يتزامن الطقس الماطر، والأعاصير مع افتتاح المعرض العربي والدولي للكتاب في «البيال»، التزامن الذي يقترب من أن يكون طبيعياً، سوى أننا نحن المولجين متابعة أنشطة المعرض نحسبُ أن هذا التزامن إنما يشتغل ضدنا وضد سلاسة متابعاتنا لما يُرخيه من زحمة مرور تشكل اختناقات هنا وهناك، وتُربك عملية وصولنا إلى المعرض ومنه. نظرة بانورامية نلقيها على رحابة المكان من مدخله، لنجد أن المسالك إلى «دور النشر» سالكة وآمنة من رحابتها، ومن خلوّها من الزوار، ربما بسبب الطقس الماطر، أو التريث في الحضور في يوم المعرض الأول، الثلاثاء في 4/12/2012، أو الأولويات التي تشغل اللبناني حالياً، بما هي هموم معيشية، الأولوية فيها للرغيف قبل الكتاب. «ممنوع التدخين» جملة أرخت بثقلها على زوار المعرض من المدخنين، وعلى مرتادي الكافيتريا التي إنما كانوا يقصدونها في الأساس «للتدخين» فحسب، ثم لتبادل الأحاديث مع المدخنين أمثالهم.
ندرة الزوار للمعرض في يومه الأول، قابلها حشد للندوة التي عقدت حول كتابي عادل الصلح «سطور من الرسالة» و«حزب الاستقلال الجمهوري». ألقى فيها هشام الصلح كلمة استهلالية بالنيابة عن منح الصلح الذي تغيّب لأسباب صحية. يستلهم عادل الصلح حياة عبد القادر الجزائري الذي أصبحت ثورته في الجزائر قدوة في كل البلدان العربية ولا سيما البلدان التي سيطر عليها الفرنسيون كسوريا ولبنان في عهد الانتداب الفرنسي عليهما، حتى أصبح من غير الممكن الفصل بين النضال في بلدان المشرق العربي من أجل استقلال سوريا ولبنان ونضال المغرب العربي ورمزه الأمير عبد القادر الجزائري في أثناء وجوده في دمشق، وهذا واضح في كتاب المناضل عادل الصلح «سطور من الرسالة». كما أنه في كتابه الثاني «حزب الاستقلال الجمهوري في لبنان» يعكس تشوق اللبناني إلى الاستقلال متأثراً بجهاد عبد القادر الجزائري وقناعاته العربية الشاملة بأن قضية التحرر تكاد تكون واحدة في كل الأقطار.
طرح الكتاب قضايا كبرى كقضية نوع النظام السياسي السائد في لبنان: هل هو جمهوري فعلاً وهل هو استقلالي؟ كما نوّه بقيام حزب لبنان باسم الاستقلال الجمهوري كحدث تاريخي تفرضه طبيعة التجاذب والصراع بين قوى أجنبية متسلطة وأتباع لها من جهة، وشعب صاحب حق بالاستقلال من جهة ثانية. في هذا السياق النضالي والفكري جاء كتاب عادل الصلح المعنون: «حزب الاستقلال الجمهوري...» تأكيداً للثوابت التي احتاجت اليها في الماضي وتحتاج إليها حتى اليوم الأمة في مشرقها ومغربها.
عضو المجلس الدستوري زغلول عطية لفت في كلمته إلى مسيرة آل الصلح السياسية والوطنية، وإلى الثبات في الموقف الذي يدعو إلى الاتفاق والتآخي بين اللبنانيين على اختلاف طوائفهم، وقناعة باستقلال لبنان نتيجة لهذا الاتفاق.
بهيج طبارة بدوره أشار إلى أن عادل الصلح يؤرخ في الكتابين اللذين جمعهما الناشر في كتاب واحد، لفترة من تاريخ سوريا ولبنان، نمت خلالها حركة سياسية كانت في البدء تهدف إلى استقلال بلاد الشام عن الدولة العثمانية، وفيما بعد إلى التحرر من الانتداب الفرنسي.
الناشر أنطوان سعد، اقترب من كشف الكاتب عن مشروع تحرري من السلطة العثمانية قاده أحمد باشا الصلح بالتعاون مع نخب شيعية ومسيحية مرموقة لإقناع الأمير عبد القادر الجزائري بتزعم ثورة عربية ضد الأتراك، في زمن كان الشيعي فيه من الرافضة والمسيحي مواطناً من الدرجة الثانية.
سيرة الظاهر بيبرس
من أنشطة اليوم الأول للمعرض، الثلاثاء، المحاضرة التي نظمها المعهد الفرنسي للشرق الأدنى حول «سيرة الملك الظاهر بيبرس والأدب الشعبي» ألقاها الأكاديمي الفرنسي جورج بوهاس وقدم له مدير قسم الدراسات العربية في المعهد برونو باولي بحضور عدد من المهتمين. السيرة كانت نشرتها دار السندباء لتعود وتنشرها «الآكت سود»، أشار فيها بوهاس الذي استند إلى الرواية الحلبية، إلى أن من بين أهم الخلفيات النظرية التي دفعتنا إلى القيام بهذا العمل فكرتين أساسيتين: أولاهما أننا بحاجة إلى ان نضيف إلى حقلي الأدب التراثي والأدب المعاصر حقل الأدب الشعبي، أما الحضارة العربية الاسلامية فتحوي العامة في رحمها بقدر ما تحوي الخاصة ثم ان الأدبين، الأدب التراثي والأدب الشعبي، وجها حضارة واحدة حمل كل منهما صوتها إلينا على طريقته الخاصة. هذا وشهد المعرض سلسلة تواقيع لعدد من الكتّاب من أبرزها كتاب: «لبنان في مجلس الأمن 2010 ـ 2011» لسفير لبنان ومندوبه الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك نواف سلام، وقد حضر حفل التوقيع حشد من الشخصيات السياسية والديبلوماسية والثقافية، ويسعى هذا الكتاب إلى توثيق تجربة لبنان على مدى سنتين تميز عمل مجلس الأمن فيهما بغلبة القضايا المتعلقة بالعالم العربي ودوله. لا سيما أن تجربة سلام في تلك الفترة كممثل للبنان تميزت بعمل مكثف للمجلس واجتماعاته الرسمية وجلسات مشاوراته التي بلغت 783، ويعتبر الكتاب ان عضوية لبنان في مجلس الأمن شكلت فرصة نادرة له ليثبت جدية سعيه لاستعادة سياسته الخارجية المستقلة وقدرته على ان يكون شريكاً في صناعة القرار الدولي. لكن هذا لم يكن بلا تحديات او صعوبات من المسائل المتعلقة بلبنان والصراع العربي الاسرائيلي، إلى الملف النووي الايراني والأزمتين الليبية والسورية، فكان أحياناً في الخطوط الأمامية للسياسة الدولية، بينما اختار أحياناً أخرى البقاء على حياد. وفي إطار التواقيع أيضاً تميز توقيع رضوان حمزة بحضور كثيف ولافت، مع انعطافته من المسرح إلى الشعر في كتابه «غفوتي عارية».
في إطار فعاليات اليوم الثاني انعقدت ندوة: «أضواء وآراء على كتاب الحذف اللغوي وعلله التصويتية» لعبد الفتاح الزين، شارك فيها الأكاديميون هاشم الأيوبي، ديزيريه سقال، أديب سيف، وأدارها سلطان ناصر الدين بحضور حشد من المهتمين، وفيها أنه لميدان اللغة وميدان الحرف وعلاقة الصوت فيه بالدلالة على وجه الخصوص حرمة، فالموضوع يدخل في باب الاختصاص الدقيق الذي تبنى عليه المعارف، والحرف هو الأساس وعلاقة صوته بدلالته هي المنطق لعلوم لغوية.
الروائيون والشعراء
ثمة أيضاً في فعاليات مساء الأربعاء ندوة: «التناقضات والمعوقات في مسيرة الربيع العربي» وجذرها موضوع الساعة وهو الربيع العربي، الذي بحسب عمر فاضل ليس مفرحاً أو مرضياً، فيما نزع كريم مروة صفة الربيع عن الاسم مكتفياً بتسميتها ثورات. كعادتها في كل عام نظمت دار «الرمك» أمسية شعرية أحياها شعراء لبنانيون وعرب وقدّمها غازي صعب بحضور حشد من متذوقي الشعر، كما القى الشعراء خلالها مختارات من إبداعاتهم الشعرية. أيضاً شهد المعرض سلسلة من التواقيع منها لفيصل جلول عن دار الفارابي، وآخر لكريم مروة عن الدار العربية للعلوم ناشرون.
نهارات وأمسيات المعرض من حيث حركة الناس، تكاد تكون متشابهة مع فوارق طفيفة على علاقة بهذه الندوة او تلك، او بذلك التوقيع او ذاك، والحال أننا لا نستطيع رصد الإقبال على شراء الكتب من نظرة غير متأملة، ومنتبهة إلى خلو الأيادي من الأكياس التي تحمل الكتب او العكس، ايضاً إلى زوار دور النشر الواقفين امام رفوفها، لا يعني بالضرورة انهم يخرجون بحمل ثقيل، فالأمر لا يتعدى في الغالب قراءة العناوين او شرب فنجان قهوة هنا او هناك. المعرض «بالعربي المشبرح» في دورته السادسة والخمسين لهذا العام، وبحسب ما رأينا منذ افتتاحه لغاية اليوم، لم يستقطب سوى مرتادي الندوات وفي حدود قليلة جداً، ولعل الحراك السياسي العنيف في هذا البلد العربي وذاك، وحتى النار التي تحت الرماد في لبنان، هما أكثر من سبب لخفوته وفراغ أروقته، وإذا بقيت الحال على ما هي عليه، فإن خسائر كبيرة مادية سوف تلحق بأصحاب دور النشر المحليين والوافدين.
من نشاطات النادي الثقافي العربي لهذا العام، ندوة «ناقد وروائيان» فعالية المعرض العربي والدولي للكتاب في يومه الثالث، شارك فيها الروائيون محمد ابي سمرا، روكز اسطفان، هالة كوثراني، هيثم حسين، ماري القصيفي، هلال شومان، جنى الحسن، نرمين الخنسا، والنقاد رفيف صيداوي، عماد حمزة، اسكندر حبش، سلمان زين الدين. الندوة بحسب الخنسا التي قدمتها، هي تتمة لملتقى الروائيين العرب الذي نظمه النادي الثقافي العربي مع بيروت عاصمة عالمية للكتاب منذ ثلاث سنوات.
صيداوي تناولت في كلمتها تجربة الناقد والروائي السوري هيثم حسين في إصدارين له، كما قاربت رواية «نابوليتانا» للروائي اللبناني هلال شومان واصفة توصله إلى بناء فني بعيد من التسطيح. زين الدين تطرق إلى رواية «علي الأميركاني» لهالة كوثراني التي تطرح أسئلة الهوية، كما قارب رواية «كل الحق ع فرنسا» لماري قصيفي التي تعالج تحولات الأسرة اللبنانية عبر الزمان والمكان. حمزة في مقاربته «أنا هي والأخريات» لجنى الحسن في سردها لسحر الشمال اللبناني وزهرته طرابلس. وفي كلامه عن رواية: «نصيبك في الجنة» للروائية نرمين الخنسا اعتبر حمزة ان المشاهد على قدر مقصود واع وفيه إرادة تنسج الصورة العامة للرواية. الزميل الشاعر والناقد اسكندر حبش تمحورت مداخلته حول فكرة «التخييل الذاتي للموت» في مقارباته التي طاولت أعمالاً لروكز اسطفان ومحمد أبي سمرا، إذ تصدر الكتابة عن تخيل وحيد لا نستطيع أبداً كتابته عن أنفسنا، فإذا كانت الكتابة في جزء كبير منها استعادة تجارب الحياة وكتابتها بطرق مختلفة، يأتي التخييل هنا ليكتب عن تجربة لن تعرفها.
فيصل ملكاً
ندوة «فيصل ملكاً» قصة الانقلاب على الملك سعود لنجم هاشم، شارك فيها الاعلاميون أمين قمورية ونصري الصايغ وقدمها انطوان سعد. صايغ في كلمته شبّه الأمس باليوم باستثناء ان الدم راهناً بات مشاعاً، واعتبر انه يمكن ان نستفيد من هذا الكتاب دروساً كثيرة في السياسة وكيفية ادارتها وتعاطيها.
قمورية تطرق في مداخلته وعرض إلى المخاضات في الدول العربية راهناً، معتبراً ان الرياض ليست جزيرة معزولة عما يحصل حولها، وتساءل: هل هي في مأمن ام ان العدوى أصابتها ايضا؟ الهاشم اعتبر ان أبرز ما ساعد في رسم صورة التغيير في المملكة العربية السعودية وفي العالم العربي هو الدور الذي كانت تلعبه جريدة «الحياة» ورئيس تحريرها كامل مروة.
ايضا غص نهار وليل الخميس بالندوات، فكانت ندوة حول أزمة سوريا منذ صيف 2011 نظمتها دار النهار «تاريخ سوريا المعاصر» لكمال ديب شارك فيها الوزير السابق كريم بقرادوني وقدم لها عبدالله عطية، تمحورت حول الربيع العربي وعلى ما يحدث في سوريا وما قــد يحدث في إيران، وعلى صعود الأصوليات الاسلامية، معتبرين ان الحل هو الديموقراطية. أخيراً، كانت سلسلة من التواقيع أبرزها للروائي حسن داوود: «لا طريق إلى الجنة» عن دار الساقي إلى «حكايات الأغاني» لفارس يواكيم، وسواها من التواقيع.
فراغ اليوم الرابع
في إطار فعاليات نهار الجمعة، اليوم الرابع من معرض بيروت العربي والدولي الـ56، لم يبدُ الإقبال أكثر منه في الأيام التي سبقت. الشباب الذين كنا نلتقيهم في دورات المعرض السابقة، في الكافتيريا وفي الأروقة، اختفوا من مشهد هذه الدورة، كما لو الجلوس أمام كمبيوتراتهم وأمام الفايس بوك، يرضيهم أكثر من تكبّد عناء الحضور إلى المعرض، في طقس ماطر لا يشجع، وفي إرهاصات الأخبار الأمنية المُربكة، الآتية من سوريا ومن مصر ومن طرابلس اللبنانية، وعموماً من كافة المناطق العربية.
مقابلة الكتاب وجهاً لوجه ـ على ما أحسب ـ لم تعد تثير فيهم تلك الحماسة التي أفقدت وسائل الاتصال الإلكتروني مذاقاتها الحميمة. لم يخلُ الأمر من زائر هنا او هناك سوى أن الأكتاف الزائرة لم تعد تتلامس كما في دورات سابقة، فالمكان خالٍ على ما نرى، والأروقة يصح لك التخييل فيها على هواك، من خلوّها من زوارها المعتادين والمتطفلين، ولعل الجمهرة حول هذا التوقيع او ذاك، جاءت بفعل «الواجب» إذا صح التعبير، وبفعل رد الواجب للذي «حضر توقيعي فأحضر توقيعه».
أمسيات الجمعة في ندواتها التي انعقدت، لم تكن هي نفسها نادهة، وأتت كما لو لإملاء الفراغ اعتباطاً، ولحشد الفعاليات كيفما اتفق. ثمة ندوة نظمتها «دار غوايات» حول كتاب «حكايات الشتاء» للكاتب حافظ أبي المنى، شارك فيها الشاعر طارق آل ناصر الدين، والروائي علي سرور وأدارها الكاتب محمد خليل، كان جذرها حكايات الشتاء التي ليست مجرد حكايا بسيطة ـ بحسب خليل ـ بل مواقف وحالات ومواضيع وتطلعات إنسانية كبيرة وجدية. حكايتان في رواية واحدة فيها من النبل الإنساني والسلوك الأخلاقي المميز الذي يظهره بطلها. سرور في كلمته عن الكاتب، قال إنه أعادنا إلى أدب لبناني عُرف بالسهل الممتنع الذي تشكل بأقلام كبار كمارون عبود وسعيد تقي الدين ويوسف عواد. أما ناصر الدين فأشار إلى أن القيمة الكبرى لهذا الكتاب ليست في الكتابة عنه بل بقراءته، فالعلاقة التي أقامها الكاتب بينه وبين القراء تختصر مساحات النقد والتقييم.
المفكرة الباريسية
أيضاً كانت ندوة، نظمتها «أضواء وآراء» ومن نشاطات دار البنان، حول كتاب «المفكرة الباريسية» لجوزيف طانيوس لُبس، شارك فيها محمد توفيق أبو علي، وعصام عساف بإدارة سلطان ناصر الدين ورافقهم عزفاً على الغيتار ابراهيم الأزهري، وحضرها بعض المثقفين والمهتمين، وتمحورت الكلمات حول كتاب طانيوس لما هو مشاهد وتأملات في أدب الرحلات كما أنه نص مفتوح وحمّال أوجه، وبحث في أدب السيرة يتوسل الصورة الفوتوغرافية نصاً يتممه نصه الأصلي في سياق ينزع نحو تمثيل الواقع وينأى به عن الحسية المحضة في فضاء من التخييل. لُبس المؤلف ختم بقراءات من كتابه: (فرساي، الموناليزا، المسجد الجامع، عيد النور والألوان).
أفهم أن تقام الندوات في مناسبة المعرض، لكنني لا أفهم كيف يتنادى نقاد أربعة أو خمسة تحت عنوان كتاب يأتي أحياناً غير معروف لدى الكثيرين، لا هو ولا صاحبه في الأصل. الندوات على ما أحسب هي لمناقشة الأفكار الكبيرة ومجريات الأحداث الآخذة بهذه الرقعة العربية الملتهبة، أو على الأقل مناقشة كتاب لأديب معروف شكل كتابه مفصلاً في حياتنا الثقافية.
ندوة قراءات في شعر لامع الحر شارك فيها منيف موسى وميشال كعدي وقدمها سليمان بختي، تمحورت فيها الكلمات حول الحر الذي يمثل ـ بحسب بختي ـ في حركتنا الشعرية حساسية الحب والحرية، أما موسى فاعتبر ان لامع الحر يلعب في شعره لعبة المواجهة النضالية أمام الوطن وأمام المرأة، كما يرى كعدي بدوره ان حروف قصائد الحر مدت من أضلاعه فعكفها الأسر، وكلماته تحدت العذاب والظلم. الندوة اختتمت بقراءات للشاعر لامع الحر. من نشاطات دار «ألف ياء» عقدت محاضرة أيضاً مساء الجمعة حول كتاب «مفاجآت ولادة طفل» لنظير حمد، ورواية «مكتوب» لعلي خليفة شارك فيها شوقي عازوري وفيصل سلمان بحضور مهتمين. شهد معرض الكتاب ليل الجمعة سلسلة من التواقيع منها «رواية مينا» للزميلة سحر مندور، صادرة عن «دار الآداب» حشدت عدداً وفيراً من الأصدقاء والمتابعين.
غسان تويني
ليل السبت شهد المعرض ندوة غسان تويني السياسي والصحافي والإنسان، وحشدت لها جمهرة من المتابعين، وأدارتها الزميلة الأديبة مي منسى، وشارك فيها رياض طبارة وأحمد بيضون وسمير فرنجية في ذكرى غياب تويني، الذي ما زال في ضمير كل منا بفكره الساطع وعشقه للكلمة وقلبه النابض بالحرية في تقديم منسى. في مضمار الرأي هذا الحجم فيكون على هذه الدرجة من الإقدام لا في الفهم والتوقع وحسب بل في الاقتراح والمعالجة أيضا؟ بيضون يعتقد ان وفرة العطاء والحجم الذي يتخذه المعطي أمران متحدان إذ لا يستقيم للصغير الضامر النفس أن يكون عطاؤه وفيراً. بيضون عدد نتاجات تويني الكتابية وأتى على ذكر كرمه الذي أباح له ان يشمخ بقامته فيما هو لا ينفك بعلوّ الكعب لآخرين يفيض، في الواقع، عن مؤسسة «النهار»، إلى الصحافة اللبنانية كلها.
رياض طبارة تذكر في كلمته تويني وعدد محطات جمعتهما في مجلس الأمن، عندما كان الراحل رئيساً لبعثة لبنان إلى الأمم المتحدة في أواخر السبعينيات، وكان حينها موظفاً في الأمانة العامة للأمم المتحدة. صداقة بين طبارة وتويني توثقت، فكان تويني الأستاذ بين النواب وأستاذاً بين الوزراء، وفي عمله الدبلوماسي أستاذاً بين الدبلوماسيين، وظل كل حياته أستاذاً معلماً في كل أعماله.
بقاء المسيحيين في الشرق
نظمت دار «سائر المشرق» ندوة حول كتاب «بقاء المسيحيين في الشرق خيار إسلامي» لأنطوان سعد شارك فيها الوزير السابق محمد شطح والوزير السابق كريم بقرادوني والسفير السابق عبد الله بو حبيب. وأدارها الأباتي بولس نعمان بحضور حشد من المهتمين والمثقفين، وجذرها الشرق الذي هو في حالة غليان اليوم ومسرح للصراعات والمآسي المتداخلة والمتشابكة. شطح نوه بالجهد الكبير الذي قام به الكاتب لتغطية مجمل الأبعاد من تاريخية وجغرافية واجتماعية، فيما اعتبر بوحبيب ان إشكالية المساواة التامة والمحافظة على الوجود والدور الفاعل في هذا الشرق كانت دائماً هاجساً وتحدياً أمام المسيحيين المشرقيين في هذه المنطقة. بقرادوني تكلم بإيجاز عن الكتاب واعتبره كتاباً قيماً، لكنه سجّل تحفظاً على فكرة إعادة الاعتبار للتجربة العثمانية التي أوردها الكاتب في معرض مؤلفه، كما ابدى ملاحظة على عنوان الكتاب معتبراً ان بقاء المسيحيين في الشرق هو خيار مسيحي.
سحر طه
الزميلة سحر طه، رققت أمسية السبت المحشودة بالمحاضرات والندوات، وأطلقت صوتها في إطار أنشطة النادي الثقافي العربي في أمسية غنت فيها قصائد من الشعر الصوفي النسوي وعزفت على عودها ألحاناً شجية، وقدمتها ميرنا الأسطا وحضرها حشد من متذوقي الشعر والغناء.
كانت أيضاً أمسية ثقافية عمانية لبنانية أقامها النادي الثقافي في سلطنة عمان ودار الانتشار العربي وأدارها الشاعر حسن المطروشي، وشارك فيها كل من ابراهيم البوسعيدي والشاعر والناقد عبده وازن والأكاديمي العماني سعيد الصقلاوي والشاعر العماني سماء عيسى.
البوسعيدي اعتبر ان عمان كلبنان ماض تليد وتاريخ مجيد، وأشار إلى انه جاء إسلام أهل عمان السلمي والمبكر ليشكل منعطفاً مهماً في علاقة العمانيين بالدولة الإسلامية في عهد الرسول والخلافة الراشدة حيث اسهم في توحيد العمانيين. عبده وازن طرح في مستهل مداخلته «مجلة شعر اللبنانية نموذجاً في زمن ما بعد الحداثة» مشيراً إلى ان اللافت فيها انها لم تغب عن المعترك الشعري الراهن، وما برح الشعراء والنقاد يعودون إليها وإلى شعرائها وبياناتها والنظريات التي تبنتها. الصقلاوي قدّم عرضاً بصرياً تناول فيه شرائح أو ملامح من سيرة الثقافة العمانية بدءاً من ملامح حدود جغرافيا المكان إلى مصادر التعرف على ملامح الثقافة العمانية كالكتابات ونقوش وادي الرافدين والرسوم والنقوش الصخرية ومن الأدبيات كملحمة جلجامش وانكديو وقصائد انكي ونظام الكون... في الختام تلا الشاعر العماني سماء عيسى قراءات شعرية عمانية.
القدس
من أبرز أنشطة المعرض ليوم الأحد، كانت ندوة «القدس بين مشروعي التهويد والتثبيت» التي نظمتها مؤسسة القدس الدولية وشارك فيها الوزير السابق بشارة مرهج نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية، وياسين حمود، وقدمها مدير عام مؤسسة القدس الدولية بحضور حشد من المهتمين والمثقفين. مرهج نوه بالقدس التي تنظر بحزن وألم إلى كل العواصم والمدائن، فهي الوحيدة في العالم التي تسجن بكاملها خلف جدار عازل يطوقها من جهاتها الأربع، فيما اعتبر حمود ان ما من مدينة على وجه البسيطة تشهد هذا التنازع الذي شهدته القدس وما زالت إلى اليوم، فهي تعيش صراعاً بين مشروع تهويدي صهيوني إجلائي استعماري إلغائي تتبناه دولة الاحتلال الإسرائيلي، وآخر يفترض ان تتبناه الأمة العربية والإسلامية ويهدف إلى استعادة القدس من براثن الاحتلال والعودة إلى أصالتها العربية والإسلامية.
في يوم المعرض السادس، كانت أيضاً محاضرة عن «كيف نشجع أولادنا على المطالعة» ألقاها سلطان ناصر الدين، شدد فيها على تشجيع أولادنا على القراءة متبنين مجموعة من الرؤى سالكين مجموعة من الإجراءات ومنها مسؤولية الأهل والتربويين، ومسؤولية الكتّاب والناشرين ومسؤولية أولادنا، وخلص إلى انها مسؤولية مشتركة فوائدها تسري حراكاً فكرياً وجدانياً واقتصادياً، فالسعي متعاونين في الغرس والرعاية يتجلى ثماراً طيبة في أجيالنا.
أغاني بيروت
حفل فني من أغاني بيروت التراثية حشد مستمعين ومهتمين وهو من أنشطة النادي الثقافي العربي لهذا العام تحت عنوان: «البيانو بيتكلم عربي» أحياه الموسيقار نبيل جعفر عزف خلافه من مؤلفاته ومن التراث الموسيقي الشرقي والعالمي، وقدمه امسية دمشقية بحضور متذوقي الفن والموسيقى. «دار غوايات» عقدت ندوة لتكريم الروائي غسان العميري شارك فيها الشاعر طارق آل ناصر الدين والروائي الياس العطروني والإعلامي بومدين الساحلي فيما أدارتها الشاعرة إنعام الفقيه أشار فيها العطروني إلى ان العميري جاء إلى الرواية من طب الجسد فأحضر معه مناخاً خاصاً لا يتوفر لغيره. له تلك العين النقدية الصادقة والسابرة للغور في كتابات الآخرين التي يتناولها. ناصر الدين قرأ كل كتب العميري وسمع من مخزونه الشفهي ما يكفي الروايات جديدة وكثيرة، وله أسلوب شاعر وعقــل طبيب وأخلاق شيخ عشيرة. الساحلي أشار إلى ان العميري كان خطيب الحركة الوطنية في بعلبك مسقط رأسه الثاني، كما تطرق الساحلي إلى رواية العميري الأولى منوهاً بأنه صاحب لغة طرية هينة يتناسلها كأرنب ليطلقها في فضاء المعنى.
أيضاً حفل الأحد بالمحاضرات وكان آخرها: «علم معرفة الذات، الايزوتيريك، ما هي حقيقته؟» نظمتها دار «يوكي برس» وألقاها جوزيف مجدلاني مشيراً إلى انه ومع تطور الإنسان بات العلم في متناول كل من يبحث عن مكنونات نفسه لتحقيق ذاته. هذا وشهد اليوم السادس حشد تواقيع، منها «هكذا تحدث.. هكذا قال» لمنى سكرية عن مكتبة العلامة المرجع السيد فضل الله، كما صدر عن جناح المؤسسة العربية الدولي: «إني اختزلتك آدما» للشاعرة سهام الشعشاع، إلى: «في الحوار والمواطنة والدولة المدنية» لسعود المولى عن «دار المنهل» إلى الكثير من التواقيع.
عناية جابر - السفير