أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

كونيللي متخوفة من قيام قوى 8 آذار باحتلال السفارة الاميركية

السبت 15 أيلول , 2012 12:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,912 زائر

  كونيللي متخوفة من قيام قوى 8 آذار باحتلال السفارة الاميركية

 

عامل جديد دخل على خط الوضع اللبناني، هو المخاوف الأميركية من أي تطور أمني ومن استهداف السفارة الأميركية

 

هيام القصيفي

توزعت الاهتمامات الديبلوماسية في الساعات الأخيرة بين رصد تأثيرات الوضع السوري على لبنان، والتطورات الأمنية الداخلية. وتركزت محادثات عدد من ديبلوماسيي الدول ذات التأثير، خلال لقاءاتهم الرسمية على استيضاح بعض النقاط ومحاولة استجلاء حقائق بعض الأحداث الأخيرة، موزعين اهتمامهم على الملفات الأمنية والسياسية.

أمنياً، برز في صدارة الاهتمام القلق الذي يسود أوساط السفارة الأميركية في بيروت من احتمال تعرضها لأي اعتداء. واللافت أن هذا القلق لم يأت تزامناً مع استهداف السفارة الأميركية في بنغازي، أو بسبب الفيلم الأميركي المسيء للإسلام. فقد علمت «الأخبار» أن السفيرة الأميركية مورا كونيللي طلبت منذ نحو شهر تعزيز الحماية الأمنية للسفارة الأميركية، مبدية تخوفها من قيام قوى سياسية من 8 آذار باحتلال السفارة. وأثارت المخاوف الأميركية استغراب الذين طرحت كونيللي معهم الموضوع على المستوى الرسمي. وشدد النقاش الرسمي معها على أن هذا الأمر مستبعد سياسياً وأمنياً، وأنه يجب التفتيش عن مصلحة الذي يبث هذه الأخبار ويغذيها. في الأيام الأخيرة، كررت الديبلوماسية الأميركية مخاوفها التي جاءت على مستويين: استمرار التخوف من قوى 8 آذار، ومحاولة بعض الأطراف الأصولية المسّ بالسفارة على خلفية الشريط الأميركي، وهي المرة الأولى التي تبدي فيها الديبلوماسية الأميركية مخاوفها من التحركات الأصولية في لبنان.

بدوره، جاء الرد الرسمي على مستويين: أولاً، التجاوب مع الطلب الأميركي تشديد الحماية على مقر السفارة الأميركية. والثاني عرض بعض النقاط التوضيحية بشأن استبعاد لبنان الرسمي أي تعرض للسفارة. فقوى 8 آذار، ومنها حزب الله، تشارك في الحكومة اللبنانية، ولا مصلحة لحزب الله سياسياً في استهداف السفارة الأميركية أو غيرها، وهذا الأمر خارج إطار المنطق الأمني والسياسي للحزب. أما لجهة التنظيمات السلفية، فلا ينكر أحد خطورتها، لكن الجهات التي نددت حتى الآن بالفيلم أو بزيارة البابا بنديكتوس السادس عشر لا تزال دون القدرة على عمل أمني بهذا الحجم، وتحركها حالياً ينحصر في الشمال. وجاءت التظاهرة في طرابلس أمس وإحراق مطاعم أميركية الطابع، على خطورتها، ليؤكدا هذه الفرضية. وفي الجواب الرسمي أيضاً، أن موقع السفارة الأميركية في عوكر، أي في منطقة «غير معادية»، يقلّل إلى الحد الأدنى من احتمالات الإعداد لعملية أمنية ضدها. ورغم الأجوبة الرسمية، اتخذت القوى العسكرية إجراءات مشددة للتخفيف من المخاوف الأميركية وتقليل فرص إفادة أي طرف من استغلال الفيلم الأميركي أو غيره للتعرض للسفارة.

وفي هذا الإطار أيضاً، برزت زيارة كونيللي السياسية للوزير جبران باسيل ثلاث مرات في فترة قصيرة، ليس بصفته وزيراً للطاقة فحسب، وبما يتعدى ملف الحدود البحرية، بما فسّر بأنه محاولة للحصول على أجوبة تطمينية. إذ بدا واضحا أن قلقاً يسود الأوساط الأميركية من أي تحرك شعبي ضد السفارة، أو أي عمل إرهابي يطاولها في ظل مخاوف تكبر يومياً من التصعيد الأصولي. ورغم الجفاء السابق بين التيار الوطني الحر والأميركيين حول عدد من النقاط السياسية، ولا سيما النظرة إلى صعود التطرف الاسلامي، لم يكن يمكن التيار إلا أن يؤكد بشدة رفضه أي استهداف للسفارات والبعثات الديبلوماسية والاستثمارات الأجنبية، وهو غير المعني بالأمن وحمايتها، إلا أنه لن يسمح بأي تعرض للسفارة، حتى لو كانت تظاهرة شعبية.

وعلى خط موازٍ، استحوذ الوضع الأمني على اهتمام البعثات الديبلوماسية، ولا سيما الأوروبية، التي استطلع رؤساؤها التطورات الأمنية الأخيرة، ومنها العمليات المتعلقة بإطلاق الجيش المخطوفين السوريين والأتراك وملاحقة الخاطفين وتوقيفهم. وقد طرح سفراء أوروبيون فاعلون أسئلة مفصلة عن هذه العمليات ومدى ارتدادها على الوضع اللبناني، وكيفية تنفيذها. وعكس أكثر من سفير ارتياح دولهم للإجراءات الأمنية الأخيرة من الشمال إلى البقاع، سواء لجهة توقيف خاطفين، ولا سيما توقيف العصابة التي تعمل على خطف معارضين سوريين.

على المستوى السياسي، ترافق الحديث الأمني مع اطمئنان إلى الوضع السياسي، رغم الاختلافات بين الأفرقاء السياسيين. ومقارنة مع ما يشهده العالم العربي، يبدو لبنان في نظر هؤلاء أكثر ميلاً إلى الاستقرار. وأكد سفراء بارزون أمام مسؤولين سياسيين وأمنيين واقتصاديين، في هذا الإطار، ثقتهم بالحكومة اللبنانية، وببقائها إلى أمد طويل، عاملاً مشجعاً للاستقرار، ربطاً بالتطورات السورية. وشدد أكثر من سفير على أن الثقة بشخص رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد تكون عاملاً أساسياً في تأكيد حسن نظرتهم إلى الحكومة وأدائها. وظهر الانطباع الديبلوماسي مشجعاً بشأن أداء ميقاتي الذي يريحهم على المستوى الداخلي والخارجي، ولا سيما سياسة النأي بالنفس التي انتهجها تجاه سوريا ومحاولته إبقاء العصا من وسطها في لبنان، من خلال إرساء معادلة الاستقرار السياسي والاقتصادي والحد المقبول من الهدوء الأمني. ويمكن هذا الانطباع الذي ردده سفراء وزوار غربيون أن يعطي مفعولاً إيجابياً على أداء الحكومة، ولا سيما إذا تمكنت من تجييره لمصلحة تفعيل عملها، مع العلم بأن هاجس الديبلوماسيين يبقى أولاً وآخراً الاستقرار الأمني، وعدم إدخال لبنان في متاهة الحرب السورية الداخلية، من دون أن يعني ذلك أن هؤلاء الديبلوماسيين متعاطفون أو يؤيدون أفرقاء داخل الحكومة يعبّرون علناً عن تماهيهم مع النظام السوري. لكنّ ثمة تمييزاً واضحاً ومستمراً بين مكونات الحكومة من جهة، ورئيسها وديمومتها من جهة أخرى.


 

Script executed in 0.18903017044067