من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساءً، اثنتا عشرة ساعة جال خلالها رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون في جزين وقضائها. لم يدخل جبل الريحان ضيفاً، بل شريكاً في المقاومة. هكذا رحّب به الجنوبيون، «شريك النصر والعزة».
على وقع أغنية «أناديكم»، استقبل أهل العيشية والريحان العماد. وضع إكليلاً على ضريح الشهداء في الأولى، واستذكر انتصار تموز في الثانية. أكد «أن وحدة العيش المشترك هي التي انتصرت، وسخيف من شكّك في جدوى تحالفنا مع المقاومة». وقال: «أحبائي، خياري ليس خيار ربح أو خسارة، انصهرنا في ثلاثة وثلاثين يوماً، وزيارتي هي تطبيع لهذه الحياة بعد الآثار الجارحة».
وما بين العيشية والريحان محطة خاطفة في الجرمق لم تكن مدرجة في جدول الزيارات. هناك كان في الانتظار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. وعلى الطرقات أعلام للتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل علّقت على امتداد القرى المختلطة.
بعد الريحان، زار العماد عون الكنيسة والجامع في كفرحونة، لينتقل بعدها إلى منزل النائب زياد أسود في جزين الذي غصّ بالمناصرين. رحّب النائب الجزيني بعون الذي توجه الى المناصرين وغير المناصرين قائلاً: «دفاعنا عن أنفسنا هو بالوحدة الوطنية. قد نختلف في السياسة، ولكننا لا نستطيع الاختلاف على الأمور الاساسية في الوطن».
من دعوته الى الوحدة الوطنية، الى الوحدة المسيحية في بلدة قيتوله، شارك في صلاة قبل أن ينتقل الى المكنونية حيث وضع الحجر الأساس لمشروع سكني. المشروع لن يبقى يتيماً، هناك مشروع آخر سينفذ في بلدة بكاسين قريباً ليمكّن المسيحيين من البقاء في أرضهم. هناك خاطب عون الجزينيين «نعطي الوضع الاجتماعي الأهمية اللازمة لبقاء الأهالي، لأن أرضي هويتي والهوية ليست سلعة للبيع، والمصيبة في لبنان أننا استرخصنا الأرض».
وقبل أن ينتقل العماد لتناول الغداء إلى مأدبة النائب ميشال حلو، اجتمع في سرايا جزين بفاعليات القضاء البلدية والاختيارية. اختار عون التحدث أكثر في الإنماء وأقل في السياسة، معدّداً مشاريع نفّذت وأخرى ستنفّذ في المنطقة. الاهتمام بشبكة الطرق. إنشاء محطات كهرباء. تصحيح وضع المستشفى الحكومي، وإعادة النظر في مخصصات الاستشفاء الخاص والحكومي. تنفيذ منشآت الصرف الصحي في الريحان. تمّت إعادة تركيب أعمدة كهربائية جديدة، وأُقيمت شبكات عدة لتوزيع مياه الشرب في معظم الأقضية مموّلة من مياه لبنان الجنوبي. وتطرق الى عناوين سياسية عدة أبرزها قانون الانتخاب: «المشروع الأنسب هو النسبية بدوائر متوسطة، طرحت القوات والكتائب مشروع اللقاء الأرثوذكسي من دون أن تقنع حلفاءها به».
الحديث من جزين عن قانون الانتخاب له أهمية خاصة. فمهما كان شكل القانون الجديد، لن يذوب المسيحيون في محيطهم الشيعي والسنّي.
ضم جزين الى الزهراني وصيدا وصور في قانون نسبي بصوتين ترجيحيين سيتيح للمسيحيين في الزهراني إمكان اختيار نائبهم الكاثوليكي، وسيوزع الأصوات الترجيحية بين الشيعة والمسيحيين بشكل متساو. المرشحون الشيعة بحاجة إلى الأصوات الترجيحية للناخبين الشيعة كما هي حاجة المرشحين المسيحيين إلى الأصوات الترجيحية من ناخبيهم. وبالتالي، جزين لا تزال في قلب المعركة.
هي الزيارة الثالثة للعماد عون إلى جزين، وفيها استرجع المشهد السياسي الذي تكرس عام 2009 في الانتخابات النيابية وتكرر عام 2010 مع الاستحقاق البلدي. أكثرية مؤيدة للعماد عون بعد ثلاث سنوات من استحقاق 2009 وقبل سنة من استحقاق 2013 من دون تسجيل أي خروقات على مستوى حضور القوى السياسية في المنطقة في كل محطات الزيارة، باستثناء النائب عصام صوايا الغائب عن القضاء وعن الزيارة.
لا بل أحاط بالعماد، في كل محطاته الجزينية، لفيف من الشخصيات الطموحة التي وجدت لها مكاناً بين خلافات الصف الواحد في القضاء.
النائب أسود رافق عون في كل مكان، كذلك فعل النائب حلو، باستثناء حضوره المحطة الأخيرة لعون في السرايا حيث التقى فاعليات جزينية. ومن مرافقي الجولة أيضاً، الضابط المتقاعد الذي أسّس شركاته الخاصة عصام حداد، رجل الأعمال أمل أبو زيد الذي بدأ حركته بشكل مبكر. وللمناسبة، وزع الأخير صوراً عملاقة له في القضاء تزامناً مع زيارة عون. أنطوان خوري الذي اعتُبر طويلاً من ثوابت رئيس المجلس النيابي نبيه بري التي فرضت على القضاء يوم لم يكن للمسيحيين إمكانية اختيار ممثليهم. يحكى أن خوري يسعى لترشيح ابنه. كميل سرحال ابن النائب السابق فريد سرحال، علماً بأن خوري وسرحال ترشحا الى جانب النائب السابق سمير عازار ضد التيار الوطني الحر في 2009.
كثيرة هي الأسماء الجزينية الطامحة للوصول الى المجلس النيابي. جميعهم يعملون على أمل الحصول على البركة الأخيرة. بعضهم من ثوابت المنطقة وبعضهم متحرك مع الزمن.
حسم الجنرال الأمر، معركة جزين ستكون للأقوياء فقط.