تأتي كما المعتاد يا عيدُ
تأتي تزاحم فوق أوجِهنا الشقاءْ
تأتي لتجترحَ ابتساماً فوق ثغرٍ
شاح عنه الابتسامُ
وشاخَ يستجدي السحابةَ والصبابةَ والهناءْ
تأتي إليّ
إلى المفتّت تحت أقدام الظروفِ الكالحاتِ
وتحت أقدامِ الجفاءْ
أنا لا أردّكَ عن شفاهي أو عيوني
أنا لا أردك عن فؤادي أيها العيد اللحوحْ
أنا لا أردّك يا صديقي، ليتني أحياكَ فعلاً
ليتني قلبٌ معافىً من عميقاتِ الجروحْ
أنا لا أردّكَ
إنّما – ببساطةٍ -
أنا لا مكان بقلبيَ المفجوعِ للأعيادِ
والفرحِ البريءْ
أنا جثّة متنفّسةْ
تحيا – مجازاً –
تحيا وتفترشُ الظلامْ
ستقول إني كائن متشائمٌ
أنا كائن متشائمٌ
فعلاً
لأني لم أجد في غربتي
حقلاً وحيداً نابضاً بجنى التفاؤل والأملْ
متمزّقٌ أنا كالسحابْ
جسداً هناكْ
وغيثيَ الصافي هنا
متمزّقٌ أنا
لا أعيش كواحدٍ
أنا ظاهري في لوحة حجريةٍ ملعونةٍ
لكن أنا في باطني
أتنفّس النورَ المقدّسَ
والطهارةَ
والشهادةَ
والجبلْ
عذراً
أنا هذا السرورُ المنطفئْ
أنا ليس في قلبي بصيص حاضرٌ
أنا ليس ترسمُ علّتي أو غربتي
كل العبارات البليغة والجملْ
أنا ومضةٌ
تمشي وتصطنعُ انفعالاتٍ
وتصطنعُ الحضورْ
تبقى على وجه البسيطة
لا عن استحقاق ذلكَ
إنّما بطء انتهاءْ
أنا أيها العيد الجميل ملامحٌ ذبُلتْ على وجه انمحاءْ
وقصائدٌ صُلبت على شفةِ الدجى
يأبى الصباحُ يمدّها ببصيص نورٍ أو ضياءْ
أنا أيها العيد السعيد براءةٌ
جاءت لتفرحَ مثل كلّ براءةٍ
لكنّها في جوف بركان نشيط وعتيقْ
فإذا توارت من حريقٍ
سقطتْ سريعاً في حريقْ
أنا يا صديقي أعشق الفرحَ اللذيذْ
بل إنني ولِهٌ بأسمار الليالي الصافياتْ
وتبادل القصصِ العجيبةِ والنكاتْ
وأحبُّ فعلاً كلّ ضحكات الصغارِ
وكلّ بسمات الكبارْ
وأحبُّ واحاتِ السرورْ
وأحبُّ أن تبقى السنابل متخماتٍ بالبذارْ
لكنْ جدارُ القهرِ يحجبُني عن الفرح البريءْ
ويصدّ عني بهجةَ العيدِ السعيدْ
ويثيرُ في أجواءِ صومعتي الغبارْ