الاختبار الأول هو لاقتراحات تمويل سلسلة الرتب والرواتب التي تم إنضاجها خلال الساعات الماضية، تمهيداً لعرضها على جلسة مجلس الوزراء اليوم، ومن أهمها زيادة عامل الاستثمار في العقارات غير المبنية، أو ما يعرف بـ«طابق ميقاتي».
الاختبار الثاني هو للوضع الأمني في طرابلس، بعد قرارات مجلس الدفاع الأعلى وانتشار الجيش اللبناني في جبل محسن ليل أمس أولاً، على أن ينتشر صباح اليوم في باب التبانة.
الاختبار الثالث هو لنتائج المشاورات التي جرت الاسبوع الماضي بين الرئيس نبيه بري وبعض نواب وقيادات «14 آذار»، في شأن إعادة تفعيل عمل مجلس النواب ونشاط اللجان النيابية، لا سيما تلك المعنية بمناقشة قانون الانتخاب.
وفي هذا السياق، عُقد ليل
الجمعة الماضي اجتماع ضم المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، والمعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل، والوزير جبران باسيل، ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا والمسؤول الأمني في «حركة أمل» أحمد البعلبكي، وجرى التداول في كيفية تفعيل الوضع الحكومي والعمل النيابي وفي آفاق قانون الانتخاب.
وأبلغت مصادر المجتمعين «السفير» انه تم التشديد على الرفض التام لإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون الستين، مؤكدة الانفتاح على مناقشة أي تعديلات على المشروع المقدم من الحكومة، تحت سقف مجلس النواب. وأشارت المصادر الى ان ممثلي «حركة أمل» و«حزب الله» أكدوا الاستعداد للقبول بما يتفق عليه المسيحيون، وبالتالي فإن الأولوية هي لما يقرره الإجماع المسيحي في شأن النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر.
سلسلة الرتب والرواتب
وبينما يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري، مخصصة للبحث في تمويل سلسلة الرتب والرواتب، علمت «السفير» أن الرئيس نبيه بري اتفق مع الرئيس نجيب ميقاتي خلال الاجتماع الذي عقد بينهما، أمس الأول، على أفكار تتيح تمويل «السلسلة»، ولا تُحمل الفقراء وذوي الدخل المحدود أعباءً ثقيلة. ومن بين الاقتراحات التي تم التوافق عليها خلال الاجتماع زيادة عامل الاستثمار بنسبة 10 في المئة في العقارات غير المبنية، وزيادة 20 سنت على تعرفة الكهرباء.
وفي المعلومات أن اجتماعاً عقد مساء أمس بين كل من الرئيس ميقاتي والوزراء علي حسن خليل، نقولا نحاس، ومروان خير الدين، جرى خلاله استكمال النقاش حول مشروع تمويل «السلسلة»، لا سيما ما يتعلق بزيادة عامل الاستثمار. وقد حاول رئيس الحكومة أثناء الاجتماع الاتصال بالوزير غازي العريضي لحسم بعض النقاط العالقة، خصوصاً أن الأخير كان قد أبدى تحفظات معينة على فكرة زيادة عامل الاستثمار، لكن العريضي لم يكن على السمع في حينه، فيما أبدى بري استعداده للتدخل لدى العريضي لإقناعه بالموافقة على الاقتراح، في حال تطلب الامر ذلك.
وبعد انتهاء اجتماع ميقاتي مع عدد من الوزراء، توجه وزير الاقتصاد نقولا نحاس للقاء الوزير الأسبق عدنان القصار لوضع الهيئات الاقتصادية في أجواء «طبخة التمويل»، بينما كان بري يواصل من ناحيته مشاوراته واتصالاته مع أطراف مؤثرة في الحركة النقابية، وعُلم أن اللقاء الذي عقد بين بري والأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة اندرج في هذا الإطار.
ووفق المعلومات، فإن «تسوية التمويل» التي جرى السعي الى بلورتها خلال الساعات الماضية، تقضي بتأمين موارد كافية لا ترهق العمال والموظفين، في مقابل أن تقبل «هيئة التنسيق النقابية» بمبدأ التقسيط،على دفعات.
وقال بري لـ«السفير» إنه لم يعد جائزاً ان تبقى مسألة سلسلة الرتب والرواتب عالقة بهذه الطريقة التي تستنزف الحكومة والعمال والموظفين على حد سواء، مشيراً الى أن المطلوب هو الوصول الى صيغة توفق بين الحقوق المشروعة، وبين وجوب عدم تعريض خزينة الدولة الى خضة مالية. وأكد انه يقف الى جانب اصحاب الحقوق من العمال والموظفين ولكنه في الوقت ذاته يحرص على حماية الوضع الاقتصادي والمالية العامة، حتى لا تذهب المكاسب المشروعة هدراً.
في المقابل، قال مصدر في هيئة التنسيق النقابية لـ«السفير» إنه «بعد الإضراب والتظاهر، نتجه الى شل القطاع العام لمدة يومين او ثلاثة، من خلال تجمعات واعتصامات في المقرات الحكومية، في جميع المناطق، قبل نهاية كانون الاول الحالي، في حال لم تتم الاستجابة لمطلب الهيئة بإحالة مشروع السلسلة على مجلس النواب».
مجلس الوزراء
الى ذلك، توقع بعض الوزراء أن تناقش جلسة مجلس الوزراء اقتراح رئيس الحكومة باستحداث رسوم جديدة للتمويل من خلال ما سمي «طابق ميقاتي»، الذي يقضي بزيادة عامل الاستثمار في الأبنية، ما يوفر دخلاً كبيراً للخزينة يزيد عن حاجة تمويل السلسلة، وذلك على رغم الاعتراض الشديد الذي تبلغه مجلس الوزراء خطياً في تقرير لمجلس التنظيم المدني، الذي حذر من مخاطر إقرار المشروع على الحياة العامة، لا سيما لجهة الضغط الذي يسببه على البنى التحتية والخدمات وتشويه البيئة والسير وزيادة الضغط السكاني، عدا الخطر على الأبنية التراثية، التي قد يعمد اصحابها الى هدمها للاستفادة مادياً من البناء وفق مشروع «طابق ميقاتي».
وسيبحث مجلس الوزراء في تقرر «التنظيم المدني» وسيستمع الى توضيحات رئاسة الحكومة ورد وزارتي الداخلية والعمل عليه.
وقال مصدر وزاري لـ«السفير» إن جلسة مجلس الوزراء ستدرس موضوع تمويل سلسلة الرتب والرواتب في ضوء المعطيات الجديدة المتوافرة لديها، وإن كل الدراسات التي طلبت من مؤسسات وهيئات دولية، لا سيما صندوق النقد الدولي، للاستنارة بها في القرار بشأن تمويل السلسلة «أصبحت بحوزة الحكومة».
طرابلس: الجيش ينتشر
أمنياً، بدأت وحدات من فوجي «المجوقل» و«المغاوير» في الجيش اللبناني ليل أمس انتشارها في جبل محسن، تمهيداً للانتشار صباح اليوم في باب التبانة، مع أوامر مشددة بإطلاق النارعلى كل من يعترض الجيش، وذلك بعد أيام من الاشتباكات العنيفة التي استمرت حتى مساء أمس، حاصدة قرابة 17 قتيلاً ونحو 90 جريحاً، فيما أعلن رئيس بلدية طرابلس الدكتور نادر غزال عن تنفيذ اعتصام لهيئات المجتمع المدني اليوم أمام مبنى سرايا طرابلس استنكاراً لاستمرار الفلتان الأمني في المدينة.
وقال مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد لـ«السفير» ليلاً إن «الجيش انتشر بالفعل في النقاط الساخنة في جبل محسن، على أن ينتشر صباح اليوم في باب التبانة، وقد تلقينا ضمانات بذلك». أضاف: في الأساس لا مشكلة لدينا مع الجيش وهو منتشر اصلاً في جبل محسن وما حصل انه عزز انتشاره، ونحن سنقدم كل التسهيلات الممكنة لإنجاح التهدئة.
ودعا الرئيس ميقاتي، عبر «تويتر»، ليلاً الجميع في طرابلس إلى «التعاون مع القوى الأمنية كي نوقف النزف الحاصل ونحصن مدينتنا من أتون الفتنة»، وقال: اتخذنا إجراءات واضحة ستترجم في الساعات المقبلة، فأنا لم ولن أتقاعس ثانية عن واجبي نحو حماية أهلي وبلدي.
وأكد أن عمله الجاد مستمر لتأمين استقرار طرابلس وكل لبنان بعيداً عن الضجيج والشعارات السياسية.
«الدفاع الأعلى»
وعلى رغم الطابع السري للقرارات التي اتخذها المجلس الأعلى للدفاع، في الجلسة الاستثنائية التي عقدها في القصر الجمهوري، أمس، بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، فإن المعلومات تفيد بأنه سيصار الى تسريع آليات الحسم العملي والفوري لأي توتر أمني في أي منطقة لبنانية «بلا هوادة او تباطؤ».
ووفق المعلومات، اتخذ المجلس الأعلى للدفاع قرارات صارمة تتصل بتكليف الجيش حفظ الأمن في طرابلس والبدء بإجراء مداهمات لتوقيف المخلين بالأمن، وتحديداً في طرابلس والشمال، ومصادرة السلاح المضبوط ومخازن الاسلحة التي ترد معلومات عن أماكن وجودها».
وقال سليمان خلال الاجتماع إن سقوط الضحايا في منطقة باب التبانة وجبل محسن لا يقدم ولا يؤخر في الأزمة السورية، مشدداً على أن الجيش لديه الغطاء الكامل من الحكومة، من دون ان نضع عليه شروطاً مسبقة، ونتهمه بالانحياز كلما نفذ مهمة.
رحلة الجثامين
في هذا الوقت، عُلم ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم زار دمشق قبل ظهر السبت، بتكليف من رئيسي الجمهورية والحكومة، والتقى اللواء علي المملوك وعرض معه المعطيات المتوافرة حول مقتل عدد من الشبان الطرابلسيين في تلكلخ، وتم الاتفاق على آلية لنقل الجثامين.
وعُلم أن العدد الدقيق للقتلى هو 13، من بينهم 8 لم تُعرف هوياتهم الشخصية بعد، إضافة الى موقوف واحد، ومن المتوقع ان يسلم الجانب السوري الى الجانب اللبناني خمسة جثامين في الأيام المقبلة، بعد تسليمه ثلاثة تم التعرف عليها (تبين حصول خطأ في احدها، لكن الجثمان كان يعود الى لبناني فتسلمه ذووه امس)،على أن يصار الى الاتصال بأهالي القتلى الباقين لإرسال صور أبنائهم الى الطرف السوري مع الأسماء كاملة ليصار الى التعرف عليهم بــدقة قبل إرســـال الجثامين في أقرب وقت .