أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

لجنة «صحّ النوم» ستحرر المخطوفين!

السبت 18 آب , 2012 01:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,043 زائر

لجنة «صحّ النوم» ستحرر المخطوفين!

لم يسمع اللبنانيون القابعون وراء شاشة «المباشر» سوى جنون التطمينات الفارغة، وبطولات أبو إبراهيم «ملك الساحة اللبنانية على بياض». ربما لا تستطيع الحكومة الحالية أن تضغط على تركيا راعية «الجيش السوري الحر»، ولا أن «تشحذ» من قطر أو السعودية موقفاً للإفراج عن المخطوفين، وهي تعلم أن الموضوع ابتزاز سياسي «لحكومة حزب الله»، لكنها تستطيع من دون شك أن تُشعر مواطنيها بوجودها، ولو بالموقف.

لا هَمّ. الإهمال لا يولّد إلا عنفاً. وكالعادة، تأتي القشّة التي تغلّب كفة في الميزان من دون حسبان. ففور شيوع خبر اختطاف المواطن اللبناني حسان المقداد في سوريا، انتفضت الأجنحة العسكرية للعشائر. عصَف الخطف، فأُعيد إيقاع المجتمع إلى ما قبل تأسيس الدولة الحديثة. هنا في معادلة أبو ابراهيم ــ ماهر المقداد، لا مكان لحكم القانون.

أن تأتي الحكومة متأخرة خير من أن لا تأتي أبداً. اجتمعت، تناقشت، هيأت وقررت: خليّة أزمة لمتابعة قضيّة المخطوفين. تمخّض الجبل إذاً، فأنجب فأراً. صورة وزراء خليّة الأزمة في اجتماع وزارة الداخلية بالأمس تؤشّر إلى شيء واحد: أزمة خلية.

ألم يكن باستطاعة الحكومة تأليف لجنة منذ اليوم الأول لاختطاف اللبنانيين الـ11؟ ماذا يكلّف تأليف لجنة؟ قرار من مجلس الوزراء، ثمّ بيان وبضعة مواقف، ويكون لدى الحكومة ما تجاهر به أمام مطالبيها: ألّفنا لجنة، وانتظروا النتائج.

لن يقتنع أحد بأن تأليف اللجنة جاء بناءً على قناعة. لو لم يستعر الجنون لما تألّفت لجنة ولا من يجتمعون. ولو لم يكن في عداد المختطفين مواطنَان تركيَان، لفعلت اللجان أقصى ما تفلح فيه: تدير الأذن الطرشاء.

الحديث مع شربل على انفراد هذه الأيام، يشعرك كم أن الدولة أصبحت «مفلسة». لم يزر شربل رابطة آل المقداد في الضاحية، على عكس ما ذكر في بعض وسائل الإعلام، بل «لم أقل لأحد بأني أريد هذه الزيارة». من يضمن له الحفاظ على هيبة وزير داخلية هناك؟ لا أحد. إذاً «بلاها».

ــ مين أبو ابراهيم معالي الوزير؟

ــ شربل: ما بعرف، وحياتك ما بعرف. مش بس هيك، ما بعرف وينو، مين بيمون عليه، يعني أنا ما عدت عارف شي من شي. إنت فهمت عليه شي؟ المشكلة أنه يسميهم ضيوفاً! حسناً، العرب يستضيفون 3 أيام وهو يبقيهم لديه 3 أشهر!

ــ طيب عم تحكوا مع الأتراك؟

ــ أكيد، وَلَو. بس ما بدّن يحكوا شي للاعلام، حتى ما تتعرقل القصّة.

كل هستيريا وسائل الاعلام، ولا يريد الأتراك أن تتعرقل القضيّة. فكيف لو أنهم يريدون العرقلة؟ شربل هذا هو غيره ذاك الذي يربت كتف الشيخ أحمد الأسير وهو يشلّ الحياة في صيدا عاصمة الجنوب. هو غيره الذي يتشوّق إلى اسلاميي طرابلس ويقف عند خاطرهم وخاطر الموقوف/المحرّر شادي المولوي بعد حصار طرابلس عاصمة الشمال. أثناء الحديث معه، وحدها الحاجّة أم جهاد في «فيلم أميركي طويل» تتبادر إلى الذهن.

لنائب رئيس الحكومة سمير مقبل حكايته هو الآخر. أعلنت الحكومة بعد اجتماعها أول من أمس توليه رئاسة اللجنة. بالأمس، ظهر وزير العمل سليم جريضاتي متحدّثاً باسم اللجنة. أين سمير مقبل؟

ــ مرحباً دولة الرئيس. كيف كان اجتماع اللجنة؟

ــ اللجنة؟ اجتمعوا من دوني.

ــ مش دولتك رئيسها؟

ــ بطّلت، أنا عندي 24 لجنة أترأسها، مش فاضي والله.

ــ طيب مين الرئيس الجديد؟

ــ وحياتك ما عندي فكرة.

مهلاً، 24 لجنة مرّة واحدة! تبدو الحكومة قائمة على ظهره، يفعل فيها كل شاردة وواردة. لا شكّ أنها لا تلبث أن تخرج من حفرة، لتقع في هاوية. وطبعاً، أم جهاد من جديد.

وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور عضو في اللجنة أيضاً. منصور لا يجيب على الهاتف. ما قاله رئيس رابطة آل المقداد ماهر المقداد يعزّز النظرية القائلة بأن اللجنة ولدت من رحم اختطاف الأتراك. إذا كان دعم تركيا لـ«الجيش السوري الحر» ظاهراً للعيان، وأهالي المختطفين اللبنانيين مقتنعين بذلك، فما الذي منع وزير الخارجية من استدعاء السفير التركي منذ بداية الأزمة؟ لا شيء، سوى ما قاله اللواء جميل السّيد، «الحكمة حدّ الخوف».

يبقى وزير العدل شكيب قرطباوي. صوت قرطباوي عبر الهاتف كرجل دولة حقيقي: لن أقول شيئاً، سنعمل بصمت، سنتصل، سنتفاوض ونحاول معرفة مصير المختطفين بالدرجة الأولى. كلام قرطباوي لا ينقصه شيء سوى أنّه تأخر ثلاثة أشهر حتى الآن، فيما هو يقوله كما لو أنّه بعد ساعة من انتشار خبر اختطاف الـ11 لبنانياً.

لا يسع اللبنانيين إلا أن يأملوا خيراً. هم يصلّون كي يكون أبو ابراهيم منافقاً والمخطوفون بخير، يصلّون كي تعود الدولة الدولة. الحكومة لا حول لها غير الصلاة أيضاً، ستتضرع بدءاً من الغد بأن يعود شربل الذي تقلع طائرته صباح اليوم إلى أنقرة بالخبر اليقين.


Script executed in 0.18714880943298