ومن مواقع التواصل، انتقلت عدوى الغضب سريعاً إلى الشارع الغزي الذي رأى في استقبال أحد المسؤولين عن «مجزرة صبرا وشاتيلاً» وصمة عار في تاريخ القطاع، لكن الغزيين التمسوا عذراً لحكومتهم التي لا يمكنها أن ترفض استقبال أي زائر للقطاع.
لم تدم الزيارة أكثر من خمس ساعات، لكن آثارها والغضب منها لم ينته، وإن كانت مجموعات شبابية أعلنت بأنها لو كانت تعلم بالزيارة مسبقا لكانت خرجت لقول كلمتها الرافضة لزيارة زهرا، وهي حال كثيرين قالوا انهم كانوا يعرفون بزيارة وفد «14 آذار»، لكنهم لم يعرفوا أن زهرا من ضمنه.
واللافت للانتباه أن الوفد لم يحظ بمواكبة إعلامية فلسطينية كتلك التي تشهدها الوفود العربية والدولية الأخرى المتضامنة مع القطاع المنتصر في حرب الأيام الثمانية.
حكومياً، اكتفت دائرة الإعلام في المجلس التشريعي الفلسطيني بإصدار بيان عن زيارة الوفد اللبناني، ونقلت كلام المضيف أحمد بحر ورئيس الوفد جمال الجراح، فيما نشر مجلس الوزراء خبر الزيارة ضمن أخبار متلاصقة عن الوفود الزائرة.
وانتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي صورة رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية وإلى جانبه الوفد اللبناني في منزله بمخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، وكتب في أسفلها على لسان هنية بسخرية «لتكونوا جايين على غزة لتطالبونا بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية كمان؟».
أما في صفحات «فايس بوك» و«تويتر»، فكان الغضب أوضح حالاً، إذ انتشرت عشرات التعليقات الرافضة للزيارة والعاتبة على الحكومة الفلسطينية المقالة لاستقبالها زهرا، وشهدت تفاعلاً منقطع النظير غالبيتها حمل عتاباً للمستقبلين وليس للزائرين.
بين هؤلاء الشاب محمود الخواجا الذي قال: «من العيب أن يستقبل أنطوان زهرا في غزة، لأنه لم يأت متضامناً فقط، بل لأهداف سياسية واضحة، ومنها إحراج قوى المقاومة والممانعة التي ترفض حتى الاقتراب منه ومن حزبه».
وأضاف الخواجا: «لو كنت بعرف إنه جاي كنت استقبلته على معبر رفح بما يستحق.. طبعا بالجزمة والنعال»، معتبراً أن استقبال أحد رموز «الخيانة» في لبنان «عيب بحق الشهداء والجرحى وكل من ضحى لترتفع راية المقاومة».
وصرّح المواطن الغزي سالم لبد لـ«السفير» بوجوب أن تكون الحكومة حذرة في التعاطي مع كل الوفود المتضامنة لأننا قد نجد بينها من لا نرغب به. وأضاف: «أعتقد أنه من الصعب على الحكومة أن ترفض استقبال زهرا وغيره من غير المرحبين به شعبياً، لكنها للخروج من هذا الإحراج كان عليها على الأقل أن تحتاط لمثل هذا الضيف غير المرحب به وتضعه في حجمه الحقيقي».
وعلى خلاف ذلك، قال الطالب الجامعي أحمد النيرب لـ«السفير» إن غزة «تستقبل كل من يأتيها لأنه في النهاية يأتيها متضامناً، فهل يعقل أن ترفض من يصلها أو أن تتدخل في تركيبة الوفود الزائرة».
بدوره، قال القيادي البارز في «حماس» صلاح البردويل «إن ما جرى في غزة انتصار للمقاومة الفلسطينية ولمشروع المقاومة وتحت راية وعباءة المقاومة التي حققت النصر على العدو، فليأتِ من يأتي، فنحن لا نذهب تحت راية أحد».
وأوضح البردويل لـ«السـفير» أن زيارة الوفد اللبناني لا علاقة لها بمحـاور جديدة ولا قديمـة، لكنه قال إن الكثير من الأطياف السياسية أتت إلى غزة بحلوها ومرها، وأن حركته لا يمكنها أن تتدخل في شؤون الوفود الزائرة.