وهو ما قد يضعف خيار التدخّل البريّ من جانب المملكة، خصوصاً في ظلّ حراك ديبلوماسي متعدد الأطراف يسعى للوصول إلى حلّ سياسي يجنّب البلاد مزيداً من الخسائر في الأرواح والبنى التحتية.
وبينما كانت الغارات السعودية توزع ضرباتها على كل الأنحاء اليمنية، استهدف تفجير بسيارة مفخخة مركز شرطة بيحان، الذي تسيطر عليه «أنصار الله» في محافظة شبوة شرق اليمن، ما أدى إلى مقتل 40 عنصراً من «اللجان الشعبية» التابعة للجماعة، كانوا يتمركزون هناك.
وفي إطار المساعي الديبلوماسية، دعا وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والعماني یوسف بن علوي، خلال مكالمة هاتفية، إلى اتخاذ خطوات فوريّة لوقف جميع العمليات العسكرية في اليمن، وأعربا عن قلقهما إزاء استمرار هذه العمليات التي أدت إلى مقتل مئات المدنيين وتفاقم الكارثة الإنسانية هناك.
ووفقاً لبيان وزارة الخارجية الروسيّة، فإنّ الوزيرين اتّفقا على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات فورية لوقف جميع العمليات العسكرية وتفعيل الجهود لإيجاد حلّ سياسي للأزمة اليمنية، وفي هذا السياق أكد الوزيران أهمية دور الأمم المتحدة للتوصل إلى مصالحة يمنية داخلية واستئناف الحوار الوطني.
في هذا الوقت، أعلن وزيرالخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أنّ بلاده تبحث مع دول الخليج إيجاد حلّ سياسي في اليمن، مشيراً، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوداني محمد علي أحمد كرتي في أنقرة، إلى أنّ «على تركيا وإيران والسعودية إيجاد حل سياسي في اليمن، وضمان وقف إطلاق النار، وإرسال مساعدات إنسانية، والبدء بمفاوضات تفضي إلى نتائج، وتكوين نهج إداري في اليمن يشمل الجميع»، فيما أكّد أنّ «الموقف التركي يتطابق مع الموقف الإيراني بشأن التعاون في هذه القضايا، والآن نتباحث مع دول الخليج العربي وسنواصل ذلك».
وبرغم إعلان الحكومة الباكستانية التزامها بأيّ قرار يصدر عن البرلمان، استمرّت الرياض في ممارسة ضغوطها بعدما اعتبرت أنّ «الموقف الذي أعلن هو موقف البرلمان، والحكومة الباكستانيّة لم تعلن موقفاً رسمياً حتى الآن»، بحسب ما صرّح المتحدث باسم «التحالف» أحمد عسيري، مضيفاً أنّ «انضمام القوّات الباكستانية إلى التحالف، يصبّ في مصلحة اليمن الشقيق والمواطن اليمني».
ولكنه أشار إلى أنّ «العمليات مستمرة، وإن أضيفت إليها القوات الباكستانية فهي إضافة، لكن عدم وجودها لن يؤثّر على سير العمليات بشكل أو بآخر.. الجيش الباكستاني معروف بقدراته وإمكاناته، لكن أؤكد أن القوّات الأخرى المشاركة من التحالف لا تقلّ كفاءة ولديها التجهيزات والإمكانات الكافية لمواجهة أيّ نوع من التهديدات والتعامل مع أيّ نوع من التضاريس وفي جميع البيئات القتالية».
وبعد خمسة أيام على بدء الجلسات الماراثونية، صوّت البرلمان الباكستاني بالإجماع لمصلحة قرار يحثّ الحكومة على التزام الحياد في الأزمة اليمنية، رافضاً طلب السعودية مشاركة إسلام آباد في «التحالف» العسكري الذي تقوده.
وبدلاً من الدعم العسكري، دفعت باكستان في اتجاه بذل جهود ديبلوماسية بعد محادثات مع مسؤولين إيرانيين وأتراك زاروا إسلام آباد في محاولة لتمهيد الطريق أمام تسوية من شأنها أن تنهي الحرب، إذ دعا القرار، الذي تبناه البرلمان، الحكومة إلى بدء العمل مع مجلس الأمن الدولي و «منظمة التعاون الإسلامي» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن.
وفيما حثّت غالبية النواب رئيس الحكومة نواز شريف على عدم إرسال قوّات باكستانية للانضمام إلى القتال، أكّد القرار الذي تم تبنّيه خلال جلسة استثنائيّة للبرلمان، أنّ على باكستان أداء دور الوسيط وعدم التورّط في القتال.
وينص القرار على أنّ «برلمان باكستان .. يؤكّد ضرورة مواصلة جهود الحكومة الباكستانية لإيجاد حلّ سلميّ للأزمة»، كما يؤكّد البرلمان في قراره أنّه «يرغب في أن تحافظ باكستان على الحياد في النزاع الدائر في اليمن، ليكون بمقدورها القيام بدور ديبلوماسي فعّال لإنهاء الأزمة»، معرباً، في الوقت ذاته، «عن دعمه الكامل للمملكة العربية السعودية، ويؤكد أنه في حال انتهاك سلامة أراضيها أو وجود أي تهديد للحرمين الشريفين، فإنّ باكستان ستقف كتفاً بكتف مع السعودية وشعبها».
وفي غضون ذلك، أنهى أمير قطر تميم بن حمد زيارة إلى السعودية، التقى خلالها الملك سلمان وولي ولي عهده محمد بن نايف، و «الرئيس» اليمني، اللاجئ في السعودية، عبد ربه منصور هادي في لقاءات منفصلة، مؤكداً «مواصلة دعم بلاده وتضامنها مع الأشقاء في حماية اليمن وأمنه واستقراره».
كما تفقّد تميم، خلال الزيارة، غرفة العمليات الرئيسية لـ «عاصفة الحزم» في مطار قاعدة الرياض الجوية، واستمع إلى إيجاز حول «الخطط والعمليات العسكرية الجوية والأهداف التي حقّقتها قوى التحالف»، وفقاً لوكالة الأنباء القطرية الرسمية.
وبعد زيارته باكستان، التي استغرقت ثلاثة أيام، بحث وزير الدفاع المصري الفريق أول صدقي صبحي مع نظيره السعودي محمد بن سلمان في الرياض «المشاركة العسكرية لمصر في عاصفة الحزم، وسبل تعزيز العمل العسكري المشترك في التحالف بما يحقق أهداف العملية العسكرية»، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء السعودية – «واس».
وفي اليوم السادس عشر على بدء الحرب، واصلت مقاتلات «التحالف» غاراتها على طول البلاد، وتركّزت خصوصاً في عدن، التي تحاول استعادتها عبر تسليح الميليشيات الموالية لهادي لقتال جماعة «أنصار الله» التي تسيطر على المدينة.
ووصف سكان المدينة الغارات على عدن بأنّها «الأعنف» منذ بداية الحملة العسكرية، فيما أكّد آخرون أنّها استمرت طوال ليل أمس، واستهدفت خصوصاً مقر بلدية دار سعد عند المدخل الشمالي للمدينة، فيما أكدت مصادر في قطاع الطاقة أنّه تم إغلاق مصفاة عدن النفطية البالغة طاقتها 150 ألف برميل يومياً بسبب تفاقم الصراع.
وفي عتق كبرى مدن محافظة شبوة شرق عدن، حيث تسيطر الجماعة، كانت الغارات عنيفة، وقصفت الطائرات مطار المدينة وقاعدة عسكرية ومستودعاً للأسلحة.
وفي هذه الأثناء، حطت أول طائرة للجنة الدولية للصليب الأحمر محملة بـ16 طناً من المساعدات الطبية في صنعاء، قبل أن تتبعها طائرة أخرى لصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
من جانبها، طلبت الأمم المتحدة، أمس، «هدنة إنسانيّة فوريّة لبضع ساعات» على الأقل يومياً، للسماح بنقل مزيد من المساعدات إلى اليمن.
(«السفير»، رويترز، أ ف ب، «الأناضول»)
السفير بتاريخ 2015-04-11 – الصفحة الأولى