أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

أسئلة غربية عن «الكيماوي» السوري وطمأنة لبنانية

الأربعاء 08 آب , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,342 زائر

أسئلة غربية عن «الكيماوي» السوري وطمأنة لبنانية

 

طرح تسارع الاحداث السورية «اجندة» مختلفة على زوار العاصمة اللبنانية، من الديبلوماسيين الغربيين، الذين كثروا في الآونة الاخيرة، في محاولة تتعدى استكشاف الاوضاع المحلية الداخلية. ينقسم هؤلاء الزوار قسمين، الاول يستمر في نقل تأكيدات دول فاعلة وطمأنتها إلى منع حدوث انعكاس للوضع السوري على لبنان، وتقديمها ضمانات الى الحكومة عبر موفديها لمنع انتقال اي فتنة الى الداخل اللبناني.

اما القسم الثاني، وهو الاهم، فيأتي حاملاً رسائل سياسية، ويطرح اسئلة محددة محاولاً تلمس اجابات شافية حولها، عبر الدوائر المختصة. وآخر ما نقلته دوائر غربية فاعلة رسالتان مهمتان على صلة بالوضع السوري، الاولى تتعلق بموضوع الاسلحة الكيماوية السورية الذي طفا اخيرا على وجه الحدث السوري مع اشتداد المعارك حول دمشق والمناطق السورية الامنية البحت. بالنسبة الى هؤلاء، تكبر الخشية الدولية على مصير هذه الاسلحة، إما لجهة استخدام النظام السوري لها، او لاحتمال خروجها عن السيطرة السورية الرسمية، والوقوع في ايدي المعارضة.

ورغم ان ثمة من يعتبر ان موضوع الاسلحة الكيماوية يستخدم دولياً فزاعة اكثر منه عنصر حرب حقيقية، الا انه يتصدر اهتمام زائري لبنان، الذين تحدثوا عن ثقتهم بوجود هذه الاسلحة حتى الآن في مكان سوري آمن وفي يد القيادة السورية حصراً. الامر الذي يجعل هذا الملف خارج اطار البحث الآني، رغم كل التطورات السورية المتسارعة، ولا سيما في ظل رعاية روسية ــــ صينية للقيادة السورية ما يمنعها من الوصول الى نقطة تهور تطاول المجتمع الدولي كله وليس سوريا فحسب. لكن الخطر يكمن، بحسب هؤلاء، في حال اراد النظام السوري ان ينقل المعركة الى لبنان عبر ارسال هذه الاسلحة الى حليفه «حزب الله». من هنا وصلت رسالة دقيقة اخيراً عبر ديبلوماسيين فاعلين كانت عبارة عن اسئلة محددة حول احتمال وصول هذه الاسلحة الى الحزب في حال تطلبت الاجراءات السورية ذلك. والجواب الذي تلقاه هؤلاء كان مطمئناً الى حد موثوق، جعلهم يبدون اطمئناناً ملحوظاً امام المراجع التي التقوها.

اما الجزء الثاني من المخاوف الغربية، فهو عبارة عن سيناريو يتعلق بامكان سيطرة المعارضة السورية على مخابئ هذه الاسلحة. ويتحدث هؤلاء عن خطورة تسربها الى تفرعات هذه المعارضة، لأن الثوار السوريين اليوم، ليسوا منتظمين جميعهم تحت لواء «الجيش الحر» بهيكليته النظامية، وانما ايضا تحت مجموعات اصولية وخارجة عن قانون المعارضة الرسمية وسلطتها، كما ظهر اخيراً في عمليات اعدام جنود سوريين على ايدي مجموعات مسلحة. ويبدي الزوار الديبلوماسيون خشيتهم من تمدد عناصر تنظيم «القاعدة» بين سوريا ولبنان، وحصولهم على هذه النوعية من الاسلحة، وهم طرحوا على اكثر من مرجع رسمي اسئلة محددة عن طبيعة المجموعات الامنية الموجودة في لبنان.

الرسالة الثانية تتعلق ايضا بـ«حزب الله» والتحذيرات من احتمال قيام اسرائيل بعملية عسكرية. وبحسب هؤلاء الديبلوماسيين، فان القيادة الاسرائيلية لن تسكت عن احتمال حصول الحزب من سوريا على اسلحة كيماوية.

وحملت الرسائل ايضا تحذيراً واضحاً من مغبة حصول «حزب الله» على اسلحة من سوريا او غيرها مضادة للطائرات. وشددت أحاديث الموفدين على ان هذا الامر يعتبر من المحظورات العسكرية التي لن تسمح اسرائيل للحزب بالحصول عليها في اي ظرف من الظروف، وستكون حاسمة في الرد على هذا التطور العسكري. كذلك فان اسرائيل وجّهت عبر دوائر ديبلوماسية رفيعة تحذيرات من ان اكتشافها لاي تورط للحزب في عملية بلغاريا لن يمر من دون ردة فعل قاسية، وسيكون لهذا التورط ارتداد مباشر على لبنان.

وقد تبلغ الموفدون رسائل طمأنة في اكثر من ملف، حملت تشديدا على وعي لبنان الرسمي والقوى السياسية فيه لخطورة الاوضاع، وعدم السماح بأي انجرار الى ما يمكن ان يرتد على الساحة اللبنانية. وقد عبر اكثر من موفد عن ارتياحه الى ما سمعه من تأكيدات تجاوزت اطار المماحكات السياسية الداخلية.

في المقابل وضعت مصادر مطلعة الرسائل التي تصب في اتجاه واحد، في خانة الضغط السياسي الذي تمارسه الدول الغربية على «حزب الله» في هذه المرحلة المفصلية. ففي اطار هذه الضغوط، المطلوب من الحزب ان يبدأ استدارة نصفية لا اكثر ولا اقل، خلال عملية الانتقال السياسي في سوريا، وهذه الاستدارة تندرج تحت عنوان العمل السياسي للحزب، على غرار باقي القوى السياسية الاخرى. وفي اعتقاد اكثر من جهة ان الدوائر الغربية لا تنتظر اجوبة محددة حول الاسلحة الكيماوية او تورط حزب الله في عملية بلغاريا، حتى تحدد موقفها. ففي الاولى، ثمة اعتقاد لبناني جازم بأن الحزب يعرف تماماً ان ليس في مصلحته، ولا في قاموسه، حيازة هذا النوع من الاسلحة اليوم، بغض النظر عن الضغط الغربي. اما لجهة التهديد الاسرائيلي، فان الرسائل المتتالية تصب في خانة الايحاء بأن التهمة بتورط «حزب الله» في عملية بلغاريا جاهزة، والرد الاسرائيلي جاهز بدوره، في حال جنحت الاوضاع في سوريا ولبنان الى النحو الذي لا يصب في خانة اسرائيل. ولم تستبعد هذه الجهات، ايضاً، ان يصار الى التلويح الاسرائيلي او حتى الدولي بمسؤولية الحزب عن عملية سيناء في اطار الرسائل الاقليمية المتبادلة، اذا اقتضت المصلحة الاسرائيلية ذلك.


Script executed in 0.21080207824707