لم يكد ينتهي موسم قطاف الحمضيات، حتى سارع مزارعو السهل الشرقي لمدينة صور، إلى اقتلاع أشجار بساتينهم، التي مضى على غرسها أكثر من أربعين عاماً. والسبب بحسب المزارعين، الذين يعتزمون استبدالها بزراعة الموز وأنواع أخرى، تراكم مشاكل قطاع الحمضيات، والنكسة الكبيرة التي تعرّض لها هذا الموسم، بحيث تعدّت خسائر الضامنين والمستأجرين على وجه الخصوص أكثر من ستين في المئة، وإقدام بعضهم على ترك الموسم لأصحابه المالكين، بعدما عجز عن التسديد.
يحصر المزارعون والعاملون في قطاع الحمضيات، إضافة إلى قطاع الموز والخضار، تدهور الموسم بعامل رئيس هو: أزمة التصدير، وتحديداً الحمضيات، بفعل الأحداث في سوريا، التي تشكل أحد أهم الأسواق، سواء بالنسبة للحمضيات أو الموز اللبناني، الذي حافظ على أسعاره، نتيجة تصديره إلى الأردن وسوريا لاحقاً.
ولا ينسى المزارعون أن يضيفوا إلى أزمة التصدير، التي بلغت حدّ الكارثة، ارتفاع الكلفة المستمر، والمنافسة الخارجية للإنتاج اللبناني، جراء دعم الدول المحيطة المنتجة للحمضيات لمزارعيها، في ميادين عدة.
ويوضح المزارع محمد عوالي لـ"السفير" أن "قطاعي الحمضيات والموز، يشهدان تدهوراً متزايداً، نتيجة عوامل عديدة في مقدّمها مشاكل التصدير، نظراً للحاجة إليها، بفعل ضخامة الإنتاج قياساً بالسوق اللبناني، الذي لا يستوعب أكثر من عشرين في المئة".
ويشير مزارع آخر إلى "أن موسم الليمون الحلو، مثل أبو صرة والكلمنتين وحتى الفالنسي الذي راهنّا عليه، كان كارثياً، فبقيت كميات كبيرة من هذه الثمار على الأشجار، أو سقطت على الأرض، لأن كلفة جمعها، تفوق ثمن بيعها في الأسواق اللبنانية المحلية"، مؤكداً أن "مشاكل طرابلس ساهمت في رفع الخسائر أيضا، إذ كانت تستوعب كميات كبيرة من الإنتاج".
أما عن موسم الحامض، الذي يشكل أكثر من عشرين في المئة من مجمل الانتاج، فيوضح المزارع محمد أن "أسعاره مقبولة، بسبب تصديره إلى سوريا، التي كانت تستورد الحامض التركي سابقاً قبل الأزمة"، مشيراً في المقابل إلى أن "موسم الموز كان مقبولاً، لسببين، الأول التصدير إلى الأردن وسوريا والثاني العوامل الطبيعية".
ويؤكد المهندس الزراعي حسن الطقش لـ"السفير" أن "هناك أزمة حادة ومتراكمة، في القطاع الزراعي، خصوصاً قطاع الحمضيات، الذي يعد عمود الزراعة اللبنانية". ويوضح أن "نتائج الموسم الحالي، بالنسبة للحمضيات، كانت كارثية، وبلغت خسائر المزارعين، لا سيما الضامنين والمستأجرين والمحاصصين، ما يزيد على الستين في المئة"، معيداً السبب الرئيس إلى "مشكلة تصدير الانتاج إلى الخارج، الذي يعود في قسم كبير منه إلى أحداث سوريا".
ويبدي الطقش تخوفه أن "يكون الموسم المقبل أسوأ، إذا ما استمر الوضع السوري، وارتفاع كلفة الانتاج المتواصلة، في ظل غياب حوافز وتقديمات ومسؤوليات الدولة".