في سياق متقاطع مع ما كانت “المستقبل” قد كشفته الشهر الفائت، يزور وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان بيروت بعد غد الاثنين للإشراف على تسليم الشحنة الأولى من الأسلحة الفرنسية المقدمة الى الجيش اللبناني في إطار صفقة “دوناس” المموّلة من المملكة العربية السعودية بقيمة 3 مليارات دولار. وسيكون لبنان المحطة الثانية للودريان في المنطقة يوم الاثنين بعد مروره يومي السبت والأحد في الأردن حيث سيزور عناصر الجيش الفرنسي وخصوصاً فرق الطيارين التي تقود سرب الـ”ميراج” المشارك في عمليات التحالف الدولي ضد “داعش” في العراق وسوريا.
واطلعت “المستقبل” من أوساط وزارة الدفاع الفرنسية على التفاصيل الدقيقة ليس لمحتوى الدفعة الأولى التي ستُسلم الاثنين فحسب، بل أيضاً الدفعات التالية التي ستُرسل الى لبنان على مدى أربع سنوات. وهنا ملخص عنها: الدفعة التي يتسلمها الجيش اللبناني الاثنين تتضمن 48 صاروخاً مضاداً للدبابات من طراز “ميلان” (الفرنسي – الألماني الصنع) مع قاعدات إطلاقها. وعلمت “المستقبل” أن الصواريخ الـ48 وقواعدها مأخوذة من ترسانة الجيش الفرنسي، وذلك استجابة للحاجة الملحة الى هذه الأسلحة التي يحتاجها الجيش اللبناني على وجه السرعة.
وفي الدفعات التالية سيتسلم الجيش ما مجموعه 250 آلية مدرعة من طراز “شربا” و”في آي بي مارك 3″ و”في بي سي 90″ و”في بي ال”، و24 مدفعاً من طراز “قيصر” عيار 155 ملم ومدافع هاون وصواريخ مضادة للدبابات وصواريخ أرض جو و7 مروحيات عسكرية من طراز “كوغار” وأجهزة رادار وطائرات مراقبة بدون طيار وأنظمة تنصت وتشويش وثلاثة زوارق حربية سريعة من طراز “اف اس 56″. هذه القطع البحرية سيتم تسليمها في أواخر العام 2017 ومطلع العام 2018، وطول الواحدة منها 56 متراً مزودة بمدفع عيار 76 ملم ومدفعين عيار 20 ملم ومنظومة “سيمباد” المضادة للطائرات يمكنها استيعاب صاروخين مضادين للطيران من طراز “ميسترال 2″.
وتستمر عمليات تزويد الجيش اللبناني بهذه الترسانة على دفعات خلال السنوات الأربع المقبلة، على أن يتم إرسال مدربين من الجيش الفرنسي لتدريب عناصر الجيش اللبناني على استخدام هذه الأسلحة. وتستغرق فترة التدريب 7 سنوات، أما عمليات الصيانة فيقوم بها أخصائيون فرنسيون على مدى عشر سنوات.
وسيلتقي لودريان رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء تمام سلام ونائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي، كما يعقد مؤتمراً صحافياً مع وسائل الإعلام في قصر الصنوبر قبل مغادرته بيروت.
وقال مصدر في وزارة الدفاع الفرنسية لوكالة “فرانس برس”: “إن ما يجري العمل عليه هو ضمان قيام جيل جديد من العسكريين اللبنانيين. هذا ما يريده اللبنانيون وما نريده نحن والسعوديون”. وأشار الى أن مئات الضباط وضباط الصف والجنود سيتابعون تدريبات في فرنسا ولبنان حول كيفية استخدام هذه الأسلحة وأيضاً الاطلاع على قواعد العمل العسكرية، أي كل ما يجب أن يتقنه جيش حديث، وكل ما يجب أن يعرفه الجيش اللبناني لتقديم أداء أفضل.
أضاف المصدر: ان هذه الصفقة تختصر بالآتي «ساعدونا في إعادة صقل جيش لبناني قادر على مواجهة وقائع أمنية لم تعد هي نفسها التي كانت قائمة قبل 15 عاماً. ولفت الى أنه إضافة الى صفقة السلاح للجيش اللبناني يجري حالياً حوار حول تدريب وحدات عسكرية أردنية من النخبة.
وأكد المصدر أن الجيش الفرنسي سيعمل الى جانب الجيش اللبناني طوال سبع سنين وهذا يعطينا درجة عالية من التأكيد أن هذه المعدات ستُستخدم بشكل جيد. وأوضح مصدر في محيط الوزير لودريان أن فرنسا التي تشارك بفاعلية في الحرب ضد الجهاديين في منطقة الساحل الأفريقي والعراق، تريد تقديم الدعم الى الأردن ولبنان اللذين تأثرا أكثر من غيرهما بتداعيات الحرب السورية «وحيث تحتاج الأجهزة الأمنية فيهما الى دعم من شركاء خارجيين.
ويبدو أن صفقة السلاح الفرنسية الى لبنان أثارت تحفظات لدى إسرائيل التي أعربت عن خشيتها من وقوع قسم من هذه الأسلحة في أيدي عناصر “حزب الله”. وقال مسؤول إسرائيلي لـ “فرانس برس” طالباً عدم الكشف عن اسمه: نتفهم حاجة الجيش اللبناني الى تعزيز قدراته، إلا أننا نعرف تماماً أن هذا الجيش مخترق كثيراً من “حزب الله”.