أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

عـرس بمليـون دولار: السيـاسـة تضـرب الموسـم

الخميس 09 آب , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 6,626 زائر

عـرس بمليـون دولار: السيـاسـة تضـرب الموسـم

وقد صنع السفينة مكتب تنظيم الأعراس الذي يملكه سمير عطالله في رأس بيروت، بعدما تحولت الأعراس إلى حالة قائمة في ذاتها، لديها مؤسساتها الخاصة بها، وتشمل مكاتب التنظيم، وتأجير السيارات الخاصة، ومراكز الزفة التي تجيد أنواع الرقص العربي والأجنبي، ومراكز التصوير، ومؤسسات بيع الزينة والشموع، وتأجير الكراسي والطاولات، والمطاعم الخاصة بالولائم، إضافة إلى مؤسسات تأجير فساتين العرس. 

وصل الاهتمام بالزواج إلى حدود أقرب إلى الخيال، وتحول تصميم الأماكن الخاصة به في قاعات الفنادق، أو المنازل، إلى عالم منفصل كلياً عن خارجه. ورود تصبح باقات بأشكال متنوعة، ويصل سعرها إلى خمسة وثلاثين ألف دولار. قماش الدانتيل والساتان لتزيين الطاولات والجدران. زجاج يتدلى فوق الطاولات، مع شموع من كل الأحجام والألوان. أشجار في حدائق، أو نخيل حول مسابح، تختلط بالأضواء الملونة، فتشكل جميعها ذلك العالم الساحر والعالي الكلفة في آن. 

ألف مدعو في عرس واحد 

تبلغ كلفة الحد الأدنى للعرس حاليا خمسة عشر ألف دولار، من دون عشاء.. وتصل إلى مئتين وخمسين ألف دولار. وأحيانا إلى مليون دولار، وتلك الأخيرة خاصة بمهاجري أفريقيا. 

ويقول عطالله، وهو من أوائل الذين فتحوا مكتباً لتنظيم الأعراس في العام 2000، إن عدد المدعوين إلى العرس كان يراوح بين مئتين ومئتين وخمسين شخصاً، ثم وصل إلى ألف شخص، وأحيانا إلى ألف ومئتي شخص. ودرجت عادة دعوة معارف من خارج لبنان، خصوصاً في أعراس الأثرياء. 

ويجمع عدد من أصحاب مكاتب تنظيم الأعراس على تراجعها هذا الصيف، لسببين: الأول هو الظروف السياسية والأمنية التي يشهدها لبنان، وارتباطها بما يجري في سوريا، والثاني ارتفاع الكلفة الاقتصادية. وقد انعكس ذلك على عمل المؤسسات المرتبطة بها، فاضطرت إلى خفض أسعارها، لا سيما أنها انتشرت انتشارا واسعا. 

وتراجع عدد المدعوين مجدداً إلى ما بين مئتين وخمسين وثلاثمئة شخص حداً أقصى. ويوضح عطالله الذي ينظم أعراساً في الخليج أنها تراجعت.. حتى في تلك الدول، بسبب ارتفاع الكلفة. ويقول إن اثني عشر زوجاً طلبوا إلغاء أعراسهم أثناء حصول الأحداث الأخيرة في الشمال وبيروت، ثم عادت الحركة، ولكن ببطء، مشيراً إلى أن غالبية الأزواج من أصحاب الدخول المتوسطة. 

تتنوع أماكن إقامة الأعراس، صالة خاصة، قاعة فندق، مسبح أو حديقة، منزل يؤجره أصحابه للمناسبة، أو فيلا وقصر ملك العريس والعروس. ويوجه صاحب المكتب العروسين إلى المكان المناسب استنادا إلى الكلفة. فلكل فندق أسعاره: في هذا كلفة العرس خمسة وستون ألف دولار. وفي ذاك ثمانون ألف دولار. وفي ثالث خمسة وتسعون ألف دولار. أما في تلك القاعة فتبلغ الكلفة مئة وعشرين ألف دولار. وفي أحد منازل ضبيه تبلغ كلفة المدعو الواحد مئة وعشرين دولاراً. 

مغني أوبرا 

يتولى المكتب ترتيب جميع مستلزمات العرس، باستثناء الطعام. فهو يتعاقد مع فرقة الزفة والمغنين، وبينهم مغنون معروفون، ومع شركات تأجير السيارات، ومحال بيع الزهور، ومصممي الديكور. ويستورد أدوات الزينة من قماش وشموع وساتان، من الصين، وأحياناً يشتريها من محال في لبنان، وفق طلبات العروسين. وتستخدم في الأعراس المرتفعة الكلفة كراسي خاصة من النابليوم الفضي أو الذهبي، والتيفاني الأبيض اللون. 

ويوضح عطالله أن كلفة أعراس هذا العام لم تتجاوز التسعين ألف دولار. لكن في المقابل هناك من يملك الشجاعة لإقامة العرس في قلب الأحداث. ويروي أن والد إحدى العرائس اتصل به من طرابلس من أجل إقامة عرس ابنته في بيروت، فسأله ما إذا كان واثقاً أنه باستطاعة المدعوين الانتقال من طرابلس إلى بيروت أثناء العرس؟ وكان جوابه أن الكلام عن الأحداث مبالغ فيه. 

ويشرح أن كلفة العرس تصل إلى مبالغ خيالية، بسبب نوع الطعام والديكور والمطربين. فقد دعا صاحب أحد الأعراس مغني أوبرا من إيطاليا، للغناء في عرسه مدة نصف ساعة مقابل ستين ألف دولار. بينما يتقاضى راغب علامة مبلغ ستين ألف دولار لإحياء ليلة العرس، وتتقاضى نجوى كرم بين سبعين وثمانين ألف دولار، مع العلم أن غناءها غير مناسب لحفلات الأعراس، ولكن البعض يحبها. 

رقص العالم للزفة 

لا عرس من دون زفة، لذلك كانت قبلا الزغاريد، ثم الأغاني مثل: زفوا العروس زفوها. وتغندري يا حلوة يا زينة. وبعد ذلك، أصبح للزفة فرقها الخاصة، يشارك فيها أحيانا أعضاء فرق رقص مسرحية. 

تعتبر «زفات دوت كوم» من أكثر الفرق المعروفة في لبنان، فهي تتألف من مئة راقص وراقصة، يستطيعون إحياء ثمانية أعراس يومياً. يتوزعون بين اثني عشر وأربعة عشر راقصاً في كل حفلة، ويدربهم مصممون في الرقص على أنواعه. يقول مسؤول الفرقة باسل حسنية إن التدريب يشمل تقريباً معظم أنواع الرقص المعروف لدينا في العالم. 

«الكابويرا» و«السامبا» و«اللامبادا» البرازيلي، «السالسا» و«الرومبا» اللاتيني، «المارياتشي» الأسباني، «الكان كان» و«الليدو» الفرنسي، «الهاواي شو» و«الجاز» و«البرودوي شو» الأميركي. ثم يأتي الرقص الأندلسي والمغربي، واللبناني: الدبكة الأصلية، والدبكة الحديثة المخلوطة مع «التكنو»، الرقص الشرقي الذي تؤديه مجموعة، أو راقصة منفردة، على الطريقة المصرية. 

ويتعامل حسنية مع أعضاء الفرقة بالتعاقد، باستثناء خمسة عشر شخصا فقط من الموظفين الدائمين لديه. ويقول إنه كان يحيي أربعمئة عرس سنوياً، بالإضافة إلى حفلات لمصلحة وزارة السياحة. لكن العدد تراجع إلى مئتي عرس، أي بنسبة خمسين في المئة. وألغى أصحاب عشرة أعراس حفلاتهم بعد الاتفاق معهم. 

ويحيي حسنية أعراساً خليجية في بيروت. ولكن بسبب التحذير الذي وجهته سفارات خليجية لرعاياها بعدم المجيء إلى لبنان، ألغيت أيضاً أربعة أعراس خليجية، موضحاً أن الاتفاق يعني حجز الفرقة، وتدريبها على الرقصات المطلوبة. 

وانعكس خفض عدد المدعوين على إيجار فرقة الزفة. فقد اتفق مع صاحب أحد الأعراس على مبلغ ثلاثة آلاف دولار، لكن تراجع عدد المدعوين من ستمئة إلى ثلاثمئة وخمسين شخصاً، أدى إلى حصوله على ألف وخمسمئة دولار. وهناك أشخاص قرروا إقامة أعراسهم خارج لبنان. وبعض أصحاب المكاتب كان ينظم بين عشرين وثلاثين عرساً في السنة. وهذه السنة لم ينظم أكثر من أربعة أعراس. 

ولا ينسى حسنية الحديث عن فاتورة الكهرباء، ويحسب لها ألف حساب في المنازل، وفي المؤسسات، ويقول إنه يدفع شهرياً ثلاثمئة وخمسة وعشرين دولاراً بدل الاشتراك في المولد، ومئة وخمسين ألف ليرة بدل فاتورة الدولة. لذلك كله، يعتبر حسنية الموسم مضروباً. 

السيارات 

منذ وقت ليس بعيداً، لم يكن أهل العرس يفكرون في استئجار سيارة خاصة لنقل العروسين، بل يزين العريس سيارته أو سيارة أحد أقاربه إذا كانت أكثر حداثة. ومع انتشار شركات تأجير السيارات، تخصص بعضها بتأجير سيارات الأعراس. بين هؤلاء مكتب آلان نوار في طريق المطيلب ـ بكفيا. يقول آلان إن السيارات المستخدمة هي «رولز رويس»، «كرايزلر»، «بي. أم. دبليو»، «ليموزين»، «بنتلي»، و«المرسيدس»، وبينها سيارات مكشوفة السقف وأخرى قديمة. ويراوح إيجار السيارة بين مئة وخمسين دولاراً وألف دولار. وتستأجر تلك السيارات دائماً مع السائق. ويمكن استئجار سيارات من مكاتب عادية. 

ويقول آلان إن نسبة الأعراس تراجعت نحو ثلاثين في المئة، ففي السابق كان يُنظم كل سنة نحو ألف عرس، بينما لديه هذه السنة نحو سبعمئة عرس. 

زينب ياغي


Script executed in 0.18920588493347