أما بعثة المراقبين الدوليين، فبقيت على مسافة 6 كيلومترات من القرية بعدما منعتها القوات الجوية السورية من الاقتراب، وأشارت إلى عملية عسكرية واسعة تجري في المنطقة. وبرز من ردود الفعل الدولية، اتهام المبعوث الدولي كوفي أنان لدمشق بانتهاك التزاماتها إزاء مجلس الأمن وخطة النقاط الست.
وأعلن «المجلس الوطني السوري» ، الحداد الرسمي ثلاثة أيام حداداً على أرواح القتلى الذين سقطوا أمس الاول في التريمسة. وحمّل المجلس مسؤولية «المجزرة» للنظام السوري ولروسيا، التي اعتبر أنها أصبحت جزءاً من الأزمة في سوريا. وأفاد المجلس بأن عدد الذين سقطوا في التريمسة يصل إلى 305 قتلى ومئات الجرحى. ووصف رئيس المجلس عبد الباسط سيدا في مؤتمر صحافي، الوضع الحالي في سوريا بـ«الكارثي». وقال «نحتاج لمواد إغاثة للمتضررين في سوريا بشكل عاجل».
وطالب سيدا مجلس الأمن بعقد اجتماع عاجل لحماية الشعب السوري، مشدداً على أن «حماية السوريين لا تحتاج إلى أي شرعية تستند إليها».
وأشار سيدا إلى أن «كوفي أنان بدأ يبتعد عن المهمة التي أوكلت إليه»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «الروس لا يزالون متمسكين بموقفهم».
وجاء في بيان للمرصد السوري لحقوق الإنسان إن «بين الشهداء (في التريمسة) العشرات من مقاتلي الكتائب الثائرة المقاتلة»، مشيرا الى ان «شهداء المجزرة سقطوا جراء القصف وخلال الاقتحام والعملية العسكرية التي نفذتها القوات النظامية السورية في بلدة التريمسة». وأشار في بيان صدر أمس الى «توثيق أسماء اكثر من 100 مواطن سقطوا خلال القصف والعمليات العسكرية والاشتباكات في بلدة التريمسة في ريف حماه بينهم العشرات من مقاتلي الكتائب الثائرة المقاتلة».
وأشار المرصد الى «معلومات عن وجود 17 شهيدا قتلوا خلال نزوحهم عن البلدة بينهم نساء وأطفال» وإلى «نحو 30 شهيدا احترقت جثامينهم بشكل كامل ولم يتم التعرف عليهم». وقال بيان المرصد ان «بعض الشهداء قتل بالسلاح الابيض»، وإن «عشرات الشهداء أعدموا ميدانيا وبينهم مواطنون من قرى مجاورة» للتريمسة. وكان المرصد ذكر في وقت سابق ان 150 شخصا قتلوا في «المجزرة» أمس الاول.
وحمل المرصد الرئيس السوري بشار الأسد «مسؤولية المجزرة»، مؤكدا ان «عشرات الاشخاص أعدموا ميدانيا» بعد دخول القوات النظامية البلدة. وأشار الى ان المقاتلين الذين قتلوا هم من أبناء التريمسة، معتبرا ان «من يدافع عن ارضه وأهله هو مقاوم لآلة القمع، وأفراد العصابات هم الشبيحة وقوات النظام التي تقتل أبناء سوريا».
ووزع المرصد السوري شريط فيديو طويلا لـ«خروج القوات النظامية من التريمسة» بعد العملية العسكرية. وظهرت في الشريط حوالى مئة سيارة مدنية وعسكرية وشاحنات وباصات محملة بالعناصر باللباس العسكري، وبالمدافع والباصات والسيارات المعطوبة المحملة على رافعات، تمر على طريق وسط أرض جرداء. ووقف عدد صغير من الأشخاص يحيون العسكريين المارين بالصفير والتصفيق وهتافات «الله يحميكم»، «الله محيي الجيش».
وأكدت الناشطة مريم من «المكتب الاعلامي للثورة» في حماه ان هناك مدنيين بين القتلى، مشيرة الى ان القصف سبق اقتحام البلدة، وأن «جيش النظام استخدم قوة مفرطة في مواجهة مع عناصر من الجيش الحر لا يتجاوز عددهم خمسين».
في المقابل، قال عضو في شبكة «شام» الاخبارية المعارضة يدعى جعفر ان «عدد الشهداء المدنيين لا يتجاوز سبعة بحسب التعداد الذي وصلنا حتى الآن»، مشيرا الى انهم قتلوا في القصف. وأضاف «بقية الشهداء من الجيش الحر». وروى جعفر أن «رتلا من الجيش النظامي كان متوجها الى ريف حماه، عندما ضربه الجيش الحر وأخذ غنائم». وأضاف ان الجيش النظامي «هاجم على الاثر الجيش الحر المتمركز في التريمسة بمساعدة القرى العلوية المجاورة، وصمد الجيش الحر قرابة ساعة، قبل ان يتمكن الجيش النظامي من السيطرة على التريمسة وقتل افراد من الجيش الحر».
في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية عن مصدر إعلامي لم تسمه «إن قنوات الإعلام الدموي بالشراكة مع المجموعات الإرهابية المسلحة ارتكبت مجزرة بحق أهالي قرية التريمسة في ريف حماه في محاولة لتأليب الرأي العام ضد سوريا وشعبها واستجرار التدخل الخارجي عشية اجتماع لمجلس الأمن الدولي». وأضاف المصدر للوكالة ان «قنوات الإعلام الدموي استنفرت أدواتها من مجلس اسطنبول للمتاجرة بدماء السوريين الأبرياء الذين قضوا بنيران المجموعات الارهابية المسلحة في القرية».
وأوضح المصدر الاعلامي ان السلطات السورية بالتعاون مع أهالي القرية «أفشلت مجددا محاولات الإرهابيين تنفيذ أوامر مجلس اسطنبول ومكتبه العسكري تمهيدا لاجتماع مجلس الأمن».
لكن مصدرا عسكريا سوريا عاد وأعلن حسبما نقلت وكالة «سانا» الرسمية، ان القوات المسلحة السورية قتلت «عددا كبيرا من الارهابيين» في التريمسة حيث نفذت «عملية نوعية» لم تؤد الى وقوع ضحايا بين المدنيين.
المواقف
وقال ما وصف بأنه «تقرير عاجل» لبعثة المراقبين «الوضع في محافظة حماه لا يزال مضطربا للغاية ويصعب التكهن به». وأضاف «القوات الجوية السورية تواصل استهداف المناطق الحضرية المأهولة شمالي مدينة حماه على نطاق واسع».
وقال تقرير بعثة الأمم المتحدة الذي جاء في صفحتين «يجري تقييم العملية في التريمسة باعتبارها امتدادا لعملية القوات الجوية السورية في خان شيخون إلى صوران في الأيام القليلة الماضية». وطبقا لتقرير البعثة فإن مجموعة من مراقبي الأمم المتحدة العسكريين غير المسلحين تمكنوا فقط من الوصول إلى مسافة تبعد ستة كيلومترات عن التريمسة ومنعهم قادة من القوات الجوية السورية من الاقتراب بسبب «العمليات العسكرية».
وراقبت المجموعة الوضع من مواقع مختلفة قليلة حول التريمسة لنحو ثماني ساعات سمعت خلالها أكثر من 100 انفجار وصوت نيران أسلحة صغيرة متقطعا وصوت نيران مدافع رشاشة وشاهدوا أعمدة من الدخان الأبيض والأسود. وقال التقرير إنهم شاهدوا أيضا مروحيات «إم.آي ـ 8» وأخريين من طراز «إم.آي 24» تحلق، كما شاهدوا إحدى المروحيات تطلق صواريخ جو ـ أرض.
وأعلن رئيس بعثة المراقبين الجنرال روبرت مود ان المراقبين مستعدون للتوجه الى التريمسة للتحقق مما حصل، «عندما يكون هناك وقف جدي لاطلاق النار».
من جهته، اعرب مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان عن «صدمته وروعه» للتقارير التي تشير الى مجزرة التريمسة. وتحدث عن «معارك عنيفة وعدد كبير من الضحايا واستخدام مؤكد لاسلحة ثقيلة مثل المدفعية ودبابات ومروحيات».
وفي بيان نشر في جنيف، اعتبر أنان أن ذلك يشكل «انتهاكا لالتزام الحكومة وقف استخدام الاسلحة الثقيلة في اماكن سكنية والتزامها بالنقاط الست لخطة السلام».
وكرر انان في رسالة إلى مجلس الأمن حصلت عليها وكالة «رويترز»، القول بأن استخدام الحكومة السورية للمدفعية والدبابات والمروحيات ضد قرية التريمسة ينتهك التزاماتها بموجب خطة السلام التي وافقت عليها الأمم المتحدة. وقالت الرسالة «مما يدعو للأسى .. لدينا الآن دليل قاتم آخر على استمرار الاستهانة بقرارات المجلس» مشيرة إلى أنه حث المجلس يوم الأربعاء الماضي على أن يبعث برسالة مفادها أن عدم الامتثال ستكون له عواقب. وقالت الرسالة «هذا لازم ولا يمكن أن يكون أكثر إلحاحا منه الآن في ضوء تطورات الأحداث».
ووصفت الولايات المتحدة مجزرة التريمسة في سوريا بأنها «كابوس»، فيما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو خلال مؤتمر صحافي ان «هذه المأساة تعكس كم يترتب على الحكومة السورية القيام بخطوة اولى في اتجاه وقف أعمال العنف».
وقال بيان لوزارة الخارجية الروسية «ليس لدينا شك في أن هذا الاعتداء يخدم مصلحة تلك القوى التي لا تسعى للسلام بل تسعى بشكل حثيث لنشر بذور الصراع الطائفي والأهلي على الأرض السورية».
وأعلنت جماعة «الاخوان المسلمون» في بيان «لا نعتبر الوحش بشار (الأسد) المسؤول وحده عن الجريمة المروعة.. بل ان المسؤول عن هذه المجزرة وعن سابقاتها هو كوفي انان والروس والايرانيون وكل دول العالم التي تدعي مسؤوليتها في حماية السلم والاستقرار العالميين ثم تلوذ بالصمت والمراوغة». (أ ف ب، رويترز، أ ب)