أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

رجل سوريا الأول في لبنان

الجمعة 10 آب , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,232 زائر

 رجل سوريا الأول في لبنان

 وفي حال إجابته من يتهرب منهم، سيدّعي أنه مرافقه وسيُعلم معاليه باتصالهم حين يلتقيه. لكن سرعان ما ينسي انهمار قبلاته الزائر عتبه، ويأخذه سماحة بين ذراعيه الكتائبيتين حتى يصدق أنه من أهل البيت. في البيت ثلاثة حواسيب على الأقل، يتنقل سماحة برشاقة بينها، مغيّراً بين الواحد والآخر نظاراته السميكة. فيما تلون خطوط صفراء صفحات بعض الكتب التي لم يشبع سماحة بعد نهم استشهاده بها.

أعطاه (مواليد 1948) حزب الكتائب بطاقته الحزبية الأولى عام 1964، فلم يطل الانتظار في الخنشارة، جارة بكفيا، حتى يرأس دائرة الثانويين في مصلحة طلاب الكتائب، التي كان يرأسها الوزير السابق كريم بقرادوني. ولم يكد بقرادوني يترقى، حتى حل سماحة عام 1971 محله رئيساً لمصلحة الطلاب في الكتائب. وعلى غرار بقرادوني، لم يحمل سماحة سلاحاً ولم يدخل يوماً دهاليز الكتائب الأمنية. هو أساساً كان ـــ بحكم متنيّته ربما ـــ أقرب إلى الرئيس أمين الجميل منه إلى شقيقه بشير. وبموازاة انشغال كريم بإعلام بشير، عيّنه أمين مسؤوله الإعلامي، ولاحقاً رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون لبنان.

إبداعه في التنظير السياسي شجّع القيادة الكتائبية على ضمه لبقرادوني وجوزف أبو شرف في زياراتهما المكثفة لدمشق. أولى علاقاته الوطيدة هناك كانت مع العميد السوريّ محمد الخولي. لاحقاً، انقلب سماحة على الجميّل، منحازاً إلى الأمني الأول في القوات اللبنانية إيلي حبيقة. وبحكم علاقات الأخير الأمنية المتشعبة، يقول أحد المطلعين على أسرار تلك المرحلة، بدأ سماحة تواصلاً جدياً مع بعض عناصر الاستخبارات الفرنسية. تحديداً منذ عام 1985، بات للرجل دوران: الأول سياسي لبناني. والثاني استخباري سوري ـــ فرنسي. وعشية الاتفاق الثلاثي، تكفّل سماحة بتسويقه، فنفي مع حبيقة في 15 كانون الثاني 1986 إلى خارج مناطق نفوذ القوات اللبنانية. وحتى عند وفاة والدته، رفضت قوات جعجع أن تسمح له بدخول الأشرفية ليودعها. في تلك المرحلة، توطدت علاقته بالاستخبارات الفرنسية أكثر، ولا سيما أنه كان يقضي في باريس، حيث عائلته، وقتاً أطول مما يمضيه في دمشق.

فرنسياً، كبر نفوذ سماحة كجزء من نفوذ أصدقائه في الإدارة الفرنسية الذين تطوروا في مواقعهم هم أيضاً، حتى بات أحد أصدقائه (كلود غيان) مديراً للإليزيه. وسورياً أيضاً، بلغ سماحة موقعاً متقدماً في النظام بحكم تقدم صديقته السيدة بثينة شعبان، حتى انتقل الإعلام السوريّ من وصفه بـ«معاون مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان» إلى «مستشار الرئيس السوري للشؤون الفرنسية». لم يزر وفد فرنسي الرئيس السوري، حافظ الأسد، بعد عام 1990 أو الرئيس السوري، بشار الأسد، حتى انقطاع علاقته العلنية بالفرنسيين إلا كان سماحة في استقباله.

لكن علاقة سماحة الوطيدة بالنظام السوريّ لم تنعكس محلياً. فبعد فوزه بما يشبه التعيين بالمقعد الكاثوليكي في المتن الشمالي عام 1992، خسره عامي 1996 و2000 على مرأى من الاستخبارات السورية ومسمعها لمصلحة مرشح النائب ميشال المر النائب السابق أنطوان حداد. استفاد محلياً أكثر من بلوغ صديقه الياس الهراوي رئاسة الجمهورية، فدخل سماحة عصره الذهبي، إذ عينه الهراوي وزيراً للإعلام، فوزيراً للسياحة ستة أشهر، ثم وزيراً للإعلام مجدداً من عام 1992 حتى عام 1995. ولم يلبث الحريري أن أعاده إلى وزارة الإعلام في آخر حكوماته خلال عهد الرئيس إميل لحود. وسماحة كان صديق الحريري في الشكل، أما فعلياً فلم يحب أحدهما الآخر، بسبب محاولات الحريري الدائمة اللعب بملعب سماحة الفرنسي ـــ السوري، مقدماً نفسه كعراب التسويات بين النظام السوريّ والغرب.

بعيداً عن الزعامات والمواقع الرسمية وبعض الأحزاب، يصف أحد المطلعين سماحة برجل سوريا الأول في لبنان. والأكيد أن سماحة في السنوات الخمس الماضية، كان أكثر المطلعين على ما يطبخ في قصر المهاجرين. لكن حامل الجنسية الكندية غالباً ما بالغ في استعراض معلوماته، مسوّقاً السيناريوات التي تعجب المشاهدين وتسحرهم. في مكتبه، المعلومات قليلة والتحليلات كثيرة. أما في براد، التي كان سماحة عراب حج العماد ميشال عون إليها، فالكلام قليل والعمل كثير. لا يكاد الرجل يودع ضيفاً في بهو الشيراتون الدمشقي حتى يستقبل آخر: سوريين ولبنانيين وصحافيين أجانب. حتى بعد اندلاع الأزمة السورية، هو كان الممر الجديّ الوحيد لروايات النظام بشأن المسلحين وإسلامية الثورة إلى الإعلام الأجنبي. أهم ما في سماحة، قدرته على الحديث عن كل قضايا العالم وشؤونه، باستثناء القضية التي يعمل بالفعل عليها. قوى 14 آذار وخصوصاً القوات اللبنانية والرئيس أمين الجميل والنائب وليد جنبلاط وحتى جاره النائب ميشال المر يمقتونه جداً، فيما لا يمكن وصف كارهيه ضمن قوى 8 آذار بالأقلية.


Script executed in 0.19000792503357