فقد ذكر البيان أن «إطلاق المحتجزين اللبنانيين يحتاج إلى مزيد من الوقت»، راداً الأسباب إلى «دخول مزيد من الفرقاء الإقليميين والدوليين في الموضوع». ثانياً «اشتداد المعارك سخونة في المنطقة التي أعلن عن وجود المحتجزين فيها»، ومطالبة البيان، ثالثاً، المحتجزين «الوفاء بوعدهم في إطلاقهم وإعادتهم إلى ذويهم سالمين»، في إشارة ضمنية إلى أن التعهدات التي أعطيت للرافعي قبل سفره لم تترجم عملياً.
وقد نقل مقربون من الرافعي استياءه مما حصل، وتأكيده أنه «لن يكرر زيارته إلى تركيا مرّة ثانية بخصوص هذا الملف، إذا لم تكن نتائجها مضمونة سلفاً». غير أن ما لمسه الرافعي أثناء زيارته تركيا وبعدها، وهو ما بات ثابتاً ومؤكداً لدى المتابعين لهذا الملف، أن وجود عبد الرزاق قرحاني منسق العلاقات الإسلامية في تيار العزم الموالي للرئيس نجيب ميقاتي في عداد الوفد المرافق للرافعي، دفع أكثر من جهة محلية وإقليمية إلى إفشال مساعي إطلاق المخطوفين أو بعضهم، وهو ما تحقق.
لكن قرحاني الذي فضّل عدم التعليق على كل ما أثير في هذا السياق، وعدم كشف ما جرى في تركيا، اكتفى بالقول لـ«الأخبار» إن «ما قمنا به هو واجب إنساني ووطني علينا، وأقدمنا عليه بلا أي خلفية سياسية، إنما بهدف تهدئة الأجواء في البلد والحؤول دون جرّه نحو الفتنة».
لكن التكتم على فحوى زيارة الرافعي وقرحاني إلى تركيا بددته مصادر مطلعة لـ«الأخبار». فقد كشفت أن الرافعي وقرحاني «لمسا منذ اليوم الثاني لوصولهما إلى إسطنبول أن هناك أطرافاً لبنانية وغير لبنانية دخلت على خط ملف المخطوفين لعرقلته، بعدما تأجل الموعد الذي كان مقرراً مع أحد مشايخ هيئة علماء سوريا، ما جعلهما يستنتجان مسبقاً أن الزيارة لن تصل إلى نتائجها المرجوة».
وأكدت المصادر أن الرجلين «لم يلتقيا خلال زيارتهما أي مسؤول تركي، سياسي أو أمني، ولم يدخلا الأراضي السورية، وأن لقاءاتهما اقتصرت على المشايخ السوريين، لكن تحركاتهما كانت محل متابعة دقيقة من الجانب التركي، نظراً لأن بعض محطات زيارتهما كانت تحفها مخاطر أمنية كبيرة، خصوصاً بعد انتقالهما إلى مقربة من الحدود التركية ــ السورية».
ونفت المصادر أن يكون الرافعي وقرحاني قد التقيا النائب عقاب صقر الموجود في تركيا لمتابعة ملف المخطوفين بتكليف من الرئيس سعد الحريري، أو التقيا أيضاً «أبو ابراهيم» الطرف المعلن الذي يحتجز المخطوفين.
لكن المصادر أشارت إلى أن «بعض من التقى بهما الرافعي وقرحاني من مشايخ هيئة علماء سوريا، كانوا يعون أهمية ملف المخطوفين وخطورته على الوضع اللبناني الداخلي، وأنه يتسبّب في تأزيم إضافي على الساحة اللبنانية، لكن التجاوب معهم من قبل بقية زملائهم وبقية الأطراف المعنية بالملف كان ضعيفاً».
وأبدت المصادر أسفها «لوضع بعض الأطراف اللبنانية العراقيل والعقبات في وجه مسعى الرافعي وقرحاني، وإبقاء ملف المخطوفين مُعلقاً إذا لم يكن حله على يدهم، لأن هذه تصرفات غير مسؤولة. وأنه أمر محزن جداً أن يرفع بعض من فشلوا بإيجاد حل للقضية شعار: إما الإفراج يكون عن طريقي، أو لا يكون!».
كلام المصادر تناغم مع معلومات توافرت لأكثر من جهة سياسية في الآونة الأخيرة، مفادها أن الرئيس الحريري «أراد منذ الأيام الأولى لقضية المخطوفين، الحرص على إنهائها وأن يكون له إسهام كبير فيها، وهو لذلك أوفد طائرته الخاصة إلى مطار انطاكيا لنقل المخطوفين بواسطتها إلى مطار بيروت».
وفي المعلومات ايضاً أن الحريري «هدف من وراء تدخله في هذه القضية على هذا النحو، إلى جعلها مناسبة لإعادة جسور العلاقة بينه وبين حزب الله، على أن تترافق هذه العودة مع «إنجاز ما» يحققه في هذه القضية كي تكون عودته من الباب الواسع»، وهو ما جعل المصادر تتفهم «السباق بين الحريري وحكومة ميقاتي من أجل قطف كل منهما ثمرة هذا الملف قبل غيره».
ويندرج في هذا السياق التواصل غير المباشر بين الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري مع الرافعي، عندما تبلغ الأخير بعد عودته من تركيا من مشايخ مقربين من تيار المستقبل، «عتب» الحريري وقيادات التيار على انقطاع الرافعي عن التواصل معهم، وتساؤلهم عن أسباب ذلك، ما دفع الرافعي إلى التوضيح أنه «ليس هناك مقاطعة مني لأي طرف سياسي سواء تيار المستقبل أو غيره».
في غضون ذلك، وبرغم أن الرافعي لم يعد من تركيا مصطحباً معه المخطوفين العشرة أو بعضهم، فإن ذويهم طلبوا موعداً منه لزيارته في طرابلس لشكره على مسعاه. وستوضح هذه الزيارة «أن أوجاع اللبنانيين وهمومهم مشتركة»، على حد قول أحد المتابعين لهذا الملف.