«العدوّ الإسرائيلي ليس ذئبا، لكن قسما بالله أنتم النعاج». هذا التعليق لمحمّد العلي أحد روّاد صفحة «فايسبوك» الخاصة بجامعة الدّول العربية، يعبّر، الى حدّ بعيد، عن آراء معظم من حضروا اجتماع مجلس جامعة الدّول العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية الذي انعقد في مقرّ الأمانة العامّة في القاهرة يوم السبت الفائت برئاسة وزير خارجية لبنان عدنان منصور بصفته رئيسا للدورة الحالية لوزراء الخارجية العرب.
ولعلّ نبرة وزير خارجية لبنان العالية هي أكثر ما ميّز الاجتماع حيث كان خطابه موضع تقدير، وقد لفت الانتباه عند دخول الوفد اللبناني الى مبنى جامعة الدول العربية احتشاد متظاهرين فلسطينيين ومصريين راحوا يهتفون عاليا: «الله معك يا لبنان»، وذلك «في إشارة الى تأييد المواطن العربي لمواقف لبنان ومقاومته ضدّ الاحتلال الإسرائيلي» كما علّق أحد الديبلوماسيين اللبنانيين في بعثة الجامعة العربية.
من جهته، قال منصور لـ«السفير» لدى سؤاله عن تقييمه للاجتماع الوزاري العربي: «كان بوسعنا كعرب أن نفعل أكثر من الذي فعلناه. يمتلك العالم العربي مقوّمات كبرى تمكّنه من ممارسة الضغوط على المحتل الإسرائيلي لكي يذعن للقرارات الدولية ويتوقف عن عدوانه ويسلك الطريق المؤدية الى إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولة له».
وأشار منصور الى أن «القرارات العربية صارت كثيرة والمهم تطبيقها». وقال إن «اجتماعات وزراء الخارجية العرب ستبقى مفتوحة».
في هذا الوقت، أعربت مصر عبر وزير خارجيتها محمد كامل عمرو عن تقديمها كل التسهيلات اللوجستية لكل من يرغب من وزراء الخارجية العرب في الإنضمام الى الوفد الوزاري العربي الذي سيتوجه بطائرة مصرية الى غزة غدا بحسب مصدر ديبلوماسي بارز في القاهرة.
ومن المقرر أن يضم الوفد، أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي، وزير خارجية العراق هوشيار زيباري بصفته رئيسا للقمة العربية، وزير خارجية لبنان عدنان منصور بصفته رئيسا للمجلس الوزاري العربي، الوزير الفلسطيني رياض المالكي ووزير خارجية مصر محمد كامل عمرو بصفة مصر دولة جارة لغزة، علما أن الدعوة بقيت مفتوحة للوزراء الآخرين للانضمام الى بعثة التضامن مع الشعب الفلسطيني، بالتنسيق مع نبيل العربي.
ويقول مصدر ديبلوماسي عربي في القاهرة ان البيان الختامي الذي صدر عن المجتمعين «كانت صياغته فلسطينية ـ مصريّة»، ويضيف: «انتظرنا أن يكون استثنائيا إلا أنه كان بيانا عاديا مثله مثل باقي بيانات الجامعة إنما بتاريخ جديد لا يرقى الى مستوى العدوان الإسرائيلي على غزّة وأهلها». وهو أمر كان موضع انتقادات من بعثات عربية عدة طالبت بمغادرة حالة التراخي العربي واعتماد لهجة أقسى ضدّ إسرائيل والدول الداعمة لها».
ويتوقف أحد الديبلوماسيين العرب الحاضرين عند المادّة الثامنة للبيان الختامي والتي تعيد تقييم مسار التسوية ومبادرة السلام العربية وأعمال الرباعية الدولية والتي تنصّ على الآتي:
«تكليف لجنة مبادرة السلام العربية بإعادة تقييم الموقف العربي إزاء مجريات عملية السلام المعطلة من مختلف جوانبها وأبعادها بما في ذلك جدوى استمرار الالتزام العربي في طرح مبادرة السلام العربية كخيار استراتيجي وكذلك إعادة النظر في «جدوى مهمة اللجنة الرباعية ودورها وذلك في ضوء عجزها عن إحراز أي انجاز باتجاه تحقيق السلام العادل والشامل» (...).
ويقول الديبلوماسي المذكور إن «هذا النص هو بمثابة إعلان فشل كل المبادرات التي بلغت الحائط المسدود» مضيفا: «آن الأوان لكي يعيد العرب النظر في مبادرات أثبتت أنها لم تقدّم شيئا للقضية الفلسطينية ومنها «المبادرة العربية» التي لا تزال مجمدة منذ تاريخ صدورها عن قمة بيروت العربية في العام 2002 فضلا عن عمل «الرباعية الدولية» الذي ثبت فشله الذريع».