أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

طرابلس متروكة للموت والجبهات إلى اتساع

الخميس 06 كانون الأول , 2012 04:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 1,711 زائر

طرابلس متروكة للموت والجبهات إلى اتساع

بدأ الوضع الأمني في طرابلس يشكل استنزافاً حقيقياً للمدينة التي تعيش منذ عام 2005 على وقع التوتر الامني الذي زادت حدّته مع تطور الاحداث السورية. والمدينة التي ينتمي اليها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأربعة وزراء وثمانية نواب والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وينتشر فيها الجيش الذي ينضوي فيه أبناؤها، لا يبدو أنها ستخرج من دوامة العنف، إذ لم تستطع أي خطة أمنية أو سياسية أن تلامس مشاكلها الحقيقية. وهي باتت تعيش حالياً على إيقاع الموت الذي يودي بأبنائها، من دون أن تشكل بنداً أساسياً على طاولة مجلس الوزراء، في وقت طرحت فيه تساؤلات عن أسباب غياب وزير الداخلية مروان شربل عن صورة الأحداث في طرابلس، وهو الذي لا يترك عادة منطقة لبنانية ما تحصل فيها تطورات أمنية إلا يكون حاضراً لمتابعتها ومعالجتها.

 

وبدا واضحاً خلال الساعات الأخيرة أن ارتفاع عدد القتلى أمس إلى ستة والجرحى الى 56، وسط المخاوف التي تعكسها الاوساط السياسية الشمالية، من شأنه أن يزيد من تفاقم الحالة الامنية. وبحسب أوساط سياسية شمالية، فإن حالة طرابلس باتت تنذر بالخطر، والكلمة أصبحت لقادة الأحياء، بعيداً عن الاجتماعات السياسية التي تحصل، ما جعل المدينة تبدو أمس كأنها مدينة أشباح، إذ أغلقت المدارس الرسمية والخاصة والجامعات أبوابها، وكذلك المؤسسات الرسمية والخاصة والمحال التجارية، وتراجعت حركة السير في الشوارع على نحو كبير، وشهدت مناطق الاشتباكات وجوارها موجة نزوح كبيرة إلى مناطق أكثر أمناً داخل المدينة وخارجها.

 

استهداف الشعار

 

وجاء تصريح مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار بأنه لن يعود الى لبنان قريباً خوفاً من اغتياله ليفاقم الاحتقان الطرابلسي. وكشف مرجع أمني لـ«الأخبار» أن قوى الأمن أبلغت الشعار معلومات أمنية تشير الى احتمال استهدافه في عملية أمنية، الامر الذي جعله يبقى خارج لبنان في الوقت الراهن.

 

تسليم قتلى تلكلخ على دفعات

 

وفيما تنتظر طرابلس تسليم جثث ضحايا «كمين تلكلخ»، بعد إبلاغ سوريا لبنان موافقتها على ذلك، أكدت أوساط طرابلسية أن «الخوف الشديد يكمن في تفجر الوضع يوم تشييع الضحايا إذا سلموا».

وكتب مراسل «الأخبار» عبد الكافي الصمد أنه بعدما «شاع أولاً أن عدد القتلى في تلكلخ 17 شاباً من أصل 21، ثم تراجع العدد إلى 4 وأحياناً إلى 6، أكدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن «عدد أفراد المجموعة هو 30 شاباً، قتل منهم 17، وأصيب 4، فيما لا يزال مصير التسعة الباقين مجهولاً». وعقد مساء أمس اجتماع بين وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور والسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي والمدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم. وأبلغ السفير علي الوزير منصور رسمياً قرار السلطات السورية تسليم جثامين القتلى على ثلاث دفعات تنتهي في خلال أسبوع على أن تتم عملية تسليم الدفعة الاولى بعد غد السبت.

 

محاولة اقتحام جبل محسن

 

ميدانياً، أفاد مراسل «الأخبار» في طرابلس أن الجولة الجديدة من الاشتباكات على محاور القتال التقليدية في طرابلس تميّزت عن سابقاتها بأمرين لافتين: الأول محاولة المسلحين على جبهة المنكوبين اقتحام أحياء مواجهة لهم في منطقة جبل محسن، لكن هذه المحاولة لم تفلح، ما يعني أنها قد تتكرر. وأهمية جبهة المنكوبين أنها باتت جبهة جديدة تضاف إلى الجبهتين التقليديتين حول جبل محسن في منطقتي باب التبانة والقبة، وأنها تضمّ خليطاً من مسلحين يتوزع انتماؤهم بين مناصرين للنائب خالد ضاهر وحزب التحرير وسلفيين، عدا عن مجاورتها لمخيم البداوي، ما رفع منسوب الخشية من احتمال تدخل أحد الأطراف الفلسطينية الى جانب أحد الأفرقاء، الأمر الذي سيفجّر الوضع على نحو غير مسبوق، خصوصاً بعدما تبيّن أن شاباً فلسطينياً سلفياً من أبناء مخيم نهر البارد كان في عداد مجموعة تلكلخ. وأوضحت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن محاولة الاقتحام على جبهة المنكوبين حصلت مساء أول من أمس، ودارت اشتباكات عنيفة استخدمت فيها قذائف ب 7 ورشاشات ثقيلة

أما الأمر الثاني تمثّل في أن كل النداءات التي وُجّهت الى المسلحين لوقف النار، واللقاءات الأمنية والسياسية التي عقدت لهذه الغاية، لم تجد آذاناً صاغية ولم تفلح في التوصل إلى إرساء هدنة تجعل الجيش يدخل إلى مناطق الاشتباكات، علماً بأن اجتماعاً عقد في منزل النائب محمد كبارة في طرابلس حضره نواب وفاعليات ومشايخ وكوادر المسلحين، دعا بعده كبارة الى «ضرورة وقف كل الممارسات المسلحة».

من جهتها، أعلنت قيادة الجيش أن وحداته واصلت تعزيز إجراءاتها الأمنية في منطقتي باب التبانة وجبل محسن والأحياء التي لا تزال تشهد توتراً أمنياً وأعمال قنص بين الحين والآخر. وأعلنت توقيف خمسة من المشتبه فيهم بإطلاق النار. وقد أصيب خلال العمليات الأمنية عسكريان وتعرضت بعض الآليات العسكرية لأضرار مادية.

ومساءً أفاد الحزب العربي الديمقراطي عن سقوط قذائف هاون من عيار 82 على جبل محسن. وذكرت أوساط الحزب أنه أبلغ الجيش أنه ينذر المسلحين في طرابلس بأنه إذا لم يتوقف القصف منتصف الليل (أمس) فسيكون ردّه عنيفاً.

وانتشرت شائعات عن وجود مسلحين من «الجيش السوري الحر» يقاتلون في طرابلس ولا يمون عليهم أي طرف محلي. لكنّ مصدراً إسلامياً بارزاً نفى هذا الاحتمال، وأوضح أن «هؤلاء المسلحين لبنانيون عائدون من سوريا، تربطهم علاقات مع جهات مسلحة في المعارضة السورية، ما جعلهم تنظيماً مسلحاً عابراً للحدود، باتت تصعب السيطرة عليه أو توقع ما يمكن أن يقدم عليه». وكشف المصدر أن سجالاً حاداً دار بين بعض كوادر المسلحين في طرابلس مع مشايخ، في أحد اللقاءات التي عقدت في الساعات الماضية، وأن شيخاً اتهم كوادر بإرسال مقاتلين إلى سوريا لمحاربة النظام، فردّ عليه أحد الكوادر: «إن كلامكم التحريضي والحماسي يجعل الشبان يذهبون إلى الصين لا إلى سوريا!».

 

ميقاتي: توسيع اليونيفيل غير مطروح

 

وفي سياق متصل، لفت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعد لقائه نظيره الايطالي ماريو مونتي، إلى «أن لبنان على مفترق أزمات إقليمية عدة، ونحن في أشد الحاجة الى دعم المجتمع الدولي للجيش اللبناني في مهامه على الحدود أو في داخل لبنان». وأكد أن توسيع مهمات «اليونيفيل» إلى الحدود الشمالية غير مطروح.

من جهته، عبر مونتي عن «تقديره لسياسة الحكومة اللبنانية تجاه الازمة السورية».

إلى ذلك، يعقد النائب صقر مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم في تركيا يتحدث فيه عن مضمون تسجيلاته. ودعا صقر وسائل الاعلام اللبنانية لحضور المؤتمر حيث توجه عدد كبير من المندوبين الذين سهّل لهم صقر إجراءات السفر.

وأعلن النائب العام التمييزي القاضي حاتم ماضي أننا «سنرصد مؤتمر صقر الصحافي، على أن نضم كلامه إلى الملف إذا اقتضى الأمر». وأوضح أن النيابة العامة التمييزية لا تستطيع رفع الحصانة عنه، «ونحن ندرس التسجيلات وسنتخذ الموقف المناسب»، مشيراً إلى أن «رفع الحصانة ليس من صلاحيتنا، وفي حال ثبوت الجرم نرفع تقريرنا ومجلس النواب يتخذ القرار برفع الحصانة أو عدمه».

على صعيد آخر، علمت «الأخبار» أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان ديريك بلامبلي نقل خلال لقائه مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الله عمار الموسوي رسالة إلى حزب الله من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بضرورة إنهاء القطيعة الحاصلة بين الأفرقاء اللبنانيين وضرورة البدء بالحوار. وأكد الموسوي لبلامبلي أن الحزب جاهز للحوار في أي لحظة، على أن يكون من دون شروط مسبقة أو ابتزاز. وعن حادثة تلكلخ، أشار بلامبلي إلى أن الحادثة «خرق لسياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان».


Script executed in 0.20564293861389