والحماقة التي لا يمكن وصفها بالخطوة الجريئة، تنقصها الحكمة الكافية، بل ربما تنقصها الحيلة أيضاً. لأن لجوء العدو الى عدوان صريح، وشنّ طائراته غارة مباشرة على سيارات تقل عدداً من كوادر المقاومة الإسلامية ومجاهديها في مناطق محاذية للجولان المحتل، يعني أن العدو لا يملك ساعة يشاء الأدوات التي لجأ إليها خلال السنوات الماضية، عندما أقدم على عمليات اغتيال لمقاومين، لكن من خلال عمليات أمنية، جعلته غير مضطر الى تحمل مسبق للمسؤولية عن الجريمة، وعن رد الفعل الآتي عليها.
المقاومة، نعت ستة من الشهداء، أبرزهم القائد الميداني محمد أحمد عيسى، وجهاد مغنية، نجل القائد العسكري السابق في المقاومة الشهيد عماد مغنية، وأربعة من العاملين ضمن تشكيلات المقاومة المنتشرة في بعض مناطق سوريا. وجاء استشهادهم إثر قصف بصاروخين أطلقتهما مروحية إسرائيلية على سيارات تقلهم على طريق داخل منطقة القنيطرة.
بيان المقاومة لم يضف على النعي أي عبارة سياسية تعكس تفكير قيادة المقاومة في الخطوة التالية. لكن كل الأجواء التي سادت إثر الجريمة، وطبيعة الاستنفار القائم من جانب العدو، ثم استنفار دبلوماسي لم يظهر بكامل عناصره بعد، بغية احتواء الموقف، تدل على أمر واحد، وهو أن المقاومة سترد، وسيكون ردّها موصوفاً أيضاً. وسيشهد العدو وجنوده وشعبه على رد واضح، لا حاجة لأحد للبحث عن شكله وكيفيته وتوقيته ومكانه.
على أن الأسئلة الرئيسية التي واكبت عدوان أمس، ركزت على الأسباب التي وقفت خلف هذه المغامرة الإسرائيلية: هل هي في سياق دعم العدو للمجموعات المسلحة المناهضة للحكومة السورية؟ هل هي في سياق توجيه رسالة الى حزب الله لكي يحدّ من انخراطه في معركة الدفاع عن الخيار السياسي الذي تمثله الحكومة السورية؟ هل هي في سياق مواجهة ذات بعد استراتيجي بين إسرائيل وحزب الله بعدما بات الجميع يتصرف على أساس وحدة الجبهة الشمالية بين لبنان وسوريا من جهة، وبين العدو من جهة ثانية؟ هل هي في سياق انفعال إسرائيلي مرتبط بالانتخابات الداخلية، أو الحوار الأميركي ــ الإيراني، أو بغية إدخال عناصر جديدة تعيد إسرائيل الى المشهد الإقليمي الذي تديره الولايات المتحدة مباشرة؟
سيكون أمام الجميع، وخصوصاً أمام قيادة المقاومة، ما تحتاج إليه من وقت لرسم الإطار المنطقي لما جرى أمس بالقرب من الجولان، وهو الإطار الضروري لرسم إطار الرد المطلوب، ولوضع سياق له، يناسب حتماً، مصلحة محور المقاومة قبل أي شيء آخر.
الاخبار