يحدث إلا في فيلم «أليس في بلاد العجائب». لكنه مؤمن بـ«أنها الحقيقة ولا شيء غير ذلك»، لا بل إنه يستند إلى «شهود» لتأكيدها. يقول: «قبل أسابيع من موت الطفلة، كانت العائلة في زيارة لمنزل إحدى الشقيقات في منزلها في منطقة المريجة. هناك جلس الجميع يتبادلون أطراف الحديث. وكان هناك أولاد. أحد هؤلاء «سمين». وزنه 60 كيلوغراماً، رغم أنه ولد. ووفقاً لعمر، فإن هذا «السمين» جلس على غنى من دون أن ينتبه. كانت مغطاة بشرشف أبيض. اختنقت قليلاً لكن لم يُعر أحد الأمر اهتماماً، بل «اعتبروه حدثاً عاديّاً ممكن حصوله أينما كان». ولا أحد يمكنه تفسير هذا التبسيط المهول، في حال حصوله فعلاً، أي أن تسقط كتلة وزنها 60 كيلوغراماً على طفلة لا يتجاوز وزنها بضعة كيلوغرامات من الجلد الناعم والعظم الطري. كيف يصنف ذلك في خانة «العادي»؟ أما عن الكسور التي في يديها وقدميها، يقول شقيق الوالد إنّ الطفل «الضخم» داس عليهما في أثناء صعوده فكسرهما. وبالنسبة إلى الفجوة التي في رأسها، والتي وصفها تقرير الطبيب الشرعي، وتسمى «دنغورة» بالعاميّة، فيجزم العم بأنها قديمة، وهناك صور تثبت ذلك. ماذا حدث بعد «السمين»؟ هذه قصة أخرى.
«طحن» البدين الصغيرة، وفي اليوم التالي، ذهب الأب بها إلى مستشفى الساحل. هذه قصة العم. هناك «صوّرها فريق غير متخصص، وقالوا إنها تحتاج إلى دخول المستشفى». يكلف ذلك «2600 دولار أميركي تقريباً». بدا المبلغ كبيراً، فأخذوا غنى إلى الطبيب خ. ح. الذي عاين الصور واكتشف الكارثة: «الضلوع مكسورة والريش». انتظر الأقارب من جديد للذهاب إلى مستشفى جديد، كان «الرسول الأعظم» هذه المرة. وهناك، «طلب منا الحكيم الذهاب إلى الصندوق لإدخالها». وفي يوم لاحق، ذهبوا إلى مستشفى بيروت الحكومي. وقالوا لهم في «قسم الأطفال إنها بحاجة إلى صور جديدة»، وطبعاً، «راجع الصندوق». الخطير أن أحد الأطباء هناك «طمأنه» بالقول «يمكن أن يتوقف النزف وحده». ولكن النزف لم يتوقف. وبعد يومين، ذابت عظام غنى في جسدها. انتبهت والدتها متأخرة إلى هذا التأخر داخل مستشفى «سان تيريز». وصاحت «قتلتها، قتلتها».