لم يكد رئيس فرنسا فرنسوا هولاند يغادر الأراضي السعودية، حتى تحركت «الماكينة الملكية الديبلوماسية»، في اتجاه عواصم اقليمية وغربية عدة، أبرزها واشنطن، من أجل توفير كل عناصر الضغط التي تؤدي الى استقالة حكومة نجيب ميقاتي.
ووفق المعلومات الديبلوماسية المتوافرة لـ«السفير»، فإن السعوديين أدركوا مسبقاً الموقف الفرنسي، ولذلك لم يقاربوا مع الرئيس الفرنسي موضوع التغيير الحكومي في لبنان.
وقالت مصادر إعلامية سعودية إن هولاند بدا مدركاً أن سعد الحريري يريد تغيير الحكومة، بينما فرنسا لا تطالب بتغيير الحكومة، ولكنها تطالب بحوار وطني لضمان استقرار لبنان حيث ستجرى الانتخابات في الربيع المقبل «ونحن لا نريد أن نكون محل اللبنانيين ولكن سندعم الاستقرار، فإذا حضر رئيس الحكومة اللبناني إلى باريس فسأستقبله وإن حضر رئيس المعارضة فسأستقبله» على حد تعبير هولاند في الصحف السعودية أمس.
وتشير المعلومات الى أن السعوديين يدركون أن مفتاح الانقلاب على الوضع الراهن هو بيد النائب وليد جنبلاط، ولذلك لعبوا دورا بارزا في تخفيف احتقان الفريق المحسوب عليهم وشجعوا على إعادة مد الجسور معه.
وتضيف المعلومات أن السعوديين وعبر سفيرهم في واشنطن عادل الجبير، تمنوا على الادارة الأميركية أن تستخدم نفوذها لدى «الأصدقاء اللبنانيين» للضغط على جنبلاط.
في هذا السياق تحديدا، تلقى جنبلاط، أمس، اتصالاً هاتفيا من نائب وزير الخارجية الأميركي وليام بيرنز الذي تمنى عليه «المساعدة في تأليف حكومة لبنانية جديدة من دون الوقوع في الفراغ»، وجدد جنبلاط، بحسب بيان عممه «الاشتراكي»، «تأكيد موقفه السابق لناحية عدم ممانعة الاتفاق على قيام حكومة جديدة، مشيرا الى ان ذلك لا يتم إلا من خلال دعم جهود رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وسعيه المستمر لإبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين الفرقاء اللبنانيين، والخروج من حالة القطيعة الراهنة التي لا تؤدي سوى الى المزيد من الآفاق المسدودة، ومجددا رفضه المطلق وقوع لبنان في الفراغ حفاظا على الاستقرار والسلم الاهلي».
وتضيف المعلومات أن الأميركيين والفرنسيين أعطوا إشارة واضحة للسعوديين مفادها أن جنبلاط، في حالة سقوط الحكومة، لن يقبل إلا بإعادة تكليف ميقاتي برئاسة أية حكومة جديدة، وهذه نقطة الخلاف الجوهرية بينه وبين «فريق 14 آذار»، خاصة أنه يملك زمام التحكم بالأكثرية في موضوع تسمية رئيس الحكومة، من دون إغفال احتمال انضمام بعض شخصيات المعارضة المسيحية الى خيار تسمية ميقاتي رئيسا للحكومة!
وهذه النقطة تحديدا، أي تولي ميقاتي رئاسة أية حكومة مقبلة، كانت موضع ترحيب من جميع الأوروبيين، وخاصة فرنسا وبريطانيا، وكذلك من الأتراك والقطريين والأردنيين، الأمر الذي جعل «فريق 14 آذار» وتحديدا «تيار المستقبل» يدور في الحلقة المفرغة ذاتها.
وأفاد مراسل «السفير» في باريس محمد بلوط بأن لا تغييرات في مواعيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزيارته إلى باريس. ونقل عن مصدر ديبلوماسي في باريس قوله لـ«لسفير» انه لم يطرأ أي تغيير، حتى الساعة، على لقاء ميقاتي بالرئيس فرنسوا هولاند في قصر الأليزيه في الحادي والعشرين من هذا الشهر، وأن رئيس مجلس النواب الفرنسي كلود برتولون طلب أمس، تحديد موعد له لاستقبال رئيس الوزراء اللبناني، وان الموعد قد تحدد في التاسع عشر من هذا الشهر.
ومن المتوقع أن يصل الرئيس ميقاتي إلى فرنسا في الثامن عشر من الشهر الحالي، ويلتقي في التاسع عشر نظيره الفرنسي، جان مارك إيرولت، ووزير الخارجية لوران فابيوس في العشرين منه، ويختتم الزيارة بلقاء هولاند الأربعاء في الحادي والعشرين من الشهر الحالي.
وبحسب المصدر الديبلوماسي، يعود لميقاتي وحده تبعا للبروتوكول، ان يقرر أي تغيير في موعد زيارته.
«المستقبل» والراعي: لا توافق
وفيما أبقت المعارضة حركتها مضبوطة على إيقاع المقاطعة الحكومية، أعلنت «كتلة المستقبل» من بكركي، امس، استعدادها للمشاركة في اجتماعات اللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة المعنية بالبحث بالقانون الانتخابي. إلا ان تلك الليونة تبقى شكلية حتى يثبت العكس، خاصة انها المرّة الثانية التي يبدي فيها «المستقبل» هذا الاستعداد للمشاركة في أعمال اللجنة المصغرة، وبرغم ذلك لا يشارك نوابه، متذرعين بالاسـباب الامنية.
واذا كانت زيارة وفد «المستقبل» الى بكركي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، قد اندرجت تحت عنوان تهنئة البطريرك الماروني بشارة الراعي بالرتبة الكاردينالية، فإنها شكلت فرصة لجلسة مصارحة بين الطرفين.
وقال الراعي أمام ضيوفه «ربما بات هناك شبه إجماع على ضرورة التغيير الحكومي ولكن الأهم هو البديل. فما من حكومة منزلة ولكن لا يجوز ترك البلاد في المجهول، فعندما يتم التوافق على البديل يصار بعدها الى التغيير الحكومي».
وشدد الراعي على «أهمية مواصلة الجهود من أجل التوصل الى قانون انتخاب يؤمن التمثيل الصحيح لجميع الفئات اللبنانية»، وقال: لا يجوز أن يذهب القانون الانتخابي في «عزا» المقاطعة.
وأكد السنيورة للراعي موافقة «كتلة المستقبل» على قانون الدوائر الصغرى ورفضها «قانون الستين»، مشيرا في الوقت عينه الى عدم مقاطعة نواب «14 آذار» لاجتماعات اللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجان المشتركة النيابية المعنية بمتابعة قانون الانتخاب، وكرر الراعي أمام الوفد رفضه قانون الستين ودعوته الى وجوب إقرار قانون جديد للانتخابات.
الإضراب النقابي
مطلبيا، تتجه الأنظار الى جلسة مجلس الوزراء المقررة غدا في القصر الجمهوري في بعبدا، وقال الوزير مروان خير الدين ان الجلسة حاسمة في ما خص سلسلة الرتب والرواتب، حيث سيتم الاستماع الى رأي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يفترض أن يشخص من موقعه كل ما يحيط بالسلسلة وكلفتها ومصادر تمويلها وآثارها.
وقال رئيس هيئة «التنسيق النقابية» حنا غريب لـ«السفير»: «لقد انتظرنا طويلا، إن لم تحل السلسلة الى مجلس النواب الاربعاء فيوم الخميس هو يوم إضراب عام في المؤسسات والادارات الرسمية. وما نطالب به هو ان تحال بصيغة المعجل الى مجلس النواب، ولا تقسيط للسلسلة ولا ضرائب على الفقراء لان ذلك يفقدها قيمتها».