أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

ميقاتي لن يخوض انتخابات ضد الحريري والسعوديّة

السبت 22 كانون الأول , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,549 زائر

ميقاتي لن يخوض انتخابات ضد الحريري والسعوديّة

تؤكد أوساط في فريق 8 آذار أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لن يترشح إلى الانتخابات النيابية إذا جرت وفق قانون الستين؛ لأن احتمالات نجاحه ستكون ضئيلة. علماً بأن هذه الأوساط غير مقتنعة بوجهة نظر ميقاتي، وهي على اقتناع بأنه قادر على إلحاق هزيمة بمعسكر الرئيس سعد الحريري في طرابلس، فيما لو قرر خوض الانتخابات بقانون الستين، إلى جانب الرئيس عمر كرامي والوزير محمد الصفدي والعلويين.

وبحسب الأوساط نفسها، فإن ميقاتي لا يهرب من «معركة انتخابية» خشية الخسارة، بل من مواجهة سياسية ستكون كلفتها إنزال الغضب الأميركي عليه. ويوضح أصحاب هذا الرأي أن ما يهمّ واشنطن، من كل انتخابات عام 2013، تحقيق هدف واحد، هو إيصال غالبية نيابية لـ 14 آذار، تعمل، لدى وصولها الى الحكم، على اضطلاع لبنان بالدور المطلوب منه في حصار سوريا سياسياً. وتتوقع هذه الأوساط أن تصل سياسة النأي بالنفس، مع حلول صيف العام المقبل، إلى نهاية وظيفتها دولياً؛ لأن واشنطن ستبدأ في هذه المرحلة استراتيجية خطة إسقاط النظام السوري، عبر سدّ كل منافذ تواصله اللوجستي والاقتصادي مع محيطه الجغرافي والجيوسياسي.

لكن أوساطاً أخرى، في الفريق نفسه، على تواصل دائم مع ميقاتي، تجزم بأن الرجل لن يهرب من معركة. ودليلهم على ذلك أداؤه في مواجهة تيار المستقبل، «ولو على طريقته»، منذ يوم الغضب الشهير عند تكليفه رئاسة الحكومة، وصولاً إلى «غزوة السرايا» بعد اغتيال اللواء وسام الحسن.

ميقاتي نفسه يخالف رأي القائلين بأنه لن يخوض معركة عام 2013. وهو يؤكد لـ«الأخبار» أنه ماضٍ في الترشح حتى النهاية، مهما كانت طبيعة القوانين. ويجزم بأنه لم يقل يوماً إنه لن يترشح إذا بقي قانون الستين ساري المفعول. لكنه يلفت إلى أن الهمّ الانتخابي ليس أولوية بالنسبة إليه حالياً. وهو يرى أن الفيتو الذي وضعه التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل على قانون الستين يترك الصورة ضبابية جداً بالنسبة إلى مصير الانتخابات. ويشير أيضاً في أحاديثه إلى «الحرم» الذي رفعته بكركي في وجه قانون اتفاق الدوحة.

 

خطة الانقلاب النيابي

 

ليست لدى محافل القرار الضيقة في 8 آذار أية شكوك في أن معسكر 14 آذار، بقيادة تيار المستقبل والقوات اللبنانية، ماضٍ في تنفيذ خطة جعل قانون الستين «أمراً واقعاً تشريعياً» لخوض انتخابات عام 2013 على أساسه. وعدّة هذا الفريق في ذلك، إيجاد معادلة سياسية منسقة مع واشنطن ، قوامها «إما انتخابات بقانون الستين، وإما الوصول إلى لحظة انتفاء إمكان إجرائها بقانون آخر». وتقضي هذه المعادلة بوجود خطة «كماشة» سياسية، تتناوب على تنفيذها 14 آذار وواشنطن، كل من جهته. والهدف الكامن وراء تناغم هذين الموقفين، هو حشر 8 آذار بين ضغط داخلي (المقاطعة النيابية) لإبقاء قانون الستين نافذاً بحلول موعد الانتخابات، وضغط خارجي لحشرها بالمشاركة على أساس هذا القانون، تحت طائلة اتهام المجتمع الدولي لها بتعطيل مواعيد الاستحقاقات الدستورية.

وتقدم المصادر مؤشرات على هذه «الخطة»، لافتة إلى رفع الكاردينال بشارة الراعي، بعد عودته من الفاتيكان، «الحرم الكنسي» عن قانون الستين، في تلميح إلى وجود ضغط أميركي على البابا بنديكتوس السادس عشر. والمؤشر الثاني، تراجع رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن نظرية التأجيل التقني للانتخابات لشهرين أو ثلاثة؛ إذ بات يؤكد في كواليسه أنه سيعمل لحصولها في موعدها وبالقانون المتوافر، لأنه «لا يجوز ألّا يحترم لبنان العريق بالديموقراطية مواعيده الدستورية، فيما دول الربيع العربي الحديثة التجربة الديموقراطية تذهب شعوبها إلى صناديق الاقتراع».

 

جنبلاط

 

السؤال المطروح في أوساط فريق 8 آذار، الآن، ليس «كيف ستتصرف قوى هذا الفريق إزاء «خطة» 14 آذار؟»، بل السؤال هو: «كيف سيتصرف النائب وليد جنبلاط؟».

ومن وجهة نظر فرقاء أساسيين في الأكثرية، إن الأسباب التي تجعل المختارة معنية بالإجابة عن هذا السؤال عديدة وجوهرية وتكاد تكون «وجودية»، بالمعنى السياسي، بالنسبة إلى جنبلاط. أبرزها:

أولاً، الهدف الأساسي لـ 14 آذار من الإصرار على إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين هو تحصيل غالبية نيابية من لون سياسي واحد منسجم في رؤيته السياسية للداخل والخارج (وضمنه الموقف من الحدث السوري)، واستخدام هذه الغالبية في ضرب الستاتيكو السياسي، سواء كما كان موجوداً أيام حكومة الوحدة الوطنية السابقة برئاسة الحريري، أو بواقعه الراهن المتمثل بتركيبة حكومة ميقاتي الحالية.

وترى 14 آذار أن ضرب هذا الستاتيكو لن يتحقق بمجرد حصولها على غالبية تقصي 8 آذار عن الحكم، بل بحصولها على غالبية من دون جنبلاط الذي يؤدي دور بيضة قبان التوازنات بين الفريقين الآذاريين.

ويشير أصحاب هذا الرأي إلى أن قراءة رقمية لمشروع الـ50 دائرة الذي اقترحه قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، تظهر بوضوح أن من بين أهم أهدافه حصول 14 آذار على غالبية من دون جنبلاط (72 نائباً بحسب دراسة على النتائج الانتخابية المتوقع أن يؤدي إليها تطبيق هذا القانون).

واستدراكاً، ترى 14 آذار أن امكان تحصيلها غالبية (ناقص جنبلاط) في الانتخابات على أساس قانون الستين واردة بقوة، نظراً إلى أنها ستنجح في اختراق الكتلة النيابية الحالية لـ 8 آذار في غير منطقة. ففي طرابلس، سيؤدي عدم ترشح ميقاتي إلى حصول 14 آذار على كل مقاعدها، باعتبار أن الثلاثي ميقاتي والصفدي وكرامي، يكمل بعضهم بعضاً انتخابياً، وغياب أحدهم سيصيب الجهد الانتخابي للمرشحين الباقين بتآكل كبير. كذلك تتوقع المعارضة الاختراق بمقعد في زغرتا، واثنين في كسروان، وثلاثة في المتن. وتراهن في زحلة على فوز كاسح من دون الوزير نقولا فتوش. ومحصلة هذا السيناريو تحقيق 14 آذار غالبية 66 نائباً من دون جنبلاط.

ثانياً، تسعى 14 آذار إلى التخلص من قبضة وجود جنبلاط كبيضة قبان في معادلة الحكم لأسباب عدة، أبرزها انتفاء الثقة بصمود أي تحالف معه، ولوجود توجه دولي يرى أن الزعيم الاشتراكي خسر أوراقاً كانت تعزّز قيمته الاستراتيجية كممثل للديموغرافيا الدرزية الإقليمية، لا اللبنانية فقط، بدليل أن كل نداءاته لدروز سوريا للالتحاق بالحراك السوري لم تلق آذاناً مُصغية.

هذه المعطيات تطرح سؤالاً عن قدرة جنبلاط على مواجهة إفشال مشروع سلبه امتيازات الدور الذي يؤديه داخل معادلة الحكم. والتوقع السائد هو أن يبادر إلى لعب الورقة الوحيدة التي بحوزته، وهي «توزيع تحالفاته الانتخابية»، بحيث يخوض المعركة على أساس تحالفات موضعية لا سياسية، كأن يتحالف مع 8 آذار في عاليه وبعبدا، ومع 14 آذار في الشوف وبيروت البقاع الغربي. ومن شأن هذه السياسة أن يحافظ جنبلاط، على صورته الوسطية التي تضمن له موقعه كـ«بيضة قبان» في الحكومة التي ستلي الانتخابات النيابية المقبلة. وتوفر له من جهة ثانية، تبديد إمكان حصول 14 آذار على غالبية من دونه.

ويبقى شرط موضوعي يجب توافره لتصبح استراتيجية توزيع التحالفات الانتخابية ذات جدوى لجنبلاط، هو أن تنجح 8 آذار في تثبيت مواقعها الانتخابية التي حصلت عليها في الانتخابات الماضية من دون السماح بأي اختراق لمصلحة 14 آذار. اكتمال هذين المشهدين، فيما لو حصلا، سيؤدي إلى رسم خريطة لنتائج الانتخابات، تحول دون ضرب ما يسمى الستاتيكو السياسي الذي لا يستقيم، إلا بدور للبيضة الجنبلاطية.


Script executed in 0.20540118217468