لوهلة شعر الرجل أن سيارته ستنفجر فعاد بها إلى الوراء بما تسمح زحمة السير الحاصلة. في السيارة كان الرجل مع ابنه البالغ من العمر عشر سنوات، وفي سيارة أخرى خلفهما جلست ابنته مع جديها. يقول إنه في تلك اللحظة «شعرت أنه لا أحد ألجأ إليه، لا أحد يمكن أن يحمي مواطناً في الشارع أمام قطاع طرق». يشير أنه «أجبر بفعل القوة والصراخ والشتائم أن يوقف سيارته، وأُمر بأن يطفئ محرّكها والأضواء وطبعاً المكيّف الهوائي، ويجلس من دون أي حركة، وكان شبان عراة الصدور يحملون العصي يتجولون بين السيارات مطلقين شتائم طائفية». يقول الشاهد العيان «وأنا أرى رجلين من قوى الأمن محتجزين في سيارتهما الرباعية الدفع، ما الذي كان يمكنني، أنا المواطن العادي، أن أفعله، غير الخوف؟ رحت أفكر ما الذي يمكنني أن أفعله في حال هجم عليّ الشبان وطلبوا هويتي مثلاً؟».
وقد نجحت المساعي والاتصالات التي تمّت على أعلى المستويات السياسية في منطقة الشوف وبيروت والضاحية الجنوبية، إلى جانب جهود الجيش اللبناني والقوى الأمنية، من تطويق ذيول الحادث الذي وقع فجر أمس الأول في دوحة الحص. والذي تطور إلى إطلاق نار بين مجموعة من الشبان. وأدّى إلى مقتل المواطن الشاب كمال الشيخ موسى وإصابة رفيقه مصطفى رامز الشقيف بجروح خطرة. ولكنه ما لبث أن فارق الحياة مساء أمس، مما أشاع حالاً من التوتر والاحتقان والاستنفار على ساحل الشوف. وتداخلت فيه العوامل السياسية والمذهبية، وتحديداً في منطقة خلدة ودوحة الحص والناعمة، لكون موسى من الأكراد والشقيف من عشائر العرب وعائلاتهما تقيمان في المنطقة.
وبحسب المعلومات إن الخلاف بين موسى وشبان ليس بجديد، وله ارتباطات سياسية نتيجة الانقسام السياسي الذي تعيشه البلاد، بين فريقي 8 و14 آذار. وعُلم أن الخلاف كان استفحل بينهم بعد أحداث 8 أيار 2008. وتبعته بين الحين والآخر مناوشات وتبادل للتهديدات والشتائم، ما فاقم الاحتقان بين الطرفين، حيث كانا يتوعدان بعضهما البعض، إلى أن انفجر الاحتقان فجر السبت الماضي، وأدى إلى مقتل موسى ورفيقه الشقيف. وعلى خلفية الحادثة استنفرت عشائر العرب منذ الصباح الباكر على ساحل الشوف، والبعض منهم توجّه إلى «مستشفى كمال جنبلاط» في الشويفات للاطمئنان إلى صحة الشقيف الحرجة. إلا أنه ما لبث أن فارق الحياة مساء متأثراً بجراحه.
وإثر شيوع خبر موت الشقيف، احتشد عدد كبير من عشائر العرب وتوجهوا إلى بلدة الناعمة – حارة الناعمة، حيث تقيم والدة الشقيف. وقاموا بقطع الأوتوستراد الساحلي عند مدخل الناعمة بالاتجاهين بالإطارات المشتعلة والعوائق والحجارة، ومنعوا السيارات من التوجه إلى بيروت والجنوب على مسربي الأوتوستراد، وسط حال من الغضب الشديد عاشته المنطقة. وكادت أن تنفجر معها الأوضاع على مصراعيها، لا سيما أن البعض أطلق شتائم وتهديدات من منطلقات سياسية ومذهبية. وكادت الأمور تخرج عن السيطرة، لولا تدخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية والفاعليات السياسية على مختلف مشاربها.