اصطياد سمكة قد يتجاوز وزنها المئة كيلو غرام ليس بالأمر السهل، والخبرة التي اكتسبها هؤلاء أصبحت الآن تضاهي الخبرات العالمية، حتى أنهم استطاعو تطوير وسائل الصيد، كالخيوط والسنانير حتى الطعوم نالت حصتها.
استطاعت التونة بمرورها الموسمي، مرتين في العام بين شهري نيسان وايار، وبين التشرينين، أن تخلق حالةً من جنون الصيد لدى اللبنانيين. حتى بات مشهد مئات القوارب من مختلف الأشكال خلال موسم التونة مألوفاً بالنسبة إلى رواد الشواطئ. يبحر الصيادون إلى مسافات قد تناهز الـ10 كيلومترات في بعض الأحيان، بعد أن يزوّدوا مراكبهم بمحركات كبيرة وخزانات وقود هائلة تملأ بالكامل لتسهيل مهمة اللحاق بمجموعات التونة التي تتمتع بسرعة وقوة بدنية هائلتين. حتى المعدات المستعملة كقصب الصيد، والمجهزة بماكينات تحوي مئات الأمتار من الأسلاك والطعوم الاصطناعية والأحزمة، تكون مصنعة خصيصاً لاصطياد الأسماك الكبيرة.
تتراوح أحجام التونة بين الـ10 والـ150 كيلوغراماً، وهي تمتاز بأجساد تشبه الطوربيد ما يسهل عليها الحركة خلال الصيد، ويقلّل الاحتكاك داخل الماء كما يساعدها خلال فترات هجرتها عبر المحيطات. ويمتاز هذا النوع من التونة بطعم ممتاز واستعمالات عدة في مختلف المطابخ العالمية، الأمر الذي جعل منه هدفاً للصيادين وهواة المأكولات البحرية.
يمكن من يرغب مرافقة المراكب المجهزة خلال موسم التونة للمشاركة في عمليات الصيد
ممارسة الصيد لا تقتصر فقط على الهواة، بل يمكن من يرغب بالحصول على جرعات من الأدرينالين مرافقة المراكب المجهزة خلال موسم التونة للمشاركة في عمليات الصيد، إذ يؤمن ربان القارب المعدات اللازمة للراغبين بالتجربة، بالإضافة إلى وجبات خفيفة تساعد في مواجهة الشمس والتعب الناتج من معركة اصطياد التونة التي قد تصل إلى ساعة لكل سمكة، مقابل مبلغ يناهز الـ700 دولار لمجموعة مؤلفة من أربعة أشخاص.
لا تكتفي هذه المجموعات بتنظيم رحلات الصيد خلال موسم التونة القصير نسبياً، فهم أيضاً يصطحبون هواة النوع في رحلات لممارسة الصيد بالطعم أو ما يطلقون عليه اسم البولص. حيث تتجه القوارب إلى البحر وتقف عند نقاط محددة يتم الوصول إليها باستعمال أجهزة الـgps. إذ تكون الأعماق متنوعة وقد تصل إلى الستين متراً يتم الوصول إليها عبر قصبة مجهزة ببكرات وأسلاك تجعل من قعر البحر هدفاً سهلاً. تعلّق الطعوم على خطافات صغيرة لاصطياد الأنواع المختلفة، فلكلّ فصيلة طعمها المفضل، كالمرمور الذي يأكل الدود أو الفئران التي تفضل القريدس وحتى الفريدي الشهير بطعمه اللذيذ يقع فريسة خطافات تحمل قطع الدجاج.
لا يحتاج هاوي الصيد إلى خبرة كبيرة في رحلات كهذه، إذ يقتصر عمله على إسقاط طعمه في الأماكن التي يحددها ربان المركب وسحب الأسماك التي تعلق. وقد بدأت هذه الرحلات تلاقي رواجاً كبيراً لوفرة أسماكها وسهولة صيدها وكلفتها المتدنية إضافةً إلى أنها قد تخاض في النهار والليل، ما يفسح المجال أمام الذين يعملون في النهار المشاركة في هذا النشاط. أما الأسعار المنخفضة التي لا تتعدى الـ420 دولاراً لمجموعة من ثمانية أشخاص جعلها المتنفس الأمثل لمن يرغب باصطياد عشائه من دون دفع المبالغ الباهظة.
حسان الرفاعي
الأخبار - بلدي
العدد ٢٦١٢ الخميس ١١ حزيران ٢٠١٥
http://al-akhbar.com/node/235251