وبدأت التحضيرات لعاشوراء قبل انطلاق الشهر، الذي تتضمن الليالي العشر الأولى منه مواكب عزاء، وتشتد مع اليوم العاشر، يوم استشهاد الإمام الحسين بمواكب تطبير يحضرها عشرات الآلاف من البحرينيين والمقيمين والخليجيين الذين لا تسنح لهم الفرصة في بلدانهم بإقامة مثل هذه الشعائر.
ففي عادة سنوية يجتمع مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية ورؤساء المآتم والحسينيات مع وزارة الداخلية لبحث الأمور التنظيمية التي من شأنها ضمان مرور المناسبة، من دون حوادث تذكر، خصوصا مع تدفق حوالى 170 ألف نسمة يوميا على المنامة من القرى المجاورة بالإضافة للزوار من خارج البحرين لحضور المراسم، حسب أرقام الأوقاف الجعفرية في البحرين.
إلا أن التحضيرات هذا العام لم تخلُ من تهديد ووعيد، تم تطبيقه على أرض الواقع من خلال استدعاء رجال الدين والخطباء الذين ألقوا خطبا في المناسبة، وقادوا المواكب العزائية بأشعار اعتبرت وزارة الداخلية بعضا منها تهجما على النظام، كما وجهت تهما مختلفة لآخرين مثل «الازدراء بالدولة الأموية، والتعدي على خليفة المسلمين يزيد بن معاوية»، وهو ما أثار غضب وسخرية الطائفة الشيعية في البحرين التي ينتمي تيار كبير منها للمعارضة.
وكان رئيس الأوقاف الجعفرية حسين العلوي أعلن في وقت سابق أنه ليس هناك أي تهديد من قبل وزارة الداخلية بضرب مواكب العزاء في المنامة خلال الموسم، مشيرا إلى أن الإجراءات التي ستتخذها الوزارة خلال عاشوراء «تعتبر سداً منيعاً، وإجراءات للمحافظة على موسم عاشوراء، فهناك مندسون من كل الأطراف».
فقد وجهت تهمة «الازدراء بالنظام للرادود عبد الأمير البلادي، كما حقق مع الشيخ حسن العالي بتهمة الازدراء بالدولة الأموية بالقول إن دولة يزيد مرفوضة من المسلمين، وكذلك استدعاء عدد آخر من الرواديد ورجال وخطباء الدين بسبب عبارات تاريخية ترى الحكومة أنه يتم إسقاطها على الأوضاع الحالية وقيادات سياسية، كما احتجز البعض منهم على ذمة التحقيق» حسب المحامي عبد الله الشملاوي.
وبررت السلطة في البحرين هذه الاستدعاءات بتصريح الوكيل المساعد للشؤون القانونية في وزارة الداخلية بأن الاستدعاءات جاءت «على أثر التجاوزات التي تمت أثناء تنظيم فعاليات موسم عاشوراء»، موضحا بأنه قد تم اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه عدد من الخطباء والرواديد الذين وقعت منهم تجاوزات ومخالفات قانونية وتمت إحالتهم إلى النيابة العامة.
واستنكرت جمعية «الوفاق» الإسلامية المعارضة «الحملة الأمنية الواسعة» التي استهدفت العقائد والشعائر الدينية، مشيرة إلى أن السلطة في البحرين تسعى لتكميم الأفواه والتضييق التام على حرية الرأي والمعتقد في موسم عاشوراء، من خلال استدعاء الدعاة والخطباء والمنشدين ومسؤولي المؤسسات العاشورائية والمآتم، عبر الاعتقال أو الاستدعاء أو التهديد أو الهجوم المباغت وتمزيق اللافتات العاشورائية ونزعها بالقوة، بعد اقتحام المناطق واستفزاز المواطنين.
وأكدت «الوفاق»، في بيان، أن النظام يمارس تضييقا أشد على ممارسة الشعائر الدينية والعمل على ضرب حرية المعتقد بشكل كامل باستهداف موسم عاشوراء الذي عرفت البحرين إحياءه منذ مئات السنين مع تعاقب الأنظمة التي حكمت البلد قبل الحكم الحالي، وقبل مجيء هذه السلطة.