أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

هل تواجه أوروبا حزب الله؟

الإثنين 10 أيلول , 2012 05:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 8,138 زائر

هل تواجه أوروبا حزب الله؟

 

في لقائه الأخير بوزير الخارجية الايطالي، جوليو تيرزي، طالب رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بتحرك الاتحاد الاوروبي ضد حزب الله، وتبنّي موقف واضح من الحزب، مشيراً الى أن «حزب الله هو أكبر منظمة إرهابية في العالم». لكن الضيف الايطالي اكتفى بالتعبير عن «تفهّم» الطلب الاسرائيلي، لكنه لم يعد بشيء. سبق ذلك حملة للخارجية الاسرائيلية لدى دول الاتحاد، على خلفية اتهام تل أبيب حزب الله بالوقوف خلف التفجير الأخير في بلغاريا، إلا أن الرد الاوروبي كان سلبياً.

وشهدت أوروبا تحركاً تحريضياً، في أكثر من بلد أوروبي، قاده اللوبي الاسرائيلي في هذه البلدان وداعموه. على سبيل المثال، كان لافتاً موقف الناطق الرسمي باسم السياسة الخارجية في البرلمان الالماني، عن حزب المستشارة الالمانية انجيلا ميركل (حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي)، فيليب ميسفيلدر، والذي طالب بضرورة إدراج حزب الله على لائحة الارهاب الأوروبية، مشيراً الى أن «حزب الله أصبح يمثّل خطورة ويخطط لعمليات إرهابية في العالم، ويمثّل تهديداً لحليفتنا إسرائيل». وأكد أن «وضع حزب الله على اللائحة طال انتظاره، ويجب عدم تضييع مزيد من الوقت» (جيروزاليم بوست 23/08/2012).

في المرحلة الاخيرة، برز أيضاً جهد إسرائيلي ملحوظ حيال بلغاريا. فتل أبيب ضغطت، وما زالت، على صوفيا باتجاه اتهام حزب الله. والغاية النهائية من هذا الضغط محاولة إيجاد سابقة اتهام قضائية أوروبية تسهل عملية إدراج حزب الله في لائحة الارهاب الاوروبية، إذ إن الاتهام وإمكان الإدانة لاحقاً يحرجان عدداً من الدول الاوروبية المؤثرة في قرارات الاتحاد الاوروبي، والتي امتنعت ومنعت حتى الآن إدراج حزب الله في اللائحة، خشية منها على مصالحها في لبنان والمنطقة، ومن بينها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا، وغيرها من الدول.

ويبدو من تصريحات ومواقف بلغارية رسمية أن المسعى التحريضي الاسرائيلي لدى صوفيا لم يصل الى نتيجة مرضية لتل أبيب. المواقف البلغارية تشير الى تروٍّ والابتعاد عن نظرية التورط، وهو ما يفسر تشديدها على أن ما لديها من أدلة لا يكفي لاتهام أي جهة بالضلوع في تفجير بورغاس، الأمر الذي يحول دون حصول إسرائيل على «السابقة المطلوبة». مع ذلك، لا يتوقع للجهد الاسرائيلي أن يتوقف إزاء بلغاريا، ويجب انتظار النتائج النهائية للضغوط الاسرائيلية عليها إلى أن تنتهي التحقيقات الجارية، والمتوقع أن تنتهي خلال شهرين، كما صرّح أخيراً وزير الخارجية البلغاري نيكولاي ملادينوف.

على أي حال، الموقف الأوروبي يبقى على حاله، من دون أي تغيير، ولا يلبي الطلبات الاسرائيلية، أقله في المرحلة الحالية والمنظورة. تصريح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، بأن بلاده غير مستعدة لإجراء كهذا، يؤكد الموقف الفرنسي القائم منذ سنوات، والرافض لاستفزاز حزب الله. أما موقف وزير الخارجية البريطاني، وليم هيغ، ورغم أنه تبنّى بالشكل موقف هولندا المتطرف من حزب الله، لكنه في المضمون أمّن لبريطانيا مخرجاً مناسباً للظهور بمظهر هجومي على حزب الله، وفي الوقت نفسه، بلا تغيير في الموقف العملي. فلندن تواصل تبنّي التفريق ما بين الجناح العسكري والجناح السياسي لحزب الله. وفي الأصل، فإن التفريق المتبنّى بريطانياً ما بين الجناحين أتى في الماضي، وما زال، كصيغة هدفت الى صدّ إسرائيل والولايات المتحدة، ومنعهما من جرّ أوروبا الى قرارات لا تخدم مصالحها في لبنان والمنطقة. وبالتالي لا تغيير في الموقف البريطاني، رغم الشكل الهجومي الاخير الذي ظهرت فيه بريطانيا ضد حزب الله.

في المحصلة، لا يكفي أن تطالب إسرائيل بإدراج حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية كي تسارع أوروبا لتلبية الطلب. ثمة مصالح ووقائع يجب على العواصم الأوروبية الفاعلة مراعاتها والتعامل معها، قبل إصدار أي قرار عدائي ضد حزب الله، ومن ضمنها مراعاة التداعيات المتوقعة على المصالح الاوروبية في لبنان والمنطقة، قياساً إلى حقيقة ما يتمتع به الحزب من قدرات وحضور وتأثير في الساحتين اللبنانية والإقليمية. أما في حال استجابت أوروبا لإسرائيل، فهذا شأن آخر، وقد يعني أن المواجهة قد بدأت. إلا أن المؤشرات المتصلة بقرار كهذا تشي بأن الأمور باقية على حالها، في هذه المرحلة على الأقل.


 

Script executed in 0.17872405052185