ورغم أن ملابسات اختطاف الحجاج اللبنانيين وعلاقة الجيش الحر بها لم تعد خافية على أحد، وخاصةً بعدما تبين بشكل جلي الدور التركي المباشر في هذه العملية ومن ثم في إدارة واستغلال الإفراج عنهم وإن علاقة تركيا ونفوذها على الجيش الحر لم تعد تحتاج إلى دليل. إلا أن علاقة عمار الداديخي مع الجيش الحر بقيت ملتبسة وغير واضحة ولاسيما في ظل أنباء تحدثت عن حصول اشتباكات بين الطرفين استهدف الجيش الحر منها الاستيلاء على المخطوفين ووضع مصيرهم بين يديه بدلاً عن يدي الداديخي.
لكن هناك دلائل وحوادث تؤكد العكس وتتحدث عن علاقة تبعية وتنسيق بين الجيش الحر وعمار الداديخي ومن هذه الحوادث حادثة اختطاف الشيخ وليد العريض من مدينة إعزاز التي تعتبر مقراً لكتيبة الداديخي المعروفة بكتيبة عاصفة الشمال.
فقد ذكر مصدر مطلع لعربي برس أن الشيخ وليد العريض اختطف من قبل عناصر في لواء التوحيد وأنه موجود لدى عمار الداديخي، مما يؤكد أن عمليات وجرائم الخطف تجري من قبل الجيش الحر ولكنها لأسباب وأخرى توضع برسم المدعو عمار الداديخي.
وفي تفاصيل خطف الشيخ وليد العريض، ذكر المصدر لعربي برس أن الشيخ كان مع صديق له معتكفان في مسجد إعزاز الكبير حيث حضر شخص وطلب مساعدة الشيخ في حل مشكلة بين عائلتين فذهب معه الشيخ ولم يعد.
إلا أن أحد الأشخاص تمكن من معرفة الرجل الذي طلب مساعدة الشيخ وقال: "انه الحاج حسن الضاهر من قرية الضاهرية". وتبين فيما بعد وعند سؤال "أمن الثورة" أن الحاج حسن الضاهر يعمل بصفة طباخ في لواء التوحيد وأقر هذا الأخير أمام أمن الثورة بأنه فعلاً هو من استدرج الشيخ للخروج وأنه كانت بانتظاره مجموعة ثانية في قرية صوران وأن من أصدر أمر الاختطاف لهذه المجموعة هو شخص يدعى "جامبو" وهو قيادي في لواء التوحيد.
وذكر المصدر أنه تبين بعد ذلك أن من يقف وراء اختطاف الشيخ العريض هو منير حسون وهو قيادي في كتيبة الداديخي وأن حسون هو من طلب من جامبو تدبير عملية اختطاف الشيخ. والسبب الحقيقي لهذا الاختطاف كما يقول المصدر هو أن الشيخ ضغط أكثر من مرة على عمار الداديخي "ابو إبراهيم" ليصلح أعماله ويطلق المخطوفين والمسجونين لديه بدون ذنب. وذكر المصدر أنه جرت مشادة كلامية عنيفة بين الشيخ وبين منير حسون وذلك قبل اختفاء الشيخ بيومين.
تدلُّ هذه الحادثة على وجود علاقة تنسيق بين كتيبة عمار الداديخي وكتائب الجيش الحر ولاسيما لواء التوحيد، مما يؤكد عدم صحة كل ما صدر عن الجيش الحر من نفي لمثل هذه العلاقة.
ويبدو أن كتيبة عمار الداديخي هي بمثابة كتيبة مختصة بالأعمال القذرة التي لا يريد الجيش الحر أن تلصق به لعدم استغلال ذلك ضده إعلامياً وسياسياً، وقد جاءت حادثة اختطاف الشيخ وليد العريض كي تكشف بعض جوانب هذه العلاقة وبعض أوجه العلاقة التي تربط بين الطرفين وتلقي الضوء ولو قليلاً على كيفية اتخاذ قرارات الخطف وأسبابها وملابساتها وكيفية تنفيذها.