ويبدو أن القوات السورية استطاعت تحييد طريق مطار دمشق الدولي، الذي كان المسلحون حاولوا قطعه الخميس الماضي، حيث أعلنت شركة الطيران المصرية، أمس، إعادة تسيير رحلاتها إلى دمشق وحلب بعد أن كانت اوقفتها الخميس الماضي، وذلك بعد تأمين القوات النظامية السورية الطرق التي توصل إلى المطارين.
وقال رئيس شركة مصر للطيران رشدي زكريا، في بيان أمس، إن «الشركة ستستأنف الرحلات الجوية إلى دمشق وحلب بدءاً من اليوم بعد توقف استمر ثلاثة أيام بسبب تدهور الوضع الأمني. وأوضح أن «القرار يأتي بعد تنسيق مع السفارة المصرية في دمشق ومكتب مصر للطيران في سوريا والتأكد من استقرار الظروف الأمنية في الوقت الراهن في سوريا، خصوصاً على الطرق المؤدية إلى مطاري دمشق وحلب».
وقال المصدر السوري، في اتصال مع «السفير»، إن الجيش ركز عملياته في اليومين الماضيين على مناطق الست زينب وحجيرة وداريا والحجر الأسود وعقربا ومحيط طرق المطار الدولي، إضافة إلى مناطق سكا ودوما والعب. وشهدت تلك المناطق كثافة نيران عنيفة، ارتفع منسوبها بشكل ملحوظ في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
ووفقاً للمصدر فإن «عدد خسائر الطرف الآخر كبيرة جداً»، من دون أن يحدد رقماً تقريبياً، لكن مواقع انترنت مقربة من السلطة تحدثت عن 200 قتيل للمعارضة في مناطق الغوطة الشرقية على أقل
تقدير، وهو رقم توقع سكان من تلك المناطق أن يكون أكبر نظراً لحجم المعارك الحاصلة. وعُرضت صور لقتلى ذكور عراة الصدر وملتحين على موقع «فايسبوك» قيل إنها من مناطق الغوطة الشرقية.
وتشكل المناطق القريبة من قلب العاصمة التهديد الرئيسي في الاشتباكات الدائرة، الأمر الذي يفسر منسوب العنف الذي تشهده. ولا تبعد أطراف داريا سوى مئات الأمتار عن محيط حي المزة المعروف. كما لا تبعد بلدات وقرى مثل بيت سحم وعقربا سوى كيلومترات قليلة عن المطار، وعشرات الأمتار عن طريقه الحيوي جداً.
لذا رفض المصدر ما تناقلته وسائل إعلام عن سيطرة الجيش على مناطق الغوطة الشرقية في ريف دمشق، مشيراً إلى أن «العملية مستمرة، ولا يمكن توقع موعد محدد لإنهائها». وتمتد مناطق الغوطة لعشرات الكيلومترات، وتحيط بمداخل دمشق الجنوبية والشرقية، وتشكل البساتين نصف جغرافيتها، فيما تشكل البلدات المتلاصقة النصف الآخر، وتضم بغالبيتها مسلمين محافظين إضافة إلى شركس يعملون بالزراعة وأنواع مختلفة من الحرف اليدوية.
ووفقاً لوكالة الأنباء السورية (سانا) فقد «أوقعت القوات المسلحة السورية العشرات من إرهابيي جبهة النصرة بين قتيل ومصاب في زملكا وداريا والشيفونية بريف دمشق». وذكرت الوكالة أسماء بعضهم، ومنهم أبو علي خبية الذي وصفته «بأحد أخطر الإرهابيين في المنطقة». وأضافت إن «وحدات من القوات المسلحة اشتبكت مع مجموعات إرهابية كانت ترتكب أعمال قتل وتخريب وسلب ونهب قرب الإطفائية ودوار الزيتون في مدينة داريا، وأوقعت العشرات من أفرادها بين قتيل ومصاب»، مشيرة إلى حصول عمليات مشابهة في بلدتي سكا وزملكا في الغوطة الشرقية.
وقال معارضون لوكالة «رويترز» إن الجيش اقتحم جزءاً من داريا، وهو حي يقع على الأطراف الجنوبية لدمشق وأطلق منه المسلحون قذائف الهاون على العاصمة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أيضاً أن «الطيران الحربي أغار على محيط بيت سحم ودير العصافير ويلدا جنوب العاصمة، تزامناً مع اشتباكات في هذه المناطق، يضاف اليها اشتباكات في الغوطة الشرقية، وقصف مدفعي على بلدات ومدن دوما ورنكوس والسيدة زينب والزبداني وعربين وحرستا ومضايا وبيبلا ويلدا في ريف العاصمة».
وقال مصدر آخر لـ«السفير» إن «الكر والفر» لم يتوقف في المناطق المحيطة بالمطار، خصوصاً ليلاً. وشوهدت صباح أمس ومساءً أعمدة الدخان تتصاعد من تلك المنطقة، هي آثار قصف وحرائق على ما يبدو.
وتقدمت وحدات من المشاة ببطء بمساندة الطائرات الحربية والحوامات إضافة للمدفعية. ووفقاً للمصدر «فإن المعركة حول دمشق لا يمكن أن تكون شبيهة بأية معركة أخرى في باقي البلاد»، مشيراً إلى حساسيتها وانتفاء الخيارات فيها.
وفي هذا السياق قال المصدر المسؤول إن تقدماً حصل أيضاً في مناطق الريف الشمالي من محافظة اللاذقية، وإن دائرة انتشار وسيطرة الجيش السوري توسعت في تلك المنطقة الساخنة، ولا سيما في مناطق القسطل والمزرعة والرمادية والنقطة 45. ووفقاً للمصدر فإن «60 إرهابياً» قتلوا في مواجهات أمس.
وذكر المرصد، في بيانات، «في محافظة إدلب دارت اشتباكات في جنوب معرة النعمان بين المسلحين والقوات النظامية التي تحاول اقتحامها، وتقوم بقصفها براجمات الصواريخ والمدفعية. كما تدور اشتباكات متقطعة في حي الصاخور في حلب الذي تحاول القوات النظامية اقتحامه».
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا)، أمس، أن سيارة انفجرت في شارع الحمراء وسط حمص ما أدى إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة 24. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيانات، الى ان «140 شخصاً قتلوا الأحد جراء أعمال العنف في مناطق مختلفة»، وذلك بعد يوم من سقوط «حوالي 200 قتيل، بينهم 60 في ريف دمشق». وتأتي هذه الأحداث غداة عودة خدمات الاتصالات والانترنت الى مختلف المناطق السورية امس الاول.
وكانت وكالة أنباء الشرق الأوسط ذكرت إن وزراء خارجية تركيا احمد داود اوغلو والسعودية الأمير سعود الفيصل ومصر محمد عمرو اتفقوا، خلال اجتماع على هامش المنتدى العربي التركي في اسطــنبول أمس الأول، على «تكثيف التنسيق في ما بينهم وصولا إلى الاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء سوريا المقرر عقده في مراكش في 12 كانون الأول الحالي».
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، بمحاولة نشر الديموقراطية في الخارج «بالحديد والدم»، فيما يزور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم أنقرة، التي يفترض أن يوافق وزراء خارجية دول «الأطلسي» خلال اجتماعهم في بروكسل غداً على طلبها لنشر صواريخ «باتريوت» على الحدود مع سوريا. (تفاصيل صفحة 12)
وواصل «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» رفضه أي حلول وسط. وقال المتحدث باسمه وليد البني، في القاهرة، «لن تكون هناك أي عملية سياسية حتى ترحل الأسرة الحاكمة وأولئك الذي يعاونون النظام».