قلّ عدد الموقوفين الاعتيادي في اليوم الواحد عن 40 أو 50 شخصاً. بل كانت الحصيلة في بعض الأيام تصل إلى 80 موقوفاً. هكذا، لا يبدو أن الشهر الأمني كان «مميّزاً» على صعيد التوقيفات، وخصوصاً في ظل الحملة الإعلامية التي رافقته، إذ ظنّ البعض أن عمليات الدهم ستطال المنازل والأماكن المحصّنة نسبياً، ولكن هذا لم يحصل إلا بنسبة ضئيلة، بقيت دون التوقعات.
أحد الأمنيين يلفت إلى أن الشهر الأمني، الذي دعا إليه وزير الداخلية مروان شربل، كانت «الغاية منه الزجر والتخويف، في ظل الأمن السياسي الذي يحكم الكثير من المناطق، من الشمال إلى الجنوب، إضافة إلى ما تعانيه القوى الأمنية من نقص في العديد، ما يحول دون تكثيف دورياتها وحواجزها على الطرقات». ويضيف المصدر نفسه: «ربما استطاعت القوى الأمنية توقيف أعداد كبيرة من الخارجين على القانون، لو توفّرت إرادة سياسية، إضافة إلى القدرة اللوجستية، ولكن ما لا يعلمه البعض أن النظارات والسجون في لبنان لا تتسع لعدد المطلوبين، ولهذا صار بعض رجال الأمن، بإيعاز من القضاء المختص، يفرجون عن بعض الموقوفين، نظراً إلى عدم جواز توقيفهم في المخافر لفترات طويلة، خلافاً للقانون، في ظل عدم وجود سعة كافية لهؤلاء في نظارات قصور العدل التي يجب أن ينقلوا إليها».
إلى ذلك، وبعيداً عن التوقيفات، فقد بلغ عدد السيارات المحتجزة، نحو 1000 سيارة، إضافة إلى 350 شاحنة. يُذكر أن الكثير من سائقي الشاحنات لا يزالون يقودون شاحناتهم خارج الوقت المخصص لهم، خلافاً لتعميم سابق صادر عن وزارة الداخلية، وذلك على الطريق بين بيروت والبقاع تحديداً، حيث تكثر حوادث السير التي تكون الشاحنات على صلة بها. وإلى الدراجات النارية، التي سبق أن شنت عليها حملة توقيفات خاصة قبل أشهر، فإن عدد الموقوف منها منذ بداية الشهر الأمني بلغ 1400 تقريباً. أما عدد المحاضر التي حرّرتها القوى الأمنية، بحق مخالفين على مختلف الأصعدة، فبلغ 9598 محضراً. هذا الرقم بدا مرتفعاً، على عكس الأرقام السابقة، وذلك ربما لأن تحرير الضبط لا يحتاج إلى كثير جهد من الشرطي، بغض النظر إن كان المخالف ماثلاً أمامه أو غائباً عنه.
إذاً، مضت عشرة أيام على بداية الشهر الأمني، من دون أي إنجاز يُشعر المواطنين بأن قرار الدولة بفرض الأمن يحمل شيئاً من الجدية. في هذا الإطار، يحلو لآمر إحدى فصائل قوى الأمن أن يقول: «لم ينته الشهر بعد، ولكن، حتى إشعار آخر، تبيّن أن الأمر فاشوش. نأمل حصول توقيفات من العيار الثقيل، أو أخذ قرار بفتح طرقات يقطعها البعض جهاراً نهاراً، متحدّياً الدولة. ولكن لا يعاب الأمنيّون على هذا، بقدر ما يعاب أصحاب القرار من أهل السياسة والحكم».
زحمة سير لافتة
بعدما أغلق الشيخ أحمد الأسير الطريق في صيدا، لم يبق أمام العابرين إلى الجنوب سوى سلوك الطريق البحري للوصول إلى قراهم. ولكن مع ذلك، قررت القوى الأمنية، قبل يومين، نصب حاجز على هذا الطريق، ما أدّى إلى زحمة سير خانقة، دفعت ببعض العالقين فيها إلى ترك سياراتهم في وسط الطريق. إلى ذلك، اشتكى عدد من المواطنين من إقفال الطريق في شارع سبيرز في بيروت، منذ أكثر من أسبوع، بسبب الأشغال القائمة هناك، ما يؤدي يومياً إلى زحمة سير خانقة.
وتشهد العاصمة زحمة سير لافتة في مختلف مناطقها، رغم كل التحضيرات التي قيل إن القوى الأمنية اتخذتها لموسم الصيف، علماً بأن عدد الوافدين لم يكن كبيراً هذا العام.