وبانتظار الرد الاسرائيلي «المدروس»، تنشغل المحافل البحثية في تل ابيب بدراسة العملية وتوقيتها ومعانيها والرسائل التي تحملها، وتحديدا دراسة إمكانات الرد الاسرائيلي، وإن كان مجديا، او انه سيؤدي الى سلسلة من الردود والردود المقابلة، وصولا الى تصعيد لا تريده اسرائيل.
في سياق ذلك، أكد مركز أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، وهو من أهم المراكز البحثية الاستراتيجية في إسرائيل، ان «الاجهزة الامنية الاستخبارية امام تحد كبير، بأن تصل الى فحوى رسالة حزب الله وايران، المرسلة بواسطة الارهاب في الخارج»، مشيرا الى ان فهم الرسالة، هو الطريق الامثل لتحديد الرد، مع «وجوب التفكير بصورة واقعية، وعدم الانجرار بتوريط اسرائيل في قتال مع جيرانها».
وأشار المركز في نشرة «مباط عل» (نظرة عليا) التي تصدر عنه دورياً، الى ان عملية بلغاريا، هي «جزء من هجوم واسع يقوم به حزب الله وايران، ويهدف للثأر وايجاد توازن رعب مع اسرائيل»، لكن رغم ذلك، فإن «السؤال الاساسي الذي يطرح نفسه هو: هل هناك استراتيجيا ما تقف وراء العملية، خدمة لمصلحة ايرانية اكبر؟».
وشدد المركز، في المقابل، على صعوبة تحليل الدوافع الكاملة لكل من ايران وحزب الله، والتي تقف خلف العملية الاخيرة في بلغاريا، لكنه اشار الى انه «يمكن التقدير بأن الصعوبات التي تواجهها ايران، وتحديدا العقوبات الاقتصادية، ومقتل علمائها النوويين، والتهديدات الواضحة بشن هجوم عسكري وشيك عليها، مع حركة السفن الحربية الاميركية في الخليج، كل ذلك قد يكون مسؤولاً ومسرّعاً لقرار ايراني بتفعيل عمليات ارهابية تحمل رسائل واضحة».
علاوة على ذلك، يضيف المركز، «قد تكون ايران قررت بالفعل، وضع حد للهدوء الامني على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، التي كانت هادئة طوال السنوات الست الماضية»، والامر الواضح ان «قوة الردع الاسرائيلية ضد حزب الله، لم تكن فعالة في ما يتعلق بأنشطة ضد أهداف إسرائيلية في الخارج، على مدى السنوات الأربع الماضية»، منذ مقتل مسؤوله العسكري عماد مغنية.
بحسب المركز، فإن «التحدي الذي يواجه الاستخبارات الاسرائيلية، هو في تحديد ما إذا كان المقصود من الحملة المشتركة الإرهابية في الخارج، الاشارة إلى إسرائيل، بأن ايران لن تتسامح مع اي اعتداء اسرائيلي ضدها، وان استهدافها في الخارج سيتوقف إن هي انهت انشطتها ضد ايران وحزب الله، او ان هناك اعتبارات اخرى اشمل، كأن تكون ايران عازمة على جر اسرائيل الى رد فعل قاس ضد حزب الله، ردا على الهجمات في الخارج، ما من شأنه ان يجر اسرائيل الى حرب شاملة مع الحزب، من شأنها أن تتسبب في خسائر فادحة لدى كل من حزب الله واسرائيل، وهو كفيل بأن ينهي استعداداتها العسكرية ضد ايران، واي نية اخرى لهجوم عسكري فوري ضد طهران. كذلك على الاستخبارات الاسرائيلية ان تنظر جيدا إن كان القصد ايضا، تحويل الانتباه بعيدا عما يجري في سوريا». ونوّه المركز بمواقف رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، فور الاعلان عن التفجير، والتي وعد فيها بالرد، مشيرا الى انها «مواقف مبررة، وهي جزء من الحملة الاسرائيلية المنسقة لمواجهة النهج الايراني غير المسؤول في سياق الارهاب الدولي وتطوير الاسلحة النووية»، مع ذلك، اكد المركز ان الاضطرابات في الدول المحيطة بإسرائيل، وحالة عدم الاستقرار في انظمتها، يضع اسرائيل في مواجهة تحديات امنية معقدة، الامر الذي يفرض على القيادة الاسرائيلية ان تنظر بوضوح واتزان، ازاء الرد على الاستفزازات، من جانب تنظيمات ارهابية (حزب الله)، تريد توريطها في حرب مع جيرانها.
بناء على هذه المحددات والمحاذير، خلص المركز الى ضرورة ان «تتبنى اسرائيل سياسة ضبط النفس، والرد في الزمان الذي تختاره هي، بصورة مركزة وسرية ضد مرتكبي العمليات ومرسليهم»، مشددا على وجوب تجنب اسرائيل الانجرار وراء دوامة دموية وحرب من شأنها ان تساعد الاطراف المعادية، وان تحول الغضب باتجاه اسرائيل. وفي السياق نفسه، رفض الاتحاد الأوروبي إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب الاوروبية، بناء على طلب من اسرائيل، وقالت وزيرة خارجية قبرص، إيراتو ماركولس، التي تتولى حاليا رئاسة الاتحاد الأوروبي، انه لا يوجد توافق في الآراء داخل الاتحاد على ضم حزب الله إلى لائحة الإرهاب».
وكان مستشار الرئيس الاميركي لمكافحة الارهاب، جون برينان، وصل الاثنين الى بلغاريا، للمشاركة والاطلاع على سير التحقيقات في تفجير بورغاس، رغم ان الادارة الاميركية اكدت ان الزيارة كانت مقررة مسبقا، وتتناول التعاون الامني المشترك.