بالتزامن مع القلمون كانت جبهة جسر الشغور تشهد تقدّم حشود الجيش السوري نحو خطوط الاشتباك، وصارت المسافة الفاصلة للقوات السورية عن المستشفى الوطني في جسر الشغور المحاصر تقارب الكيلومتر الواحد، حيث توقعت مصادر متابعة في دمشق أن تحمل الأيام القليلة المقبلة المزيد من التطورات في معركة جسر الشغور يتغيّر معها المشهد العسكري الذي فرضه دخول «جبهة النصرة» إلى إدلب وجسر الشغور.
المعركة الأكبر
تُتابع العمليات التمهيدية من قبل رجال المقاومة والجيش السوري لمعركة القلمون الأساسية بنجاح تام، حيث تمكن هؤلاء خلال 48 ساعة من الوصول للسيطرة على مراكز أسلحة ومستودعات ذخيرة وتدمير ثلاثة معسكرات كبيرة تديرها «جبهة النصرة» إضافة إلى تفكيك عشرات الألغام والعبوات الناسفة في الجبة وجرود بريتال، وعسال الورد التي تعتبر منطقة استراتيجية على الجانب السوري من منطقة جبل القلمون، ما أدى إلى انسحاب الإرهابيين إلى فليطا في الشمال. وسألت مصادر مطلعة عبر «البناء» هل يدخل الإرهابيون إلى جرود عرسال ورأس بعلبك، وما هو الدور الذي سيقوم به الجيش اللبناني في هذه الحالة؟
وكانت قوات الجيش السوري والمقاومة أحرزتا تقدماً في جرود الجبة في القلمون بعد سيطرتهما على 40 كيلومتراً مربعاً منها، وبسطت سيطرتها على نصف مساحة الجرد للجبة وتمت السيطرة على تلال ثلاث: هي قرنة المعيصرة وتلة الدورات وعقبة أم الركب، هذا فضلاً عن تقدم حزب الله باتجاه مشارف مرصد الزلازل في منطقة الجبة التي تعد من المواقع المهمة إستراتيجياً، ووصوله إلى سفح «تلة موسى» الاستراتيجية أعلى تلة في جرود فليطة والذي يعني شل حركة المسلحين في جرود عرسال من الناحية الشرقية بالإضافة إلى كشف كل المعابر غير الشرعية التي تربط جرود فليطة بجرود عرسال وقطع خط الإمداد والمؤازرة بين الجردين.
وأكد مصدر عسكري لـ«البناء» أن حزب الله والجيش السوري في مرحلة الاستعداد والقضم وتثبيت النقاط التي تم السيطرة عليها واستكشاف النقاط الأخرى عبرها وتطويقها تمهيداً للهجوم الثاني أي التدمير، لافتاً إلى «أن المعركة الأكبر ستبدأ خلال ساعات، فحزب الله والجيش السوري يقومان بقطع الأوصال بين المجموعات المسلحة وشل حركتها والتمركز في نقاط حاكمة لمنع تسللها».
وأشار المصدر إلى أن «الجيش السوري وحزب الله سيطرا على عسال الورد وتلال الجبة ومنطقة قرنة نحلة التي تفصل المسلحين الموجودين في الزبداني والمجموعات الأخرى الموجودة في جرود بريتال وتحديداً في منطقة الميدعا التي سيطر عليها الجيش السوري وبالتالي فصل جرود بريتال وفليطا عن الزبداني، متوقعاً أن تكون المعركة المقبلة في جرود بريتال وعلى حدود فليطا».
حرب عصابات
وشرح المصدر واقع المنطقة وطبيعتها الجغرافية، مؤكداً «أن حزب الله والجيش السوري يخوضان حرب عصابات مع هذه المجموعات تتطلب البحث عن المسلحين في الأوكار والكهوف ليتم تطويقهم وتدميرهم لاحقاً فهم ليس لديهم مواقع وثكنات عسكرية كالجيوش بل يختبئون في المغاور والأودية». وأوضح: «أن المسلحين يتمركزون في نقطة حي العين وهم في وضع سيئ ويحاولون خرق الطوق وفتح الثغرات والطريق الوحيدة أمامهم للانسحاب هي وادي بردة والزبداني التي يسيطر على نصفها الجيش السوري».
وأشار متابعون للمعركة لـ«البناء» إلى «أن هذه المعركة التي يتم الإعداد لها منذ ثلاثة أشهر، بدأت منذ أربعة أيام، بمعركة تمهيدية، على مراحل، تهدف إلى تحقيق السيطرة على الجرود الواقعة بين لبنان وسورية والتي يستخدمها المسلحون للمرور، ونقل السيارات المفخخة لاستهداف المدنيين».
ولفت المتابعون إلى «أن المعركة ستصوب الوضع الأمني بالمعنى العام، فتقدم المسلحين في جسر الشغور وإدلب، لا يعني أن الواقع العسكري في القلمون سيكون لمصلحتهم. واعتبرت المصادر «أن معركة القلمون مقررة سواء حصلت معركة جسر الشغور أو لم تحصل»، مشددة في الوقت عينه على «أن تحرك حزب الله والجيش السوري وقيامهما بعملية استباقية سيعيد التوازن لمصلحة محور المقاومة، هذا فضلاً عن أن الانتصار في هذه المعركة من شأنه أن يربط بين شمال سورية وجنوبها، ويؤمن حماية لبنان ويمنع تمدد الإرهابيين إليه».
وأكد المتابعون «أن حزب الله حقق نجاحات هائلة بوقت قياسي خلافاً لبعض التكهنات من أن هذه المعركة ستكون هزيمة لحزب الله». وذكر المتابعون بـ القرار الدولي الذي يعتبر «أن هذه المنطقة حاجة استراتيجية للضغط على دمشق»، ولفتوا إلى أنه على رغم إغداق المسلحين الإرهابيين بالسلاح والعتاد، فإن حزب الله تمكن من تحقيق جزء كبير من الأهداف المعلنة للمعركة والمتمثلة بحماية القرى اللبنانية في السلسلة الشرقية بريتال، الطيبة، نخلة، حام، النبي شيت، مشاريع القاع بالإضافة إلى حماية كافة المناطق اللبنانية من التفجيرات والعمليات الانتحارية لا سيما أن هدف الإرهابيين كما أعلنوا مسبقاً الانقضاض على لبنان بعد سورية». واعتبروا «أن الإرهاب قائم ويستهدف لبنان منذ اليوم الأول للأزمة السورية، لافتين إلى «الدعم السياسي للمجموعات الإرهابية من قبل بعض القوى السياسية التي تُرتهن في قراراتها ومواقفها لجهات إقليمية ودولية». ورأوا «أن الحديث عن أن المعركة ستستجلب السيارات المفخخة مجدداً إلى الضاحية والمناطق اللبنانية هو كلام ديماغوجي يبغي التبرير للمسلحين، لا سيما أن المسافة بين مشاريع القاع والمصنع تبلغ 80 كلم والتعزيزات العسكرية التي اتخذت لم تضع حداً للمعابر غير شرعية، فجغرافية المنطقة صعبة وهناك الكثير من الهضاب والوديان، وبالتالي قد تكون تلك السيارات دخلت خلال الأشهر الماضية عبر هذه المعابر وليس في الأيام القليلة الماضية»، معتبرة «أن أي تفجير أمني في لبنان ينتظر القرار الإقليمي».
البناء