أراد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من خلال لقائه الاعلاميين المعتمدين في السرايا الحكومية، أمس، الاعلان عن إعادة إطلاق العمل الحكومي وتفعيله بدءاً بطرح التعيينات الادارية والتشكيلات الديبلوماسية وحديثه عن إجراءات صارمة للجيش اللبناني في كل المناطق ومنها الضاحية الجنوبية، ووعده بإطلاق سراح بعض المخطوفين اللبنانيين في سوريا خلال فترة قريبة جداً، تاركاً للقضاء اللبناني العمل براحته - ومن دون تدخلات - على الملفات التي بين يديه.واكد ميقاتي في لهجة قوية وحاسمة، موقفه الوسطي داخل الحكومة، عبر تأكيد الاختلاف «المحبب» مع الرئيس نبيه بري، «الذي من الطبيعي ان تكون لديه ملاحظات على الأداء الحكومي باعتباره رأس السلطة التشريعية». لكنه حمّل كل طرف سياسي من مكونات الحكومة مسؤولياته في إقرار الملفات التي تعني وزارته، ورفع اسماء المقترحين للتعيينات في هيئة ادارة قطاع النفط والتشكيلات الدبلوماسية. وحرص على اعلان الخطوات الحكومية المقبلة بالتكامل مع المجلس النيابي من عين التينة بعد لقائه بري، من احالة مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب الى مشروع قانون الانتخابات الى مشروع قانون الموازنة، مستنداً الى «أن الهم الأساسي في هذه المرحلة هو استقرار البلد، وتالياً فإن الاستقرار الحكومي هو من مسلمات هذه المرحلة... والوقت الحاضر هو وقت عمل وعلينا جميعاً ان نتحول الى العمل لما فيه المصلحة اللبنانية».وقد تلقف بري «كرة ميقاتي الإنتاجية التفعيلية»، وأحال مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي أقرّته الحكومة على اللجان النيابية المشتركة لمباشرة درسه. وأحال ايضاً على اللجان النيابية اقتراح قانون تعديل قانون الانتخابات النيابية الذي تقدم به امس، النائبان نعمة الله ابي نصر وآلان عون لوضع قانون جديد للانتخابات ويقضي بانتخاب نواب كل طائفة من الناخبين التابعين لها على أساس النظام النسبي ولبنان طدائرة انتخابية واحدة، وخلص ميقاتي الى انه مرشح للانتخابات المقبلة حتماً «وللمجلس النيابي أن يقرر القانون الذي يراه مناسباً بعد إحالة الحكومة مشروعها لقانون الانتخابات على اساس النسبية و15 دائرة انتخابية».وأيد ميقاتي ضمّ الضنية والمنية الى طرابلس انتخابياً قائلاً أنه «إذا جرى التصويت على الدوائر، فحتماً سأصوّت مع ضم الضنية والمنية الى طرابلس، لأنه من الصعب فصلهما عنها طرابلس وفي هذه الحالة تكون محافظة عكار دائرة واحدة». وعلى خط موازٍ، أكد ميقاتي على النأي بالنفس حيال الوضع السوري، من دون ان يتراجع عن «دوره كرئيس حكومة مسؤول عن حماية مصالح لبنان من أي عمليات تفجير يمكن ان تأتي من سوريا». وأضاف: «أتحدى أياً كان أن يقول بماذا سايرت الحكومة النظام السوري او اي نظام آخر». وقال «في السابق قيل إنها حكومة «حزب الله»، وحتى الحزب يتصرف داخل مجلس الوزراء مثل سائر مكوناتها وصوت وزرائه مثل صوت سائر الوزراء».ورد ميقاتي على المطالبة بطرد السفير السوري في لبنان وإلغاء المعاهدات اللبنانية السورية، ونشر قوات «اليونيفيل» عند الحدود مع سوريا، وقال: لقد تم بذل المستحيل للوصول الى علاقات ديبلوماسية بين لبنان وسوريا، فهل هذا هو الوقت المناسب للبحث في هذا الموضوع؟ وهل الطرف السوري قادر على التحاور في هذه المسألة في الظروف الراهنة؟ مهما ارتفعت الاصوات فهذا الموضوع لا يعالج إلاّ بالتروي والحكمة، وانطلاقاً من مصلحة لبنان أولاً. حتى المعارضة، لو كانت في السلطة اليوم، لما كانت تصرفت الا على هذا النحو. وهل «اليونيفيل» مستعدة للانتشار على الحدود مع سوريا؟ وهل الأمر وارد لديها؟». واشار رئيس الحكومة الى أنه بعد زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر الى لبنان، هناك وجه آخر للحكومة هو تفعيل الإنتاجية، و«الحكومة تمهل ولا تهمل» كما قال. وزفّ الى اللبنانيين بشرى تأخرت كثيراً، «أنه وابتداء من هذا الأسبوع سيُطرح على مجلس الوزراء موضوع التصديق على تلزيم خطة تأهيل الكهرباء (700 ميغاوات) وتأهيل معملي الجية والزوق، كما ستصل بواخر توليد الكهرباء قريباً».ورحّب ميقاتي بالاجتماع بين الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط مضيفاً: «التقيت جنبلاط قبل لقائه الحريري، ونحن متوافقان على الخطوات داخل الحكومة، ولا يعتبر لقاؤه مع الحريري تهديداً للحكومة، وحتى ما وصلني من جنبلاط قبل الاجتماع وبعده، أنه لم يجر التطرق الى الموضوع الحكومي بل تركز البحث على قانون الانتخاب والوضع في سوريا». وتطرّق ميقاتي الى الخطة الأمنية التي ينفذها الجيش اللبناني في منطقة الضاحية الجنوبية قائلاً: الحكومة تمهل ولا تهمل. قرار إعطاء الجيش الغطاء الحكومي للقيام بالمهام الموكلة اليه متخذ سابقاً، ولكن توقيت التنفيذ ترك للقيادة العسكرية، والجيش مستمر في مهامه لبسط الأمن والإفراج عن المخطوفين في أسرع وقت ممكن. وقال ميقاتي: ننأى بأنفسنا عن التدخل في الشؤون السورية الداخلية، لكن عندما يحصل أي قصف سوري على مناطق لبنانية، نحن لا ننأى بأنفسنا بل نحتج، وعندما يكون هناك محاولات لتفجير لبنان من سوريا لن ننأى بأنفسنا وسنتخذ الإجراءات الضرورية. وعن قضية الوزير السابق ميشال سماحة قال: «كل الأدلة والاعترافات التي حصلت حتى الآن تؤكد أن الحادثة قد حصلت. من المسؤول؟ ومن سيلاحق؟ ومن سيتم الاستماع الى افادته؟ كل هذه المسألة هي بيد القضاء الذي يقوم بدوره، ونحن نحكم على النهاية عندما يصدر القرار القضائي. طبعاً نحن أثنينا على عمل قوى الامن الداخلي وشعبة المعلومات وهما جنبتا لبنان حوادث كبيرة جدا، ومنذ تأسيسها حتى اليوم فإن شعبة المعلومات تقوم بعمل جيد لمصلحة لبنان والأمن فيه».وتابع: الافراج عن عناصر الجيش (الموقوفين في حادثة الكويخات) تم بقرار قضائي ولا يعني تبرئتهم. وقال: نحن نعمل للوصول الى الحقيقة واحقاق العدل ولئلا يذهب دم الشيخين الشهيدين هدراً. وعن موضوع المخطوفين اللبنانيين في سوريا، قال: الموضوع أصبح شائكاً بسبب التداخل بين اطراف عدة فيه، ولكن اقول ان الوساطة التركية في هذا الملف جدية بالمعنى المهني الصرف، ونحن سائرون في الاتجاه الصحيح وصولاً الى الإفراج عن المخطوفين على مراحل. كما أعلن أن التشكيلات الديبلوماسية انتهت وانتظر أن يرسلها وزير الخارجية عدنان منصور لوضعها على طاولة مجلس الوزراء. وقال «هيئة إدارة قطاع النفط تم الاتفاق على أسمائها الستة كلها وننتظر إرسالها من قبل الوزير المختص (جبران باسيل)». واشار الى ان زيارة نائب وزير الخزانة الأميركية للبنان هدفها نقل رسالة اطمئنان الى الوضع المصرفي اللبناني وبأن ليس هناك مطالب أو شروط جديدة.