الترجمة الصريحة لكلام الخوري، بعد ترؤسه اجتماع المجلس الأعلى للصيد البري، تقول: «الصيد في لبنان قائم بحكم الأمر الواقع، وبغياب الرقابة لجميع أجهزة الضابطة العدلية المولجة تطبيق قانون الصيد، من القوى الأمنية إلى حرّاس الغابات والمحميات الطبيعية، الذين لا يحرّكون ساكناً إزاء المخالفات الكبيرة التي يرتكبها الصيادون والتي تتراوح عقوبتها من تحرير الغرامات إلى الحبس».
وكان الخوري يأمل أن يعلن هذا العام فتح موسم الصيد البري بشكل قانوني من 15 ايلول 2012 إلى 31 كانون الثاني 2013، لكن تقاعس الإدارة عن إتمام إصدار المراسيم المنظمة وخصوصاً بوليصة التأمين الالزامي للصياد، وعدم قدرة نوادي الرماية على إجراء الامتحانات الالزامية لأكثر من 500 الف صياد (8 نواد مجازة غالبيتها في جبل لبنان) بسبب ضيق الوقت، حتّم بقاء مرسوم فتح موسم الصيد في درج الوزير.
لكن الخوري، الذي سبق أن أعلن أن تنظيم الصيد البري أولوية في خطة عمله، قرّر أول من أمس أن يعلن إنجازاً ما، فلم يجد غير تعبير «تدوير الزوايا». لافتاً إلى أنه أنجز العمل الموكل وتبقى بعض النقاط للتطبيق حتى يصبح هناك إلمام كامل بالمناطق المسموح فيها الصيد ومراقبة تطبيق القوانين. وأضاف «نتّكل في هذه العملية على القوى الأمنية والقوى المكلفة بالتطبيق، وعلى وعي المواطنين والصيادين الذين طالبوا على مر السنين بتشريع الصيد وقوننته. نتّكل على وعيهم البيئي ومسؤوليتهم تجاه الانسان والطيور والمحيط. نحن كوزارة تترتّب علينا مسؤوليات كبيرة منها التحضير للحصول على رخص الصيد، ومن المتوقع أن يكون عددها كبيراً، وإمكانات الوزارة ضئيلة، ونحن نسعى لأن نكون مهيئين لاستقبال العدد الوارد الى الوزارة لنستطيع العمل بشكل سريع وفعّال».
إذاً وبعد طول انتظار، لم يجد الخوري سبيلاً إلى الحد من الصيد العشوائي إلا «وعي الصيادين». تكفي جولة سريعة على مجموعات الفايسبوك التي ينتظم فيها الصيادون اللبنانيون للتأكد ان الوعي الذي يتكل عليه الخوري مفقود تماماً. فهناك ترفع على مدار الساعة صور من رحلات الصيد الى مختلف المناطق اللبنانية، تثبت أن هؤلاء لا يعترفون بقانون الصيد البري، وربما لا يعرفون اصلاً ان وزارة البيئة هي الجهة المسؤولة عن تطبيق هذا القانون. أطفال دون سن 18 يرفعون أسلحة الصيد بطريقة غير آمنة. صيد عشوائي لجميع أنواع الطيور بما فيها تلك المهدّدة بالانقراض، كالنعار السوري والشرشير والرخمة، والطيور المهاجر كاللقلق والكركي والبجع، وطيور اساسية في تخفيف الأضرار التي تلحقها فئران الحقل بالمزروعات كالباشق والعقاب والصقر.
ورداً على سؤال عن بدء تطبيق القوانين، قال وزير البيئة «نحضّر لنعتمد كل الآليات لضبط طريقة الصيد، وأتمنى أن يكون للبلديات دور لأن القوى الأمنية وحدها غير قادرة. هناك أيضاً أمناء الأحراج ونواطير المحميات الطبيعية، إنما أكرّر أن من المهم تحديد أماكن الصيد بالتعاون مع البلديات وإلا فسيكون الصيد بين البيوت (...) وإن كان هناك من استباحة للقوانين والأملاك وتشكيل خطر على سلامة الناس والطيور فهذا مرفوض، لذا علينا التعاون جميعاً».
لكن هذا «التعاون» الذي يأمل الخوري تحقيقه، يبدو صعب المنال، وسط انشغال القوى الأمنية بتحصيل الرشى من المواطنين الذين يخالفون قانون البناء. وتماماً مثل قطاع الكسارات والمرامل، لن ينفع اعطاء صلاحيات التنظيم لوزارة البيئة في حين تنام «نواطير» مروان شربل عن «صياديها».