أنت تتصفح أرشيف موقع بنت جبيل

القبس: اسرائيل كانت تريد بـ1982 إقامة منطقة عازلة مع لبنان بعمق 40 كلم

الجمعة 28 كانون الأول , 2012 03:00 بتوقيت مدينة بيروت - شاهده 2,274 زائر

القبس: اسرائيل كانت تريد بـ1982 إقامة منطقة عازلة مع لبنان بعمق 40 كلم

كشفت وثائق نشرتها صحيفة "القبس" الكويتية وأفرج عنها الارشيف الوطني البريطاني، وتناولت المفاوضات التي دارت حول لبنان لجعل الجيش الاسرائيلي ينسحب من بيروت واخراج الفصائل الفلسطينية المسلحة منها، "دوراً سورياً خفياً رعاه الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد وتناول تصفية حسابات مع الغرب ومع رئيس منظمة التحرير ياسر عرفات ومع دول عربية مجاورة ومؤثرة وكيف انه لم يلتفت الى معاناة من كانوا يقتلوا يومياً في بيروت المحاصرة محاولاً الحصول على مكاسب سياسية".

وتُظهر الوثائق كيف اعطى الأسد ضمانات للأميركيين بعدم تحريك اي قوات للدفاع عن الفلسطينيين واللبنانيين في بداية الغزو الاسرائيلي للبنان في السادس من حزيران 1982 طالما التزمت اسرائيل اهدافها باقامة منطقة آمنة داخل الاراضي اللبنانية وعلى امتداد 40 كلم من حدودها.

بالفعل، وعلى الرغم من التزام منظمة التحرير بوقف إطلاق نار وصواريخ من لبنان على إسرائيل تم ترتيبه في أعقاب غارات جوية إسرائيلية وأبلغت المنظمة الوسطاء من القوات الدولية على الحدود عند الثانية، فجر السادس من حزيران أن الفلسطينيين أمروا بوقف إطلاق الصواريخ على المناطق الشمالية من اسرائيل، لكن عند السادسة صباحاً شنت الطائرات الاسرائيلية حملة جوية شاملة على مختلف مناطق الحدود ونقاط التمركز وقواعد الصواريخ الفلسطينية، وعند العاشرة اجتازت قوات محمولة على المدرعات ودبابات قدّرتها القوات الدولية بنحو 150 ناقلة جند و100 دبابة، الحدود في اتجاه صور، ومجموعة أخرى باتجاه حاصبيا لتقترب من مواقع للجيش السوري في البقاع وثالثة في اتجاه جسر الخردلي ومرجعيون.

وأفادت قوات المراقبة الدولية (يونيفيل) بإنزال إسرائيلي جوي شمال صيدا، وبتواجد إسرائيلي بحري كثيف على امتداد الشاطئ اللبناني، خصوصاً مقابل صور وصيدا.

وقدرت يونيفيل عدد أفراد القوات الإسرائيلية التي اجتازت الحدود بحوالي 30 ألف عنصر، تساندها طائرات غير محدودة العدد.

وفي السابع من حزيران تسلّم الرئيس الأميركي رونالد ريغان، برقية من رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن، نُقل جانب منها الى البريطانيين عبر السفارة في واشنطن، يبلغه فيها بأهداف العملية، وهي إقامة منطقة عازلة على امتداد الحدود مع لبنان، وبعمق 40 كلم لمنع "الإرهابيين" من ترويع المواطنين الإسرائيليين في الجليل.

ووفق برقية من السفارة البريطانية في تل أبيب الى وزارة الخارجية في لندن، وأرسلت نسخ عنها إلى كل من السفارات البريطانية في دمشق والقاهرة وعمان وبيروت، استشهد بيغن بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وبما فعلته بريطانيا لشن الحرب على الأرجنتين واستعادة جزر فوكلاند.

وشدد بيغن على أن القوات السورية لن تهاجم ما لم تتصد للقوات الاسرائيلية المتقدمة نحو لبنان. واشار الى ان الحكومة الاسرائيلية تريد توقيع معاهدة سلام مع الدولة اللبنانية المستقلة، وقال إن الحكومة الإسرائيلية وافقت على دفع القوات الى لبنان في اجتماع مساء السبت.

ولم يحدد بيغن في رسالته أين تبدأ مسافة الـ40 كلم؟ هل من الحدود أم من منطقة يشرف عليها الرائد سعد حداد، قائد جيش لبنان الجنوبي المنشق عن الجيش اللبناني والمرتبط باسرائيل، أم من منطقة نهر الليطاني.

وأفادت البرقية بأن العملية العسكرية نالت شبه إجماع في إسرائيل، كما أيد اسحق رابين زعيم حزب العمل العملية، ونادى بعدم وقف النار حتى "تتوقف الأعمال الإرهابية ضد إسرائيل من لبنان وفي الخارج"، في إشارة إلى محاولة اغتيال السفير آرغوف في لندن.

وحده الحزب الشيوعي الإسرائيلي دان العملية، وقال إنه مغامرة خطرة، وقد لا تكون محدودة، في حين أيدت الأحزاب الأخرى الممثلة في الكنيست عملية عسكرية محدودة الأهداف وسريعة.

وأبلغت إسرائيل السوريين عبر قنوات دبلوماسية (الأميركيون والبريطانيون) أن العملية غير موجهة ضدهم، وقبل الرئيس حافظ الأسد الأمر طالباً عدم مهاجمة الجيش السوري في البقاع أو في غيره من المناطق.

وأشار الدبلوماسي البريطاني السفير روبرت موبرلي، الذي أصبح لاحقاً سفيراً في العراق، الذي كتب البرقية، ان الاعتقاد السائد في تل ابيب أن العراق، وبإيعاز من صدام حسين طلب من أبونضال تنفيذ عملية ارغوف لإحراج البعثيين السوريين وجعل الأسد أضحوكة في العالم العربي.

ولاحظ موبرلي أن الحكومة الإسرائيلية ستتجاهل أي محاولة دولية لوقف إطلاق النار قبل تنفيذ الأهداف التي حددها وزير الدفاع ارييل شارون ووافق عليها مجلس الوزراء، وهي تتمثل في إبقاء نيران المدفعية الفلسطينية والصواريخ بعيداً عن الأهداف الإسرائيلية في الجليل.

وقال إن الإسرائيليين يريدون حزاماً آمناً في الجنوب، لكنهم لا يريدون البقاء طويلاً هناك، ويفضلون أن تحل قوات دولية في المنطقة التي سينسحبون منها بعد تدمير البنية التحتية للفلسطينيين.

وأشار إلى أن فيليب حبيب الموفد الأميركي الذي عيَّنه الرئيس رونالد ريغان للتوسط في الأزمة، سيقابل وزير الخارجية الإسرائيلي إسحق شامير ومن ثم رئيس الحكومة مناحيم بيغن في هذا الشأن "وأبلغني مدير عام الخارجية ديفيد كيمحي بأنهما سيبلغانه بالأهداف".

وفي برقية ثانية، حملت تاريخ 7 حزيران 1982، قال السفير موبرلي إن كيمحي أبلغه أن "الاعتداء على أرغوف كان القشة التي قصمت ظهر الجمل"، وأنها تسببت في استعجال العملية العسكرية الإسرائيلية بعدما شهدت زيادة في الاعتداءات عليها منذ وقف لإطلاق النار تم التوصل إليه في تموز 1981، خصوصاً في الخارج.

وادعى كيمحي أن إسرائيل تصرفت مثل بريطانيا التي سارعت إلى حماية مواطنيها في جزر فوكلاند، وأن الأهداف الإسرائيلية البعيدة المدى هي تحقيق سلام دائم وطويل المدى كالذي تحقق في الجولان مع حكومة الأسد.

وشدد السفير البريطاني على أنه أبلغ كيمحي أن المقارنة مع ما تم في فوكلاند لا يمت إلى الواقع بصلة، وأن ما فعلته بريطانيا كان لحماية أراض بريطانية، في حين أن الأراضي اللبنانية ليست إسرائيلية على الإطلاق لشن حملة عسكرية فيها.

وتحدث كيمحي عن خيارات أربعة بعد وقف إطلاق النار وانتهاء العملية العسكرية الإسرائيلية، بينها وضع قوات دولية مثل تلك التي شكلت للإشراف على تنفيذ الهدنة في سيناء، وتشكيل حكومة لبنانية قادرة لا تسيطر عليها منظمة التحرير، وإنهاء الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان.

وشدد على أن إسرائيل لن توافق على تجريد قوات الرائد حداد من سلاحه وحل جيش لبنان الجنوبي قبل الاستقرار النهائي للوضع، ملمحاً إلى أن الجيش الإسرائيلي قد يبقى في لبنان لفترة موقتة لم يحدد مداها.

وتحدث كيمحي، عرضاً، عن تحريك سوريا دبابات ومدرعات إلى مناطق في البقاع الجنوبي، ولكنه شدد على أن إسرائيل لا تعتقد أن السوريين سيدخلون المعركة، وأن تعزيزات الدبابات السورية في المنطقة هدفها إعلامي فقط، خصوصاً أن أي قوات سورية لم تُحرك في منطقة الجولان، كما لم تُعلن هناك أي حالة تأهب.

وتضمنت الوثائق بعض ما جاء في تصريحات مسؤولين روس نقلتها وكالة أنباء "تاس" السوفيتية من موسكو في 7 حزيران، وجاء فيها إدانة للغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان. واتهمت موسكو الولايات المتحدة ودول الأطلسي بمباركة العملية العسكرية الإسرائيلية.

وطلب السوفيات وقف الأعمال الحربية، وانسحاباً إسرائيلياً فورياً من الأراضي اللبنانية، لأن الغزو "سيعيد الغليان إلى منطقة الشرق الأوسط ما يهدد الاستقرار في العالم".

ولاحظت الدبلوماسية البريطانية أن بيان "تاس" لم يكن بالقوة المعتادة على الرغم من أن الصحافة السوفياتية وصفت ما يجري بأنه الحرب العربية الإسرائيلية الخامسة، وأنها حرب إبادة إسرائيلية جديدة. وقالت إن موسكو لم تُشر على الإطلاق إلى انعكاسات الغزو على تنفيذ اتفاقات كامب ديفيد كما لم تُشر إلى مصر على الإطل


Script executed in 0.18090605735779