أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

قصة من مئات القصص في البحرين: إبن مقتول وأب معتقل... وأم تنتظر العدالة

الأربعاء 05 كانون الأول , 2012 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,521 زائر

قصة من مئات القصص في البحرين: إبن مقتول وأب معتقل... وأم تنتظر العدالة

«لم يكتفوا بخطف فلذة كبدي، فأخذوا عمود بيتي أيضا»، هكذا عبّرت مريم (أم علي الشيخ) عن حزنها، بعد أن قُتل ابنها في آب من العام الماضي، ثم سُجن زوجها بعد شهرين على ذلك. وقد عانت هذه العائلة، التي تعيش في قرية «الخارجية» في جزيرة سترة، شرق البحرين، الأمرّين منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في البحرين العام الماضي، ولا تزال المعاناة مستمرة والمماطلة في محاسبة المسؤولين كذلك مستمرة.

فبعد عام على إعلان المحقّق الدولي محمود بسيوني عما توصلت إليه اللجنة التي شكلها لتقصي الحقائق في البحرين، وطرحها لتوصيات تساهم في تنظيف سجل حقوق الإنسان البحريني الذي تلطخ بالدم والتعذيب، إلا أن المنتهَكة حقوقُهم على أرض الواقع لم ينالوا أي نوع من الإنصاف والعدالة، لا من حيث الاعتراف بما تعرضوا له ولا من تعويض أو محاكمة المسؤولين ومحاسبتهم، ولا حتى من وقف لهذه الانتهاكات المتواصلة، وذلك بحسب أطراف عديدة في المعارضة وعدد من الحقوقيين.

مريم، التي استقبلت «السفير» متشحة بالسواد، كانت تتمالك نفسها كي لا تنهار بالبكاء وهي تتحدث عن ألم فراقها لـ«الابن الذي برحيله غابت الابتسامة عن المنزل، مغادرا وفي يده علم البحرين، ليصبح شهيداً... في مكانة أعلى».

صور الراحل، الذي لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، تغطي جدران غرفة استقبال الضيوف، في بيت صغير احتضن مريم وعائلتها وهي تكبر، منذ أكثر من 19 عاما.

تخبر مريم «السفير» عن ذلك اليوم، قائلة: «خرج علي صبيحة العيد ليشارك في المسيرة التي انطلقت في القرية مطالبة بالإفراج عن المعتقلين من الناشطين السياسيين والأطباء وغيرهم، ورغم انني عارضته في البداية بحجة أن اليوم عيد، إلا أنه عاد وأقنعني بأن اليوم عيد، ولذلك لن تتجرأ الشرطة بالهجوم على المسيرة، خصوصا انها سلمية».

وعدها بألا يتأخر، حمل علمه وغادر، إلا أن طلقة غادرة من شرطي مكافحة «الشغب»، صوّبها نحو رقبة الطفل علي الشيخ فسقط في مكانه مودعا الحياة.

علي، المرح دائماً، كان يحب التصوير، ويهوى تربية الطيور فوق سطح منزله مع أخيه الأصغر.

تقول والدة علي إن وزارة الداخلية فتحت تحقيقا في الحادثة فضلاً عن القيام بإجراءات تشريح الجثة، كما أعلنت عن مكافأة قدرها عشرة آلاف دينار بحريني (26.3 ألف دولار أميركي) لمن يقدم معلومات إضافية مرتبطة بوفاة علي.

وكانت وزارة حقوق الإنسان وصفت وفاة صاحب الـ14 عاماً بالـ «مأساة»، وأعربت عن أسفها لأن يفقد فتى من شباب البحرين حياته، مؤكدة أن «السلطات في المملكة ستسعى إلى كشف ملابسات وفاته، وسوف تعمل على تقديم المسؤولين إلى العدالة». ولكن مرّ 16 شهرا على الحادثة، ولا يزال القاتل مجهولا، ولم يقدّم أي شخص للمحاكمة أو المساءلة.

لم تتوقف مأساة العائلة عند هذا الحد، فالوالد جواد الشيخ، الذي أصبح منذ وفاة ابنه يتقدم كل المسيرات في قريته أو في مناطق أخرى في البحرين، ويرفع يديه وصوته عاليا بهتافات ضد النظام والعائلة الحاكمة، اعتُقل منذ أكثر من شهر من إحدى المسيرات التي دعا لها ما يسمى بـ«ائتلاف شباب الرابع عشر من فبراير»، في العاصمة المنامة صبيحة عيد الأضحى. وقد عانت مريم الكثير قبل أن يُفرج عنه منذ أيام، من دون أن يتم تعويضه بأي شكل.

يبدو أن لهذه العائلة موعداً حزيناً مع الأعياد، فقد حُجز «الشيخ» الأب الفترة الماضية بتهمة التجمهر غير المرخص. إلا أن الزوجة مريم تؤكد انه لا يحتاج إلى ترخيص، فـ«الدستور البحريني وكل المعاهدات الدولية تنص على حرية التعبير والتظاهر السلمي، وهذا ما قام به زوجي، مطالبا بالعدالة والحرية والمساواة والديموقراطية، وهي مطالب مشروعة ووطنية وليست فئوية». وتضيف: «هناك إمعان في الظلم يدفعنا نحو مزيد من الصبر والسعي نحو الحق، وعدم التخاذل».

مريم، الوالدة والزوجة، دعت الحكومات الغربية للوقوف مع الشعب البحريني لأن «لا أحد معه غير الله»، وقالت إنها «تقدر لكل من يعمل من أجل إظهار مظلومية هذا الشعب، وإخراجه من هذا الخندق العميق في البحرين».

 

Script executed in 0.19393706321716