أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

مقاتلو الطريق الجديدة: «بدنا ذخيرة»

الأربعاء 24 تشرين الأول , 2012 02:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 6,825 زائر

مقاتلو الطريق الجديدة: «بدنا ذخيرة»

 لا شيء يوحي بأن المنطقة شهدت على مدى يومين معارك واعتصامات. الأزقة الداخلية في الطريق الجديدة حيث كان يسرح المقاتلون ويعتلون أسطح البنايات لإطلاق النار على «الآخرين»، هي الأخرى تغيّرت وأصبحت أهدأ. أحوال المنطقة لم تتغيّر وحدها فقط، إذ إن مقاتلي تيار المستقبل تغيّروا هم أيضاً بين ليلة وضحاها. فهؤلاء تركوا أسلحتهم. توجهوا إلى أعمالهم. وعادوا إلى منازلهم منهكين. يقول بعضهم إن سبب تعبهم «السهر على مدى اليومين الماضيين وليس العمل». نزع مقاتلو المستقبل أقنعتهم عن وجوههم. تركوا جعبهم، ومماشط أسلحتهم فارغة. يجب تأمين رصاص، لأنه «ما منعرف شو بيصير» يقولون. سيرتفع سعر الرصاص مجدداً بعد الركود الذي عاناه سوق السلاح في الأسابيع الماضية. بالقرب من خلية حمد، كانت الطريق هادئة لا يعكرها سوى سيدة لم تعرف كيف تركن سيارتها، فسبّبت زحمة سير في الشارع. أما على «محور قصقص»، فقد «عمّر» بعض «شباب المنطقة» رؤوس أراكيلهم. يروي هؤلاء ما جرى في اليومين الماضيين. ينقلون تفاصيل صغيرة عن المعارك لا يمكن أن يعرفها إلا من عاشها. لكنهم يؤكدون أن من قام بها ليسوا هم. مرافقك «ابن المنطقة» يعرف أنهم يكذبون. يخبرك أنهم كانوا يؤمنون الغطاء لبعض الذين تقدموا في اتجاه الحرج، بنيّة إطلاق النار على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية.

يسأل مقاتلو المستقبل عمّا يجري تداوله على الضفة الأخرى، «لأنك عايش بيناتهم». لا يقتنعون بأن الأمور كانت هادئة في الضاحية، وأن أهلها كانوا يشاهدون انتشار المسلحين على شاشات التلفزة. لكنّ المسلحين المدنيين سرعان ما يعبّرون عن «صدمتهم لأن جماعة حركة أمل لم يردّوا علينا». يتفهّمون كون حزب الله ضبط نفسه ولم يرد، «بس الحركة! معقول؟».

الهدوء الذي ساد طوال ظهر أمس في الطريق الجديدة لم يعكّره سوى إطلاق الرصاص خلال تشييع الشاب أحمد قويدر. لكن الأمور لم تنفلت، إذ بقي الرصاص موجهاً نحو السماء.

بالنسبة إلى هؤلاء المقاتلين كل شيء انتهى. والحياة عادت إلى طبيعتها. لكن مشكلتهم الأساس أنهم يشعرون بأنهم «مستضعفون، الضربات تنزل علينا الواحدة تلو الأخرى ونحن لا نتحرك». بينما كان الشباب متحلقين حول الأراكيل، يصدح مكبّر جامع الإمام علي. حان وقت الصلاة. يتوجهون إلى المسجد، تاركين خلفهم أراكيلهم وكراسيهم، لكن من دون وجود أسلحة خلفها.


Script executed in 0.19182109832764