دفع همّ الأقليات وخصوصا المسيحيين النازحين من سوريا المبعوث السابق لأسقف كانتربري تيري ويت الى زيارة مسؤول العلاقات الدولية في «حزب الله» السيد عمار الموسوي ليل الأربعاء الخميس الماضي حيث اجتمع به ساعتين بدءا من الحادية عشرة ليلا، نظرا لاكتظاظ روزنامة مواعيده التي شملت عددا من مسؤولي الكنائس اللبنانية أيضا.
رافق ويت الرهينة البريطاني السابق في لبنان في العام 1987، عدد من الصحافيين البريطانيين الذين سطروا مقالات كثيرة في الصحف البريطانية ومنها صحيفة «دايلي تلغراف» وموقع «هيئة الإذاعة البريطانية»، معيدين التذكير باختطاف ويت من قبل منظمة يقولون إنها كانت محسوبة على «حزب الله» على مدى خمسة أعوام، على عكس ما يقول الحزب.
وذهب بعض الصحافيين الانكليز الى حد وصف ويت بأنه «يعاني من البساطة السياسية» آخذين عليه «تهوره»، حتى أن عنوان أحد المقالات كان: «لا تصدّقوا ما يقوله تيري ويت عن حزب الله»!
إلا أن ويت دافع عن نفسه بشدة، واصفا الزيارة بأنها «مصالحة مع حزب الله» وبأنها رسالة قوية «للبنان الذي ينبغي أن يبقى مستقرا بعيدا عن الزوبعة السورية».
وأخبر ويت الصحافة البريطانية «أن الموسوي كان مترددا قليلا في بداية اللقاء»، لكنه في نهايته وصفه بأنه «شجاع». وأضاف: «أنا أمضيت 5 أعوام في الخطف، وأنا المعني الوحيد بهذه المصالحة».
واللافت للانتباه، أن ويت روى انه اتصل قبل مجيئه الى بيروت بمصرفه الشخصي وأخبر المسؤولة فيه انه سيكون في بيروت في الأيام القادمة فأطرقت قليلا وقالت له: «سيّد ويت أتمنى ألا تكون قلت لي ذلك فعليا!».
إلا أن ويت الذي زار مجموعة من المسؤولين الكنسيين في لبنان لم يتردد لحظة في المجيء الى حارة حريك وزيارة مكتب مسؤول العلاقات الدولية السيد عمار الموسوي حيث جلسا وخلفهما العلم اللبناني وعلم «حزب الله».
وظّف ويت هذه الزيارة للحديث عن مأساة النازحين السوريين وخصوصا المسيحيين منهم، قال للموسوي: «أنا خائف على مسيحيي الشرق ومتألم لأوضاعهم وخصوصا الذين نزحوا منهم عبر الحدود السورية اللبنانية، وأتمنى أن تكون هناك لفتة من «حزب الله» في اتجاههم».
وتبلغ ويت في أثناء اللقاء أن «حزب الله» لا يتوانى عن مساعدة هؤلاء في مناطق عدّة وخصوصا القادمين منهم الى بعلبك وسواها من المناطق حيث يقدّم لهم ولنازحين من طوائف أخرى حصصا غذائية وتموينية بحسب إمكاناته. واقترح ويت أن يقوم «حزب الله» بمبادرة كبرى تجاه هؤلاء يكون لها صداها القوي.
وتطرّق الحديث أيضا الى «الربيع العربي»، فعبّر ويت عن «عدم إيمانه» بهذا «الربيع» مشيرا الى أنه ربيع يوحي له «باستبداد جديد وخصوصا ضدّ الأقليات الدينية على اختلافها لا سيما ضدّ المسيحيين».
وعاد الزمن بويت سنوات الى الوراء، فأعرب عن رغبته في «فتح صفحة جديدة» مع «حزب الله»، وقال إنه لا يحمل أي شعور بالضغينة تجاهه. أكثر من ذلك، أبدى ويت «إعجابه بتطوّر «حزب الله» وانفتاحه» وتطرق الى «ورقة التفاهم» بين الحزب و«التيار الوطني الحرّ»، مشيرا الى أهمية «هذا التعاون الشيعي المسيحي وهو نموذج لحوار الأديان وتعاونها».
«كانت أمسية مميزة وحميمة» تقول شخصية حضرت اللقاء. عمار الموسوي نفى قطعا أن تكون لـ«حزب الله» علاقة باختطاف ويت (كان يزور لبنان بصفته وسيطا يحاول الافراج عن الرهائن الغربيين)، وأشاد بشجاعته قائلا له: «جئت لتهدم جدرانا بيننا وهذه شجاعة منك تنمّ عن عظمة».
وفي الختام، التقط الصحافيون صورا تذكارية لويت مع مسؤول «حزب الله». وأشار ويت الى أن «حكومته (البريطانية) لا تشاطره الرأي في ما خص سلوكه تجاه «حزب الله»، حتى أن البعض في بلاده قد يعتبرونه «مجنونا» لقيامه بهذه الخطوة.
وبعد جوّ المصارحة والمصالحة، أجمع الطرفان على أن الجوّ «كان شاعريا ووديا، وقد استأنس واحدنا بالآخر».
أما الدليل القاطع فكانت البشاشة التي ارتسمت على وجهَي الرجلين والتي خلّدتها عدسات وكاميرات الصحافة البريطانية التي لم تنس كعادتها التذكير بتاريخ «حزب الله الإرهابي»!